قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

هل التوسل بالأولياء الصالحين فى الدعاء لتحقيق المراد شرك بالله؟..على جمعة يوضح

هل التوسل بالأولياء الصالحين فى الدعاء لتحقيق المراد شرك بالله
هل التوسل بالأولياء الصالحين فى الدعاء لتحقيق المراد شرك بالله

نشر الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورا جديدا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه: من المعاني التي أُسيء فهمها في الإسلام في عصرنا الحديث معنى «التوسل»، مما يوجب علينا أن نعود إلى الأصل اللغوي والمعنى الشرعي للتوسل قبل الحديث عن حكم التوسل.

معنى الوسيلة في اللغة والشرع

وأوضح ان الوَسِيلة في اللغة: المنزلة عند الملك، والوسيلة: الدرجة، والوسيلة: القُربة. ووَسَّل فلانٌ إلى الله وسيلةً إذا عمل عملًا تقرَّب به إليه، والواسِل: الراغب إلى الله. قال لبيد:

أَرى الناسَ لا يَدْرونَ ما قَدْرُ أَمرِهم... بَلى كلُّ ذي رَأْيٍ إلى الله واسِلُ

وتوسَّل إليه بوسيلةٍ إذا تقرَّب إليه بعمل، وتوسَّل إليه بكذا: تقرَّب إليه بحرمةِ آصرةٍ تُعْطفه عليه. والوسيلة: الوُصلة والقُربى، وجمعها الوسائل (لسان العرب).

ولا يخرج معنى الوسيلة الشرعي عن ذلك المعنى اللغوي، فإن قضية حياة المسلم هي أن يتقرب إلى الله ويحصل رضاه وثوابه، ومن رحمة الله بنا أنه شرع لنا كل العبادات وفتح باب القرب إليه. 

فالمسلم يتقرب إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، فعندما يصلي المسلم فإنه يتقرب إلى الله بالصلاة، أي أنه يتوسل إلى الله بهذه الصلاة. وعليه، فإن القرآن كله يأمرنا بالوسيلة (أي: القرب) إلى الله.

وقد ذكر الوسيلة في كتابه العزيز في موضعين:

الأول: الأمر بها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35].

الثاني: الثناء على الذين يتوسلون إليه في دعائهم، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57].

فالآية الأولى تأمر المؤمنين أن يتقربوا إلى الله بشتى أنواع القربات، وليس هناك ما يخصص وسيلةً عن وسيلة، فالأمر عامٌّ بكل الوسائل التي يرضى الله بها. والدعاء عبادة، ويُقبل ما لم يكن بقطيعة رحم، أو إثم، أو ألفاظٍ تتعارض مع أصول العقيدة ومبادئ الإسلام.

والآية الثانية تُثني على المؤمنين الذين استجابوا لله وتقربوا إليه بالوسيلة في الدعاء.

أدلة السنة

- حديث الخروج إلى المسجد للصلاة:

   عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: «من قال حين يخرج إلى الصلاة: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي، فإني لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا، ولا رياءً، ولا سُمعة، خرجتُ اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تُنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ وكلَّ الله به سبعين ألف ملكٍ يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتى يفرغ من صلاته» (أخرجه أحمد).

وهذا حديث صحيح، صححه كلٌّ من: الحافظ ابن حجر العسقلاني (أمالي الأذكار)، والحافظ العراقي (تخريج أحاديث الإحياء)، وأبو الحسن المقدسي شيخ المنذري (الترغيب والترهيب)، والحافظ الدمياطي (المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح)، والحافظ البغوي (مصباح الزجاجة).

التوسل إلى الله فى الدعاء بالعمل الصالح 

 والحديث يدل على جواز التوسل إلى الله في الدعاء بالعمل الصالح، وهو سير المتوضئ إلى الصلاة، وبحق السائلين لله.

- حديث «أعينوا عباد الله»:

   عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «إن لله ملائكةً في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من نوى الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجةٌ بأرضٍ فلاة فلينادِ: أعينوا عباد الله» (رواه البيهقي).

قال الحافظ الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله ثقات» (مجمع الزوائد).

التوسل بالملائكة والأولياء الصالحين فى الدعاء لتحقيق المراد

وفي الحديث دليل على الاستعانة بمخلوقاتٍ لا نراها، قد يسببها الله عز وجل في عوننا ونتوسل بها إليه في تحقيق المراد كالملائكة، ولا يبعد أن يُقاس على الملائكة أرواحُ الصالحين؛ فهي أجسام نورانية باقية في عالمها.

- وقد قال النبي ﷺ: «إذا انفلتت ناقةُ أحدِكم في الصحراء فلينادِ: يا عبادَ الله، أمسِكوا! يا عبادَ الله، أمسِكوا! يا عبادَ الله، أمسِكوا!» والحديث صحيح باتفاق.

فاستغاثَ بعباد الله الصالحين؛ فإن لله عبادًا في الدنيا ينصرون المؤمنين كالملائكة، وكالأولياء. فما الشرك في هذا؟! حكمُ الله علينا بالأسباب، ولذلك لا بد أن نعمل، ولا بد أن نجاهد، ولا بد أن نصلي، فهذه أسباب، ولكن لم يربط الله هذه الأسباب بالأفعال، فالفعل كله من عنده، ولا يكون في كونه إلا ما أراد.

إنما عندما أقول لك: "ساعدني على رفع هذا الثقل" فها أنا أستعين بك، لكن {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}. فما الذي حدث؟

الذي حدث سببٌ، إنما المعين على الحقيقة هو الله، والمستجيب على الحقيقة هو الله.

ولكل هذه الأدلة الصريحة الصحيحة وغيرها من كتاب ربنا وسنة نبينا ﷺ، أجمع علماء الأمة من المذاهب الأربعة وغيرها على جواز واستحباب التوسل، واتفقوا على أن ذلك لا يُحرَّم قطعًا، ولا عبرة لمن شذَّ عن إجماع العلماء.