أجمع عدد من الفقهاء أن رمي الجمرات الثلاث يتم بسبع حصيات لكل جمرة، ويُستحب فيها الترتيب والموالاة، إلا أن الفقهاء اختلفوا في حكم من ترك حصاة أو حصاتين خلال الرمي.
وبيّن الفقهاء أنه في حال شكّ الحاج في عدد الحصيات التي رماها، ولم يتحقق من كونها سبعًا، فعليه أن يبني على الأقل ويُكمل حتى يتيقن من العدد المطلوب.
أما إذا مضى وقت الرمي وغادر الحاج المكان دون أن يغلب على ظنه النقص، فلا يلزمه شيء، إلا إذا ترجّح لديه أنه رمى أقل من المطلوب، ففي هذه الحالة يعمل بما غلب على ظنه.
وأشار بعض الفقهاء إلى أنه في حال ترك حصاة أو حصاتين، فإن الأمر فيه سعة، ولا يُلزم الحاج بدم، وقد رُوي عن بعض الصحابة والتابعين أنهم لم يروا بأسًا في ذلك. فعن ابن عمر أنه قال: "ما أبالي رميت بست أو سبع"، كما نُقل عن بعض التابعين مثل طاوس ومجاهد أنهم لم يوجبوا شيئًا على من نقصت رميته حصاة أو حصاتين.
ومن جهة أخرى، ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأنه إن حصل النقص في الرمي، فإن من الأفضل إخراج صدقة، كأن يُطعم الحاج فقيرًا في مكة مقدار "مُدّ" من الطعام، أي ما يعادل ربع صاع، ويُقدّر بنحو 750 جرامًا من الأرز أو ما شابهه، ويكفي أن يُقدَّم كوجبة طعام، كما أجاز العلماء التوكيل في ذلك لمن هو في مكة.
آرا فقهية مختلفة
واختلفت المذاهب الفقهية في تقدير الكفارة؛ فبعضهم قال إن في كل حصاة مدًا من طعام، وفي اثنتين مدّين، وفي ثلاث فأكثر يجب دم، فيما رأى آخرون أنه لا شيء عليه في حصاة أو اثنتين، وإنما الدم على من ترك أكثر من ذلك، خاصة إن كان قادرًا ماليًا.
ويبقى الأصل، كما أكد الفقهاء، أن الشريعة مبنية على اليسر والتيسير، وأن في الحج متسعًا لمن وقع في سهو أو نسيان، دون أن يتحمّل ما لا يطيق.