مع اقتراب بداية العام الدراسي، يبدأ الآباء والأمهات في تحضير أبنائهم لاستقبال السنة الدراسية الجديدة، وبجانب التجهيزات المادية المعتادة، هناك أمر مهم يتطلب انتباهًا خاصًا وهو مشكلة التنمر، التي باتت من الظواهر الشائعة في المدارس، والتي تؤثر سلبًا على الحالة النفسية للأطفال ومستواهم الدراسي.
الأطفال الذين يتعرضون للتنمر غالبًا ما يشعرون بعدم الأمان والضغط النفسي، مما ينعكس على شخصياتهم وثقتهم بأنفسهم، وهذا يجعل من الضروري التحدث عن أهمية التوعية بمخاطر التنمر وكيفية الوقاية منه.
التنمر يظهر في عدة أشكال، منها التنمر اللفظي الذي يتضمن الإهانات والسخرية، والتنمر الجسدي الذي يشمل الاعتداءات البدنية مثل الضرب والدفع، بالإضافة إلى التنمر الاجتماعي، الذي يتمثل في عزل الطفل ومحاولة تهميشه بين زملائه.
ومع تطور التكنولوجيا، ظهر نوع آخر وهو التنمر الإلكتروني، الذي يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الرسائل الإلكترونية، كل هذه الأشكال تؤثر بشكل كبير على نفسية الطفل، مما يجعله يشعر بأنه غير مقبول أو مرفوض من محيطه.
أحد العوامل الرئيسية في انتشار التنمر هو نقص الوعي بين الأطفال، الطفل الذي يتنمر على غيره قد لا يدرك حجم الأذى الذي يسببه، أو قد يكون يعاني من مشاكل نفسية أو أسرية ويحاول تعويض ذلك بإيذاء الآخرين.
وهنا يأتي دور الأهل والمدرسة في توعية الأطفال بخطورة التنمر وآثاره السلبية، يجب على الأهل والمدرسين توضيح أن كل كلمة أو فعل جارح يمكن أن يترك أثرًا كبيرًا على الشخص المستهدف، وأن التنمر سلوك غير مقبول.
الوقاية من التنمر تبدأ من بناء الثقة بالنفس لدى الأطفال، عندما يكون الطفل واثقًا من نفسه ويشعر بأنه مقبول ومحترم من قبل الآخرين، يصبح أقل عرضة للتنمر وأقل احتمالًا لممارسة التنمر على الآخرين، هذا يتحقق من خلال تربية سليمة تقوم على احترام الذات واحترام الآخرين.
ومن المهم أيضًا تعليم الأطفال كيفية التعامل مع التنمر إذا تعرضوا له، بحيث لا يتجاهلون الأذى ويتعلمون كيفية الدفاع عن أنفسهم بأسلوب لائق، بالإضافة إلى ذلك، يجب تعليم الأطفال الوقوف بجانب من يتعرض للتنمر، ومحاولة مساعدته بدلًا من الصمت أو المشاهدة.
دور المدرسة لا يقل أهمية في مكافحة التنمر، يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على سلوك الطلاب داخل المدرسة، ويجب أن تكون هناك سياسات واضحة ومحددة ضد التنمر.
المدرسة يجب أن توفر بيئة آمنة تشعر جميع الطلاب بأنهم قادرون على التحدث إذا تعرضوا لأي نوع من الأذى.
المدرسون أيضًا يلعبون دورًا كبيرًا في ملاحظة أي سلوك غير طبيعي بين الطلاب والتدخل في الوقت المناسب لحل المشكلات قبل تفاقمها.
التنمر ليس فقط مشكلة تؤثر على الطفل المستهدف، بل يمتد تأثيره إلى الطفل المتنمر نفسه، والأطفال الذين يتعودون على إيذاء غيرهم قد يكبرون وهم يعتقدون أن هذا السلوك مقبول، مما يؤثر سلبًا على حياتهم المستقبلية وعلاقاتهم الاجتماعية، لذلك، يجب أن نكون دائمًا على وعي بمشكلة التنمر، وأن نحرص على تعليم أطفالنا منذ الصغر قيم الاحترام والمحبة والتعاون، لأن هذه القيم هي التي ستساعدهم على العيش في مجتمع صحي وسعيد.