كشفت وكالة رويترز، اليوم الأحد، أن روسيا أبدت استعدادها لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا في إطار المحادثات الجارية لإنهاء الحرب المستمرة منذ فبراير 2022، لكنها شددت في الوقت نفسه على أنها بحاجة إلى تلقي ضمانات مماثلة لحماية مصالحها وأمنها القومي.
وقال مصدر مطلع على المفاوضات، إن موسكو أبدت مرونة أكبر في النقاشات الأخيرة، حيث أبدت استعدادها لدراسة ترتيبات أمنية يمكن أن تطمئن كييف وتحد من المخاطر المستقبلية. إلا أن روسيا تصر على أن أي اتفاق لا بد أن يتضمن التزامات متبادلة، بما في ذلك ضمانات تمنع توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) على حدودها أو استخدام الأراضي الأوكرانية كمنصة لتهديد الأمن الروسي.
وبحسب التقرير، فإن الضمانات التي تبحثها الأطراف تشمل التزامات بعدم الاعتداء، وإنشاء آليات مراقبة مشتركة، إضافة إلى ترتيبات خاصة تتعلق بالحد من الأسلحة الثقيلة في المناطق الحدودية. إلا أن المفاوضات لا تزال معقدة، وسط خلافات حول تفسير بعض البنود، خاصة فيما يتعلق بوضع المناطق الشرقية المحتلة من أوكرانيا ومستقبلها القانوني والسياسي.
ويرى مراقبون أن قبول روسيا بمبدأ تقديم ضمانات لأوكرانيا يمثل تحولًا مهمًا في موقفها، بعد أشهر من رفضها العلني لأي التزامات قد تُقيّد حريتها العسكرية. غير أن موسكو ربطت ذلك بالحصول على ضمانات مقابلة، معتبرة أن "الأمن لا يمكن أن يكون أحادي الجانب"، في إشارة إلى أنها لن تقبل اتفاقًا يضمن سلامة أوكرانيا دون معالجة مخاوفها الخاصة.
في المقابل، أكدت كييف عبر متحدثين رسميين أن الضمانات الأمنية تمثل أولوية قصوى، خاصة بعد التجارب السابقة التي أثبتت – حسب قولها – هشاشة التعهدات الروسية. وتشدد أوكرانيا على ضرورة وجود ضمانات ملزمة دوليًا، بمشاركة قوى غربية كبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لضمان فعاليتها وعدم الاكتفاء بوعود ثنائية.
أما الدول الأوروبية، فقد أبدت ترحيبًا حذرًا بالخطوة، لكنها أكدت أن أي ضمانات يجب أن تكون جزءًا من تسوية شاملة تأخذ في الاعتبار سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. فيما أشار دبلوماسيون غربيون إلى أن التوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات قد يكون مدخلًا لوقف إطلاق النار، لكنه لن يحل كل الخلافات العميقة بين موسكو وكييف.
من جانب آخر، يرى خبراء في شؤون الأمن الدولي أن المطلب الروسي بالحصول على ضمانات مقابلة يضع الغرب أمام معادلة صعبة، إذ يتطلب التزامات واضحة من حلف الناتو بعدم التوسع شرقًا أو إقامة قواعد عسكرية جديدة بالقرب من الحدود الروسية، وهو أمر قد يثير انقسامات داخل التحالف الغربي.
ورغم الأجواء المشحونة، يعتقد محللون أن مجرد طرح فكرة "الضمانات المتبادلة" يمثل إشارة إلى أن الطرفين يبحثان عن مخرج سياسي للحرب، حتى وإن كان الطريق طويلاً ومعقدًا.
ويشير هؤلاء إلى أن أي اتفاق سيحتاج إلى رعاية دولية واسعة، ربما عبر الأمم المتحدة أو عبر مؤتمر دولي خاص، لضمان تنفيذه ومتابعة التزام الطرفين ببنوده.