الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعرف على آراء الفقهاء فى حكم قراءة "الحائض" للقرآن الكريم

صدى البلد

ذكرت دار الإفتاء المصرية أنه مِن المقرر شرعًا أنه يحرم على المُحدِث حدثًا أكبرَ مسُّ المصحف؛ لقول الله تعالى: «لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» [الواقعة: 79]، كما يحرم عليه تلاوة القرآن؛ لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فيما أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان لا يحجزه شيءٌ عن قراءة القرآن إلَّا الجنابة".
وأخرج الترمذي في "سننه" عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ»، مشيرةً إلى أن هذا ما عليه جماهير الفقهاء.
وقالت الإفتاء، فى إجابتها عن سؤال ورد إليها جاء فيه: «ما حكم قراءة الحائض القرآن الكريم؟»، إن الحائض والنفساء؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة قراءتهما القرآنَ، وذهب المالكية إلى أنه يجوز لأى منهما قراءة القرآن في حال استرسال الدم مُطلَقًا؛ خافت النسيان أم لا، فإذا انقطع الدم لَمْ يَجُزْ لها القراءة حتى تغتسل؛ إلَّا أن تخاف النسيان.
وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/174، ط. دار الفكر):[(قوله: وكذا بعد انقطاعه) أي وكذا لا تمنع القراءة بعد انقطاعه (قوله: إلا أن تكون متلبسة بجنابة قبله فلا يجوز) حاصل كلامه أن المرأة إذا انقطع حيضها جاز لها القراءة إن لم تكن جنبا قبل الحيض، فإن كانت جنبا قبله فلا يجوز لها القراءة، وقد تبع الشارح في ذلك عبق –أي: عبد الباقي الزرقاني- وجعله المذهب، وهو ضعيف.
وأكدت الإفتاء أن المعتمد ما قاله عبد الحق، وهو أن الحائض إذا انقطع حيضها لا تقرأ حتى تغتسل؛ جُنُبًا كانت أو لا؛ إلَّا أن تخاف النسيان، كما أن المعتمد أنه يجوز لها القراءة حال استرسال الدم عليها؛ كانت جُنُبًا أم لا، خافت النسيان أم لا، كما صَدَّر به ابنُ رشدٍ في "المقدمات" وصَوَّبه، واقتصر عليه في التوضيح، وابن فرحون وغير واحد، قال ح -أي: محمد الحطاب-: وهو الظاهر.
وأضافت: "قال ابن عرفة، قال الباجي: قال أصحابنا: تقرأ الحائض ولو بعد طهرها قبل غسلها، وظاهره؛ كانت متلبسةً بجنابةٍ قبله أم لا»، منوهةً أن مَسُّ الحائض للمصحفَ أجمع الجمهور على حرمته كذلك، والمالكية على جوازه لِمَن تتعلم القرآن أو تُعلِّمه؛ وذلك حال التعلم أو التعليم، سواء كان كاملًا أو جزءًا منه أو اللوح الذي كتب فيه القرآن".
وقال العلامة الدردير في "الشرح الكبير" (1/125-126، ط. دار الفكر): «لا يمنع الحدث مس وحمل درهم أو دينار فيه قرآن؛ فيجوز مسه وحمله للمحدث ولو أكبر، ولا تفسير فيجوز ولو لجنب، ولا لوح لمعلم ومتعلم حال التعليم والتعلم، وما ألحق بهما مما يضطر إليه كحمله لبيتٍ مثلا فيجوز للمشقة، وإن كان كل من المعلم والمتعلم حائضا لا جُنُبًا؛ لقدرته على إزالة مانعه بخلاف الحائض، ولا يمنع مس أو حمل جزء بل ولا كامل على المعتمد لمتعلم وكذا معلم على المعتمد وإن بلغ أو حائضًا لا جُنُبًا».
وبينت دار الإفتاء أن الأَوْلى العملُ بما عليه جمهور الفقهاء من حرمة قراءة القرآن ومس المصحف للحائض والنفساء؛ لِمَا في ذلك من تقديسٍ للقرآن الكريم، وخروجًا من الخلاف، فمن وجدت في ذلك مشقةً وحرجًا، واحتاجت إلى قراءة القرآن ومَسِّ المصحف للحفظ أو التعليم أو العمل في التدريس، فيجوز لها حينئذٍ تقليد المالكية؛ إذ مِن القواعد المقررة في الشرع "أن من ابتُلِيَ بشيءٍ مِن المُختَلَف فيه فليقلد من أجاز"، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.