الدكتور عماد عبد الجليل والنشاط المسرحى لجامعة بورسعيد

لا أريد الخوض فى التأويلات التى ترددت فى قاعة مسرح جامعة ببورسعيد لواقعة غياب رئيس الجامعة الدكتور عماد عبد الجليل عن حضور حفل افتتاح أول مهرجان للمسرح تشهده الجامعة (2 ـ 6 مايو الحالى)، فمسئولياته ولا شك جسام، ولنظرية الظروف وجودها الحتمى، والغائب دائماً "حجته معاه"، فقط تمنيت لو أنه حضر هذا الحفل لا ليكون فى استقبال لجنة التحكيم عالية المستوى المنوط بها متابعة وتقييم العروض، وقد ضمت المخرج المسرحى القدير أبو فنانى المسرح فى بورسعيد عباس أحمد، والناقد المسرحى الكبير عميد معهد الفنون المسرحية الأسبق، الدكتور أحمد سخسوخ، والفنان المسرحى السينمائى الشهير حمدى الوزير فحسب، ولكن ليثبت كذلك بالدليل العملى لطلاب الجامعة المنتسبين لكلياتها ومعاهدها المختلفة أن رئيس جامعتهم يدعم المسرح ويزكيه.
لا.. لم أوافق أولئك الذين ردوا عدم حضوره إلى انتمائه السياسى ذى الصبغة الدينية، فأنا أعلم أن من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسى (الحرية والعدالة) من يميلون إلى خوض غمار الفنون المختلفة، وأن مسرحيات قد أديت باسم الجماعة فى هذا البلد وذاك. قال لى أحدهم، لكنها مسرحيات تعمل على ترويج فكر الجماعة، وما لا يساير هذا الفكر مرفوض، منبوذ، مؤثم؛ فرددت عليه بأن تصور إقدام الجماعة على فعل كهذا هو تصور مبالغ فيه، لأن الجماعة لن تغامر بفرض المسرح الذى يتفق واتجاهاتها هكذا، من أول مهرجان، ثم إن رئيس الجامعة لو أراد شيئاً كهذا لرفض من الأساس إقامة المهرجان، نعم كانت ستقوم ضده فورة كتلك التى واجهته بها كلية التمريض احتجاجاً على بعض قراراته فى فبراير الماضى، لكنه أيضاً بدعوم من بعض أعضاء هيئات التدريس سيواجه هذه الفورة كما واجه سابقتها. ثم إن عناوين العروض التى قدمت فى المهرجان لا تدل فقط على جديتها وجدية مخرجيها ومؤلفيها المحليين والعالميين، وإنما تدل كذلك على انفتاح المسرح الجامعى ببورسعيد على الثقافات الوطنية والإنسانية، واستعراضها يبين هذا: التمثال الحى ـ عبد الناصر حجازى ـ طارق حسن، أنشودة غول لوزيتانيا ـ بيتر فايس ـ محمد الملكى، مكملين ـ أحمد آدم ـ حسام سامى، زيارة السيدة العجوزـ فردريش دورينمات ـ محمد الملكى، العادلون ـ البير كامى ـ أحمد يسرى.
كنت أتمنى على الدكتور عماد عبد الجليل حضور المهرجان لا ليشاهد بأم عينيه الحشود الهائلة التى اكتظ بها المسرح من المتفرجين فقط، وإنما ليلمس عن قرب الطفرة المسرحية الشبابية الهائلة التى قدمها فنانون شباب انصهروا فى أجواء الثورة وتطلعوا إلى النافع الراقى من الفن والثقافة. تمنيت حضوره ليسأل الحضور من مرءوسيه عن سبب اقتصار الاشتراك فى المهرجان على عروض أربع كليات ومعهد واحد فقط.. وليواجههم مؤنباً: أين العروض المسرحية لكليات الآداب، التربية الرياضية، العلوم، التمريض، ورياض الأطفال؟
إن كان الدكتور عماد لا يعادى النشاط المسرحى حقاً، وسألنى ما العمل للبرهنة على هذا، لأجبته على الفور، قدم لأعضاء الفرق المسرحية القائمة بجامعتك الدعم المادى والمعنوى، وصور هذين النوعين من الدعم متعددة، وتكاليفها قليلة، بل قليلة للغاية، وإن كانت موازنة الجامعة لا تقدر على تحمل هذه التكاليف الزهيدة ـ وهذا موضع شك ـ فيمكنك الاستعانة بنظام الرعاة، أى أنه لا مبرر للتخاذل؛ ولا يقفن بك الأمر عند هذا الحد، بل ادفع الكليات التى لم تتكون فيها فرق مسرحية إلى تكوين هذه الفرق، واستغل فترة الأجازة الصيفية لإحماء التنافس فيما بينها من خلال برامج تكفل تقديم العروض لعدة ليال وليس لليلة واحدة كما هو متبع الآن. إن فعلت فأنت تستحق التحية، وإن لم تفعل فلن نقول "حجتك معاك"، وإنما سنترك أمرك للمأولين، وسنسجل إلى جوار اسمك ولقبك العلمى عبارة "عدو للمسرح".