دنشواي الأقباط.. وعدالة المُتأسلمين

سيظل التاريخ يذكر الحكم البريطاني الجائر الذي قدم فيها 52 قرويًا للمحاكمة بجريمة القتل العمد , والذي تفاوتت فيه الأحكام بين الجلد والأشغال الشاقة المؤبدة , ثم الإعدام لأربعة منهم سيظل الحكم عليهم بمثابة وصمة في جبين القضاء المصري ولأسماء كانت لامعة في تلك الحقبة وما تلاها , كفتحي زغلول..والمحامي الأشهر الهلباوي.. وكل من شارك في هذه الكارثة الإنسانية !!
دنشواي.. رمز الظلم والقهر على يد المستعمر البريطاني .. وتواطؤ القضاء المصري .. ترى كيف ينساها أولئك الذين حكموا في قضية أبو قرقاص؟ ولمصلحة من يحدث هذا الظلم.. أنهم يظلمون الوطن قبل ان يظلموا أقباط مصر .
ألا يرون بأنفسهم رد فعل الشرفاء من المسلمين قبل المسيحيين على هذه المهزلة؟ ألا يتركون بهذا مجالا للطعن فى هيبه ومصداقية القضاء المصري؟ ها هي اللافتات في الشوارع تنعي ما تبقى للمصريين من مصداقية القضاء ؟: "توفى إلى رحمة الله القضاء المصري بعد المرض وعدم العدل وعدم الحق، وبعد الحكم في قضية أبو قرقاص، ماسبيرو، محمد محمود، مسرح البالون، مجلس الوزراء، أطفيح، إمبابة، كنيسة القديسين.. البقاء لله".
إن الأقباط بعد الثورة تعرضوا لظلم واضح بصدور أحكام سريعة ضدهم ومنها ازدراء أديان مثل قضية مكارم دياب بأسيوط والقاصر جمال مسعود بقرية منقباد وايمن منصور، وانتهاء بحكم أبوقرقاص الأخير ولم يحصل الأقباط على حقهم في مذبحة كنيسة القديسين وأحداث المقطم وإمبابة وماسبيرو وغيرها من الحوادث المتفرقة.
وماذا بعد؟ إلى أين ياخذون الوطن.. مصر الآن وبمعنى الكلمة في مفترق طرق.. وقد بات السكوت على أحكام القضاء العجيبة أمراً غير محتملاً .. لقد طفح الكيل بالجميع ... هل سيبقى الأقباط في مصر.. وللأزل كبش الفداء .. أو لعبة التمويه والإلتقاف على مطالب الشعب.. لقد بحت أصواتنا ألا رفقاً بشركاء الوطن .. والتاريخ ... وقد زاد على كواهلنا احتمال أمرين أحلى ما فيهم مر .. إما السكوت على الظلم وهو لم يعد له مسمى غير الاستكانة .. أو الصراخ بأعلى صوت فنوصم بتهمة الاستقواء بالخارج!!
أن كل من له صوت لم ولن يسكت على هذه الجريمة .. ولن نهدأ حتى يعاد النظر في الملف القبطي برمته وهاهو اتحاد الهيئات القبطية لحقوق الإنسان بأوربا يصدر بيانه والذي يعرب فيه عن " إستنكاره وإدانته للحكم المثير للدهشة الصادر من محكمة جنايات المنيا والذي يقضي بمعاقبة إثنا عشر مسيحياً بالسجن وبعضهم بالمؤبد في الوقت الذي تم فيه تبرئة جميع المتهمين المسلمين الذين إرتكبوا جرائم إتلاف وحرق عمدي وشروع في قتل وحيازة أسلحة وذخائر.. وهي الأحداث التي وقعت في شهر إبريل عام 2011 نتيجة الخلاف على مطب صناعي أقامه أحد الأقباط يدعى علاء رشدي مما حدا ببعض الأهالي بالتهجم على منزل الأخير ووقعت أحداث مؤسفة نجم عنها مصرع شخصين مسلمين وإصابة أربعة أقباط بجراح والمعروفة إعلامياً بفتنة أبو قرقاص ويرى إتحاد المنظمات القبطية بأوروبا أن هذا الحكم جاء صادماً وجافياً للعدالة الناجزة مما يدعو إلى الشك في حيادية هذا الحكم ووجود شبهة طائفية".
نحن جميعاً نناشد المجلس العسكري الحاكم بإتخاذ صلاحياته الدستورية المنصوص عليها في الإعلان الدستوري بإلغاء هذا الحكم وإعادة محاكمة المتهمين مرة أخرى في دائرة مغايرة إعمالاً لسيادة القانون وقواعد العدالة والإنسانية هذا قبل أن تشعلوها فتنة عالمية لا يحمد عقباها.