السيسي صنم

أحلام سعادتك أوامر.. أنت الملهم والبطل.. "شلوت" معاليك قفزة نحو النجاح.. "طلتك" البهية أحلى من طلعة الشمس.. العالم بيحسدنا عليك.. لولا وجودك لكنا الآن عبيدا.. أنت المنزه والقدوة.. "قفا" سعادتك بركة يحسدني الناس عليها.. "الريح" التي تخرج من "......." جنابك لا يضاهيها أشهر "بيرفيوم" عند الفرنسيين!! "مش برفان.. بيرفيوووم زى العيال الخنافس ما بتقول".
كلمات جميلة ومؤثرة.. عند سماعها تأخذ روحك بعيدا وعاليا حتى السحاب.. تحلق كالطير المصطبغ ظله بزرقة السماء، عبارات رنانة ومحفزة.. لها مفعول السحر، تزيد هامتك وقامتك طولا لتنافس بها قمم الجبال.
خمن معايا.. شعور أي إنسان طبيعي يستمع لكل "سيمفونيات" التملق والرياء هذه.. ليل نهار؟! وما هو رد الفعل العفوي والتلقائي – لأى إنسان طبيعى - عندما يخرج عليه من بين صفوف هؤلاء "الذيول" والتابعين.. إنسان "سوي" يقول له إنك مخطئ.. وما هو مصيره عندما يخبره أن أفعاله جانبها الصواب؟!!
هشة وضعيفة النفس البشرية، المديح والثناء تطرب له أذان كل نفس.. أي نفس سواء في بلادنا أو في بلاد "واق الواق".. من قديم الأزل وتاريخنا الطويل يرصد – ولا يزال - مجموعات المصالح التي تنمو وتزحف كالطفيليات حول "صولجان" الحكم، ولا تنفض من حوله إلا بعد تحطيمه أو سلبه.
قصائد النفاق التي كانت تنظمها هذه المجموعات في شخص ملوكهم وحكامهم.. كانت تمثل أحد أسلحتهم "الفتاكة" للسيطرة عليهم والتلاعب بهم، حتى يتمكنوا من نيل ثقتهم والتأثير في نفوسهم وإحكام السيطرة عليهم، وعندما ينتهوا من جلسات "التنويم المغناطيسي" المنظمة لحكامهم.. يشرعوا على الفور في بسط نفوذهم وسلطانهم، للبدء في مخطط "التخديم" - من وراء الستار - على مصالحهم!!
بالمناسبة.. أول "المسامير" التي تم "غرسها" في نعش مبارك - بعد توليه حكم البلاد في عام 1981- كانت تتمثل في بداية تشكيل وظهور أعضاء "بطانته" الموبوءة.. هذه البطانة.. أو قل "العصابة".. تعاملت مع مبارك على أنه "الصنم" والإله الذي أهدته السماء للبلاد، بينما كانت تعمل على إحكام قبضتها يوما بعد يوم على مقاليد الأمور في مصر.
سلاح ونفوذ المال في بلد يبسط فيه الفقر سلطانه على 70% من سكانه.. هو واحد من "أعتى" وأخطر الأسلحة التي استخدمها فلول هذه البطانة الفاسدة، في نفس الوقت الذي كان يحرص فيه أعضاؤها على الظهور أمام مبارك بمظهر المنكسرين والغلابة.. الذين يصلون الليل بالنهار من أجل العمل على راحة الشعب وتلبية احتياجاته ومتطلباته!! وأنهم لا يبتغون من الدنيا غير رضاء حاكمهم - الملهم والمفدى - عنهم.
لم يغفل أعضاء بطانته - لتأمين نفسهم - "فرض" طوق من العزلة حوله منعا لتسرب أية حقائق أو معلومات إليه، ولم ينسوا تضخيم وتعظيم مخاوف استهدافه.. وسعى الإرهابيون الدءوب نحو محاولة التخلص منه واغتياله للحد من تحركاته وجولاته، بما زاد من عزلته بعيدا عن الناس وشعبه، حتى استيقظ صبيحة 25 يناير المشهود، وراح يتساءل وهو ينظر إلى الحشود.. متى نما كل هذا الكره والنفور، بينما كانت كل المعلومات التي تصله - فى النصف الأخير من ولايته - تؤكد وترسخ عشق شعبه له.. وكراهيتهم للـ"موت" لأنه سيفرق يوما.. بينهم وبينه!!
تجربة مبارك المأساوية فى الحكم ضربت النموذج والمثل فى فساد الأنظمة.. وخطورة الإصابة بـ"مرض" تضخم الذات، كما تحولت إلى هاجس و "وسواس" "عشش" فى نفوس المصريين.. وطارهم – ولايزال – و"يتضرعون" لله لعدم تكرارها.
الكاتب الصحفي حافظ الميرازي واحد من هؤلاء المصريين.. خلال استضافته بأحد البرامج على فضائية "دريم" قال إنه يتوقع تحول السيسي إلى "صنم" فى المستقبل إذا استمر هذا النهج في التعامل معه.. يقصد منهج النفاق والمداهنة والرياء الذي يتبعه المحيطون به معه، مستنكرا تعامل مؤسسات الدولة مع كل من يعارضه على أنه خائن وعميل، وواحد من طابور "الجمعية".. آسف.. الطابور الخامس!! والميرازى توقع تقلص مساحات الحرية في مصر إذا استمرت فلسفة "تكميم" الأفواه مع كل من ينتقد السيسى.. أو يعارض فكره.
أنا.. "وأعوذ بالله مني أنا" أتفق تماما مع ما قاله الأستاذ الميرازي، وأتخوف – مثله – من تغليب الفلسفة "الأمنية"على اختلافاتنا وقضايانا "الفكرية"، وتطبيق "مذهب" التخوين على كل من لا يتوحد معنا و"تتطابق" آراؤه مع أفكارنا.. كما تزيد مخاوفي.. وتتعاظم من تغول أصحاب "مدرسة" المديح والثناء والإشادة على علاقة السيسي بشعبه ورعاياه.
سيدي الرئيس.. جئت إلى القصر الجمهوري بعد فوزك بقلوبنا.. قبل انتصارك في انتخاباتنا، نريدك - كما عرفناك - جنديا مخلصا وفدائيا "معجون" بسمرة الأرض.. و"طمى" الوطنية.
احذر من أمراض العظمة.. و"ميكروبات" الاستعباد.. و"فيروسات" الاستبداد التي لو تمكنت منك سيكون "دوؤاها" الوحيد.. فراقنا.
لا تتحول إلى"صنم".. كفاية علينا تجربة مبارك، فنحن لا نريد أن نكره "مجددا" جنديا مصريا جاء "رئيسا" من بين صفوف – العظيم - جيشنا.