الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصص عن النجاة في درنة بعد الطوفان

صدى البلد

بعد مرور ثمانية أيام على الفيضان الطوفاني الذي ضرب درنة وسكانها البالغ عددهم 100 ألف شخص، لا يزال بعض الناس يرتدون ملابس النوم التي استيقظوا بها في تلك الليلة الرهيبة. ومع فقدان أحبائهم، فإن العثور على ملابس جديدة والإغتسال والنوم وتناول الطعام لا يعد من أولويات الناجين من درنة.

 

وفقا لتقرير نشرته الجارديان البريطانية، والذي يستعرض مشاهد من حياة الناجين وفرق الأنقاذ وسط هذا الطوفان المدمر، هرع الليبيون من جميع أنحاء البلاد للمساعدة، ومن بينهم فرق الإنقاذ من الهلال الأحمر الليبي، بعضهم يرتدون سترات قرمزية، والبعض الآخر يرتدي بدلات بيضاء وقفازات وأقنعة. وتمتلئ الطرق المؤدية إلى درنة بسيارات الإسعاف والشاحنات التي تحمل الغذاء والماء.

 

بعد مرور أكثر من أسبوع على الكارثة، ما زالوا يعثرون على أحياء، على الرغم من أن الموتى يملأون المدينة التي غمرها الطين والمباني المدمرة. وأفاد أحد الفرق يوم الأحد أنهم أنقذوا أسرة مكونة من خمسة أفراد من واد بالقرب من المدينة.

 

وبحسب تقرير الجارديان، تمكن أحد الناجين، وأسمه إبراهيم عبد السميع، 36 عاماً، وزوجته بطريقة ما من البقاء على قيد الحياة على الرغم من اقتلاع المبنى المكون من خمسة طوابق وجرفه. وقال: "لم أتخيل قط أننا سنبقى على قيد الحياة، أنا وزوجتي، ولكن بفضل الله حصلنا على فرصة جديدة للحياة".

 

تشبثت زوجته فاطمة الهادي (28 عاما) بابنتهما الصغيرة عندما انهار السد، لكن قوة المياه والركام أدى إلى فقدانها لاحقا. تحدث عبد السميع بألم، والدموع في عينيه، وهو يروي بحثهم عن ابنتهم تحت الأنقاض.

 

بعد أربعة أيام محاصرين تحت الأنقاض، تم العثور على الزوجين على قيد الحياة، وذلك بفضل فرق الإنقاذ المالطية التي تمكنت من تحديد مكانهما وإخراجهما إلى بر الأمان.

 

ما لم يكن بوسعهم أن يتخيلوه هو أن فريق إنقاذ آخر سيجد أيضًا ابنته البالغة من العمر 12 عامًا في الطابق الثالث، والتي تم نقلها إلى مكان آخر. وتم تسليمها إلى الهلال الأحمر بعد أربعة أيام دون طعام أو ماء.

 

وهو يشعر الآن بامتنان كبير لبقائه على قيد الحياة مع أسرته الصغيرة، ويرى فيها فرصة لحياة جديدة على الرغم من خسارته الكثير بسبب الفيضانات.

 

ولم يكن لدى الآخرين أي فرصة. ولقي ما لا يقل عن 11300 شخص حتفهم في درنة وأكثر من 10000 في عداد المفقودين، وفقا للهلال الأحمر الليبي. وتحذر وكالات الأمم المتحدة من أن أكثر من 30 ألف شخص من درنة أصبحوا الآن بلا مأوى.

 

قال علي أبو زيد، المحلل السياسي المحلي: بعد الأحداث المأساوية التي شهدتها كارثة درنة، يجب علينا الآن أن نتعامل بجدية مع قضية السدود الأخرى في ليبيا لمنع عواقب لا يمكننا تحملها. 

 

ووفقا لتقرير الجارديان، من بين السدود المهددة في لليبيا، سد وادي الخمس الذي قال إنه يشكل تهديدا حقيقيا لمدينة الخمس، وسد وادي مدجنين الذي يهدد مراكز سكانية كبيرة جنوب طرابلس. وقال أبو زيد إنه من المهم الآن فتح نقاش حول جميع السدود في ليبيا واتخاذ الاحتياطات اللازمة.

 

تتضاءل الآمال في العثور على ناجين في درنة كل يوم. وتعمل الفرق المتخصصة بلا كلل، وحذر المسؤولون المحليون من الحاجة المحتملة لإخلاء المدينة كلياً أو جزئياً لمنع انتشار الأمراض. ولا يزال البحر يجرف المزيد من الجثث كل يوم.

 

مع ارتفاع عدد القتلى وعدد المفقودين، تتزايد الدعوات من داخل درنة والمناطق الأخرى للحصول على المزيد من المركبات والمعدات وفرق الإنقاذ والخدمات للمساعدة في البحث عن المفقودين.

 

في هذه الأثناء، ينتظر الناس بفارغ الصبر في الشوارع المليئة بالأنقاض أي أخبار جيدة يمكنهم التمسك بها، على أمل أن تعود درنة ذات يوم إلى ما كانت عليه من قبل.