الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العمل بمهن ليست بمهن


نعلم جميعاً أهمية وقيمة العمل فى حياتنا، خاصة أن العمل هو الواقى للكثير من الأمراض النفسية وبعض الاضطرابات السلوكية التى قد تصيب البعض مما لديه وقت غير مستغل فى صنع شئ يفيد به نفسه أو مجتمعه، ولدينا أمثلة عديدة من الشباب الذى يعانى من البطالة حتى يقع غالبيته فى براثن الإدمان والبعض الآخر فى دائرة الانحرافات السلوكية والجنسية وطارة أخرى فريسة للجماعات الإرهابية المعادية للمجتمع، كما لدينا أمثله أخرى لمن خرج على المعاش وأصبح فريسة للوحدة والشعور بالمجهولية وانخفاض قيمة الذات، فطارة يقع ضحية للاكتئاب اللعين وطارة أخرى للأفكار السوداوية والخوف المرضى والقلق والوحدة حتى تصبح حياته بلا معنى أو هدف يصارع من أجل البقاء أو ينتظر الفناء.
وبالنظر الى المجتمعات المتحضره التى تقدر قيمة العمل والإنتاج والبحث عن معنى للوجود والتخطيط للمستقبل نجد أن ثقافة العمل والإنتاج قيمة من القيم الرئيسية على هرم الدوافع التى تدفع سلوك الإنسان للسعى وراء العمل والاجتهاد من أجل خلق معنى لوجود الإنسان فى الحياة.
ونجد فى مجتمعاتنا العربية أن قيمة الإنسان تقدر فى بعض الأحيان بالوظيفة التى يمتهنها أو بكمية المال التى يمتكلها وأن كانت الثانية هى الأقوى لدينا فى تقيم الإنسان (معاك قرش تسوى قرش)، مش مهم اجتهادك فيما تصنع المهم حصولك على المال بأى طريقة كانت، وبأى مهنه أقوم بها، دون البحث عن قيمة ما أقوم بعمله، وكثيراً ما نجد المترصدين على العيادات النفسية مما ليس لديه هدف أو عمل يشعرهم بقيمتهم ومعنى لوجودهم فى هذه الحياة ولا أمل فيما هو أتى، لذا من أهم العلاجات هو البحث عن عمل والاجتهاد والعرق فيما تحب حتى تقى نفسك من الوقوع فى براثن المرض النفسي.
وعندما أنظر على أحوال مجتمعنا المصرى أجد هناك بعض الشباب اليافع يقوم ببعض الأشياء التى يطلق عليها أعمال مختلقاً عذر البطاله واحتياجه للصرف على نفسه وبدل الجلوس فى البيت أو على القهوة، نجدهم يقومون ببعض الأشياء التى ليس لها مسمى فى كثير من دول العالم، ومنها الواقف على أبواب الحمامات فى جميع المطاعم والفنادق والمتاجر الكبرى.
أجد شابا فى ريعان الشباب أو رجل كبير السن يقف لكى يناولك المناشف أو يفتح لك باب الحمام وكأنك لم تستطيع فعل كل هذا بنفسك وغالبية الأماكن لم تحدد له راتب أو راتب زهيد جداً وتطلقه على ذبائن المكان لكى يلقط لقمة العيش ويستعطف رواد المكان من أجل حفنة من الجنيهات كمساعدة له وهناك أيضاً من يقوم بمسح زجاج السياره الأمامى فقط وانت منتظر فى محطات البنزين شاب خريج جامعه كل وظيفته هو مسح زجاج السيارة الأمامى من أجل جنيه على الرغم من أن السيارة بها مساحات وقربة للمياه للقيام بهذا العمل.
وعندما تقوم بركن سيارات فى شوارع القاهره تجد فجأة من يقول لك شمال يمين ياباشا أيوه كده صح وكأنه يقوم بتعليمك الركن والسواقة كخبير فى عالم السيارات ويفرض عليك إتاوة لركن السياره حتى يسمح لك بالوقوف فى شوارع البلد وأن قمت بمعارضته يمنعك من الوقوف فالأرض أصبحت ملكا له.
وعندما أتجول فى السوبر ماركت وأقف لدى الكاشير للحساب أجد من الشباب الجامعى أيضاً من يقوم بوضع البضاعة فى الأكياس ويقوم بتوصيلى للسياره وكأنى لم أستطيع فعل ذلك وكأننا عدنا إلى عصر الإقطاع والباشاوات من جديد.
أيضاً أستعجب عندما أذهب لبعض الفنادق أو المصالح الكبرى أو بعض العمارات الفارهة وأجد شخص واقف بداخل الأسانسير كل وظيفته فتح الباب والضغط على الزر لتحرك الأسانسير الى الدور المراد الوصول اليه وكأنك لم تستطيع فعل هذا بنفسك وكأن مجتمعنا أصبح مرفهه الى هذا الحد من الراحة والكمالية ومن الذوق طبعا أن تضع يدك فى جيبك وتعطى عامل الأسانسير مبلغ من المال نظير خدماته الجليله ومتاعب المهنة.
استعجب لكمية المهن الهامشية مع احترامى لجميع المهن وتقديرى لأصحابها ولكن هل هذا ما يحد من البطالة هل هذه المهن لها مستقبل هل أصحاب تلك المهن راضين عما يقومون به حقاً.
هل الدوله ترى حقاً ان الشباب يشق طريقه بهذه الطريقة ويصرف أموره على هذا النحو، وأتسال أين مراكز التدريب والتأهيل لهولاء الشباب لماذا لم يؤهلوا للخروج الى سوق العمل حسب ما يعرف بالتوجيه المهنى لكل شخص له الحق فى امتهان المهنة أو الحرفة التى يرتضيها لنفسه حسب امكاناته الشخصية والعلمية والعملية وقدراته البدنية وإبداعاته فى العمل المناسب له، هل نرتضى كمجتمع يتطلع لمستقبل أفضل أن يبنى على اللا تخصص فى شئ.
شاب يقوم بقيادة تاكسي وهو لم يدرب على ذلك، وأخر يقوم بفتح مطعم للمأكولات وهو لم يعلم شيئا عن فنون الطهى وقواعده وفى الأغلب الأعم لا يحب فنون الطهى.
وآخر محاسب وهو لم يرغب فى تلك المهنة والآخر تركيب مكيفات وإصلاحها وهو لا يدرى شيئا عنها والبعض يمتهن الكهرباء والنجارة والسباكه بقوه الذراع بالفهلوه دون أى خبره أو تأهيل أو تدريب متخصص على تلك الأعمال والمهن.
ونجد فى النهايه أننا أصبحنا نعانى من أتقان الأعمال وجودتها فى كل شئ أصبحنا نتشكك فيما نأكله وما نشربه وما نقوم بشرائه ومن يعلمنا ومن يدربنا ، أجد أن من هنا أصبح ينطبق علينا كشعب لديه عقدة الخواجة واللهث وراء المستورد ، والسبب غياب الحرفية والتخصص وثقافة العمل والإنتاج القائمة على عبارة كله بيقلب عيشه على كله.