الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"الكيمجونغونية" تحظر الانتحار.. كيف يفرض زعيم كوريا الشمالية إيديولوجيته على شعبه؟

صدى البلد

في الآونة الأخيرة، أصدر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون قانونا جديدا يهدف إلى منع ومكافحة ظاهرة الانتحار التي تزداد في بلاده. ووفقا للقانون الجديد، سيتعرض المنتحرين وأسرهم والمجتمع إلى عقوبات صارمة تشمل السجن والغرامات والإقصاء من المناصب والامتيازات.

ويرى الزعيم الكوري أن الانتحار هو عمل جبان وخائن وغير وطني، يضر بالثورة والشعب والقائد. ويعكس هذا القانون رغبة كيم جونغ أون في تعزيز سلطته وشرعيته كقائد عظيم، وفرض إيديولوجية جديدة هي "الكيمجونغونية" على شعبه. حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي".

السياق والدوافع

ولا يأتي إصدار زعيم كوريا الشمالية لهذا القانون من فراغ، بل يندرج في إطار الأزمة الاقتصادية والغذائية والصحية التي تواجهها بلاده منذ سنوات. فكوريا الشمالية تعاني من عزلة دولية بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، وتحت ضغط عقوبات مشددة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

كما تضررت كوريا الشمالية من تفشي فيروس كورونا، والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف، التي أثرت على إنتاجها الزراعي وأدت إلى نقص حاد في المواد الغذائية. وقد أدت هذه الظروف المعيشية الصعبة إلى ازدياد معاناة الشعب الكوري، وانخفاض مستوى رفاهه، وارتفاع معدلات الفقر والجوع والمرض.

ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج نحو 11 مليون شخص في كوريا الشمالية إلى مساعدات إنسانية عاجلة، أي نحو 43% من سكانها. كما تشير بعض التقارير إلى أن معدلات الانتحار في كوريا الشمالية تزداد بشكل مخيف، خصوصًا بين فئات الشباب والنساء والمسنين. ويرجع ذلك إلى الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يتعرضون لها، وعدم وجود مصادر دعم أو تخفيف أو علاج.

ويعتبر الانتحار في كوريا الشمالية موضوعًا حساسًا ومحرمًا، لا يتم الحديث عنه أو الإبلاغ عنه بشكل علني، لأنه يعكس سلبًا على صورة الدولة والقائد.

مضمون وآلية تطبيق القانون

ولمواجهة ظاهرة الانتحار، أصدر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون قانونًا جديدًا يهدف إلى ردع ومعاقبة المنتحرين وأسرهم والمجتمع. ووفقا للقانون الجديد، سيتعرض المنتحرين إلى عقوبات تشمل السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، وغرامات مالية تصل إلى 50 مليون وون (حوالي 40 ألف دولار)، وإجبارهم على تأدية خدمة اجتماعية أو عسكرية.

كما سيتعرض أسر المنتحرين إلى عقوبات تشمل سحب حقوقهم في التعليم والصحة والإسكان والتقاعد، وإقصائهم من المناصب الحكومية أو الحزبية أو العسكرية، وإخضاعهم لإشراف مشدد من قبل السلطات. بالإضافة إلى ذلك، سيتعرض المجتمع إلى عقوبات تشمل زيادة الضرائب وخفض التخصيصات المالية للمنطقة التي يسكن فيها المنتحر، وإغلاق المؤسسات التعليمية أو الثقافية أو الترفيهية فيها، وفرض حظر تجول أو حظر اتصالات.

ويرى الزعيم الكوري أن هذه العقوبات ستحث المنتحرين على التفكير مرتين قبل اتخاذ قرارهم، وستجبر أسرهم على مسؤولية رعاية أفرادها، وستزيد من التضامن والانضباط في المجتمع.

كما يؤكد الزعيم أن هذا القانون يستند إلى مبادئ "الكيمجونغونية"، التي تدعو إلى حب الثورة والشعب والقائد، والتصدي لأعداء كوريا.

التداعيات والانتقادات

ومن جهة أخري، يري البعض أن هذا القانون ينتهك حقوق الإنسان والحريات الشخصية للمواطنين الكوريين، ويجعلهم يعيشون في رعب وخوف من السلطات. ووفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، تعد كوريا الشمالية واحدة من أكثر الدول قمعًا في العالم، حيث تحرم الحكومة المواطنين من جميع الحريات الأساسية، وتستخدم التهديد بالإعدام أو السجن أو الاختفاء أو العمل القسري لفرض طاعة مطلقة.

ويعتبر هذا القانون يزيد من المعاناة والبؤس للشعب الكوري، ولا يحل المشكلة الجذرية للانتحار، وهي الظروف المعيشية الصعبة. فهذا الزعيم يستمر في تحديد أولوية تطوير الأسلحة الاستراتيجية على حساب احتياجات شعبه، ويرفض التفاوض مع المجتمع الدولي أو قبول المساعدات الإنسانية. ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج نحو 11 مليون شخص في كوريا الشمالية إلى مساعدات إنسانية عاجلة، أي نحو 43% من سكانها. حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي".