الرحمة بمبارك أم بجزار سوريا؟

بالله عليكم من الذى يستحق الرحمة، مبارك الذى استسلم لنداء الشعب ولم يراوغ أو يستخدم الحرس الجمهورى فى عمليات إبادة للثوار من أجل البقاء فى الحكم أم جزار سوريا الذى يحصد الأبرياء بالصواريخ والعالم يتفرج على مذابحه، ونسمع الاستنكارات وبيانات الشجب فيزداد إجرامه ويستخدم الكيماويات وقاذفات اللهب فى حرق الأبرياء؟ وبعد هذا يخرج علينا وزراء الخارجية العرب وهم يتعهدون له بالخروج الآمن بشرط أن يعلن تنحيه.. عجبى أن يكون هذا هو موقف وزراء الخارجية العرب من جزار نصب المشانق لمعارضيه ويحصد يوميا المئات من الأبرياء بالدبابات والرشاشات، ولم يعد يهمه كم وصل عدد الشهداء.. عندنا فى مصر اقترب عددهم من ألف شهيد، منهم من استحق لقب الشهيد، ومنهم من انتزعت أسرته اللقب بالبلطجة والفتونة ليضاف اسمه إلى قائمة الشهداء، ومع ذلك طالبنا بإعدام مبارك، رغم أنه لم يستخدم سلاحا من أسلحة الجيش فى قتل هؤلاء الشهداء وحاكمناه بتهمة أنه المسؤول بصفته القائد الأعلى للشرطة التى لم يظهر دليل على إدانتها فى قتل هؤلاء الشهداء.. ومع ذلك لم يتنصل من مسؤوليته ولم يهرب كما هرب بن على .. لقد أعلن أنه سيبقى فى مصر وسيموت على أرض مصر، وهو يعلم أنه سيواجه مصيره، ويا ليتنا حاكمناه عن فساد حكمه أو «فرعنته».
- أنا هنا لا أعترض على محاكمة مبارك، فالمفروض أن يحاكم عن التخلف الذى أصابنا بسبب الأمية التى أصبحت مرضاً فى عهده، وعن الفشل الكلوى الذى أصبح ظاهرة عند الشباب والشيوخ و«فيروس سى»، والسرطان الذى أصاب أطفالنا، لكن للأسف تشعلقنا فى قضية الشهداء، ونحن نعرف أن كل الثورات لها شهداء. فبجهل القذافى وحماقته وصل عددهم فى ليبيا إلى ثلاثين ألف شهيد..
وفى اليمن اقترب عددهم من الخمسة آلاف شهيد، ومع ذلك غسل عبدالله صالح يده منهم بعد قبوله المبادرة الخليجية، بمباركة قطر، وتنازل عن الحكم مقابل أن يبقى حراً داخل اليمن، يتمتع بثرواته، وقد أعطته قطر الأمان دون أى محاكمة، وارتضى ثوار اليمن ببقائه بينهم حراً طليقاً بينما مبارك الذى لم يركب رأسه ويصبح صورة من جزار سوريا فى إجرامه سجين فى طرة، ولم يضعف حتى يستجدى العفو.. هل هذه هى الرحمة؟ بالله عليكم رئيس استجاب لإرادة شعب مع أننا نحن الذين أفسدناه وأوصلناه إلى هذه الفرعنة وصنعنا منه ديكتاتورا، فكيف يستجيب بثورة شبابية، فهو يرى أن أقلام الكبار تنافقه وتنفخ فى صورته وتعظمه على أنه هو الرئيس الأوحد، حتى غاب عنه أن الكرسى لا يدوم لصاحبه وأن البقاء لله وحده.
- فكم من الرؤساء داسوا على شعوبهم، فقد أغرتهم مواقعهم وأصبح الكرسى هو خاتم سليمان بالنسبة إليهم فمثلاً واحد مثل بشار لماذا يقاتل ويستميت وهو يعلم أنه أصبح منبوذاً ومكروهاً من شعبه ومع ذلك يرفض التنحى، وقد هانت عليه نفسه وهو يملأ شوارع سوريا ببرك الدم ويحصد الأبرياء بالصواريخ التى تتساقط فوق رؤوس الآمنين من شعبه، كل هذا من أجل الكرسى.
أيعقل بعد كل هذا أن تموت فى داخلنا النخوة والشهامة كمصريين ولا نطالب له بالرحمة وبالعفو الصحى، رغم الذى رأيناه من بشع وإجرام فى رؤساء آخرين مع شعوبهم، وعندنا جزار مثل بشار الأسد يعمل له العالم حساباً، ورئيس سابق مثل على عبدالله صالح ينعم بثرواته على جثث الشهداء أو فوق جثث الشهداء الذين سقطوا على أرض اليمن.
على أى حال مطلوب وقفة مع العقل والنفس خلال هذا الشهر الكريم من أجل العفو عن العجوز الذى بلغ الثمانين، فإن كان قد أخطأ فعقابه عند الخالق وليس عند العبد.
اعذرونى إن كانت هذه أحاسيسى كمواطن مسلم يعرف أن الشهداء لهم حقوق فى رقابنا، صحيح أنهم كانوا على علم يوم أن خرجوا من بيوتهم بأنهم خرجوا فى ثورة بيضاء ولكن فى داخلهم كانوا على استعداد لأن يدفعوا حياتهم ثمنا من أجلى ومن أجلك، فالحق لا يأتى بالقصاص إلا عن دليل ويقين.. المهم ألا تضيع حقوقهم بيننا كمواطنين وتظل حقوقهم فى رقابنا كمواطنين عنوانا لرسالة الشهيد.
نقلاً عن المصرى اليوم