الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيل «المرأة الحديدية».. علوية جميل الحماة القاسية.. روضت شرير السينما محمود المليجي بـ20 جنيها

صدى البلد

  • لقبت بـ"مودموازيل جان دارك" و"المرأة الحديدية" و"ملكة أدوار الشر"
  • خصصت مبلغًا شهريًا "سريًا" لفقراء الوسط الفني
  • كانت "طيبة القلب" ..عملت ممرضة لقطتها ..ونقلت كلبًا مصابًا في الشارع للمستشفى
  • دعت الجنود العائدين من سيناء للاحتفال بالنصر.. وعند وفاتها لم يشارك فنان بالجنازة
  • كانت تغار بشدة على "المليجي" وكانا يقضيان سهراتهما الرمضانية على "قهوة الفيشاوي" والشاي مشروبها المفضل

تحل اليوم ذكرى رحيل الفنانة علوية جميل، التى ولدت في عام 1910 في "طماي الزهايرة" بمحافظة الدقهلية، اسمها الحقيقي "اليصابات خليل مجدلانى" جاءت إلى مصر من لبنان.

تعددت القابها ما بين "ملكة أدوار الشر" و"المرأة الحديدية"، واشتهرت في السينما بأدوار الأم أو الحماة القاسية، كما انها شاركت في العديد من الأعمال الفنية، وخلفت وراءها أعمالا لاتزال تشكل علامات في مسيرة الفن السابع.

الفنانة الراحلة انضمت لفرقة رمسيس مع الفنان يوسف وهبي عام 1925 وكان عمرها 15 عامًا، وفي عام 1940 شاركت في أول عمل سينمائي وهو "يوم سعيد". كما انها انضمت إلى الفرقة القومية. ومن أشهر مسرحياتها "توسكا، الطلاق، الكونت دى مونت كريستو، الوطن، راسبوتين، النائب المحترم، دم ملوث". بينما كان أول أدوارها "أحدب نوتردام" عام 1927.

كانت القسوة التي ظهرت بها علوية جميل أمام الكاميرا تختلف تمامًا عن الحقيقة، فكان وراء النظرات القاسية والشخصية الصارمة وتقاسيم وجهها الحادة، إنسانة وفية تكن الحب والتقدير للجميع، فاتسمت علاقاتها بالطيبة داخل الوسط الفني وخارجه، وخاصة أصدقاء زوجها الفنان محمود المليجي، فارتبطت بعلاقة قوية مع عائلة الفنان توفيق الدقن، كما خصصت مبلغًا شهريًا "سريًا" للفقراء من الفنانين وغيرهم، ولم يعرف احد ذلك إلا بعد وفاتها.

علاقات "علوية" الطيبة لم تقتصر على الإنسان فقط، بل اكد المقربون منها "شفقتها" النادرة على الحيوانات خاصة القطط والكلاب، لدرجة انه ذات مرة مرضت قطتها فقامت بتمريضها طوال ثلاث ليال، وفي موقف آخر وجدت كلبًا مصابًا في الشارع القريب من منزلها، فنقلته إلى مستشفى الكلب لعلاجه. كما انها كانت تقيم احتفالات كبيرة مع زوجها الفنان محمود المليجي، بعد نصر اكتوبر 1973، وكانت تدعو للحفل عددا من الجنود الذين كانوا عائدين من سيناء.
  • من "جان دارك" الى "مدام" :
عرفت علوية جميل بين زميلاتها فى المدرسة الفرنسية باسم "مودموازيل جان دارك"، وكانت تعتز بهذا اللقب، لأنه يؤكد جدارتها في فن التمثيل الذي تعشقه، فقد سبق لها أن قدمت شخصية المناضلة الفرنسية جان دارك على مسرح المدرسة، وبعد شهرين من وصولها إلى عمر 12 عاما، منعتها والدتها من الذهاب إلى المدرسة، وكانت المفاجأة الكبرى التى فجرتها والدتها في وجهها، انها ستتزوج، لأنها وصلت للسن المثالية لتكوين أسرة، كما أن تقاليد عائلتها الصارمة تمنع مكوث البنات بدون زواج حتى هذه السن.

"علوية" وصفت هذا الزواج - في حوار إذاعي نادر ببرنامج "إني أعترف" الذى تمت اذاعته فى عام 1936، بأنها رضخت لاوامر والدتها وأقنعت نفسها قائلة "اللي تقوله ماما لازم يمشي، هي عارفة مصلحتي وعارفة الواجب والأصول وزمان كان فعلًا عيب إن البنت توصل للسن دي من غير جواز". وبالفعل تركت المدرسة وهي متألمة، لانها حرمت من الاسم الذي اشتهرت به.
  • خبر الوفاة على خشبة المسرح:
علمت علوية جميل بخبر استشهاد نجلها الضابط البحري وهى على خشبة المسرح، فتماسكت، وجففت دموعها، وأدت دورها بنجاح منقطع النظير، حتى أسدل الستار وارتفع تصفيق الجمهور الحار، فقامت بتحيتهم بابتسامة تخفي ما وراءها من جراح.
  • قصة حب بدأت بـ 20 جنيها:
بدأت علوية جميل عملها بفرقة رمسيس المسرحية وهناك قابلت فتى أحلامها، شاب خجول انضم حديثًا إلى الفرقة يسمى محمود المليجي، أحبته منذ اللحظة الأولى، واستمرت علاقتهما على استحياء حتى أواخر الثلاثينيات، حينما اضطرت الفرقة إلى السفر للإسكندرية لتقديم أحد عروضها المسرحية هناك، وقتها بلغ المليجي خبر وفاة والدته، وبعدما أفاق من صدمته، اكتشف أنه لا يملك مصروفات الجنازة واحتار ماذا يفعل، فجاءت علوية جميل تواسيه، ووضعت له فى جيبه 20 جنيهًا، مساعدة منها لمواجهة ظروفه الطارئة، فازدادت قيمتها في عينيه وأحس بمدى عطائها وإخلاص مشاعرها، وشكرها على ذلك، ولكنه لم يجرؤ على الاعتراف بمشاعره حتى تلك اللحظة.

"المليجي" ضحى ببطولة فيلم "العزيمة" للمخرج كمال سليم، من أجل عيون علوية جميل، حيث كان بصدد الاستقالة من الفرقة التى تعمل بها "علوية"، استعدادًا لبطولة هذا الفيلم، إلا أن حبه الصادق لها، ارغمه على العدول عن الاستقالة بل والموافقة على السفر مع الفرقة إلى السودان، وبالفعل سافرا سويا، حيث كانت الفرصة مواتية ليطلب منها الزواج، الذي قبلته بفرحة عارمة.
  • أسرة "الشر" في السينما المصرية:
تزوجت من الفنان القدير محمود المليجي، في عام 1939، وشاركته العديد من الأفلام، وظلت معه حتى وفاته عام 1983. كما انها تزوجت قبل ارتباطها بـ "المليجي" وهي في الثالثة عشرة من عمرها.

"علوية" أحبت المليجي بشدة، وكانت علاقتهما الزوجية وثيقة جدا، ولكن هذا الحب لم يحرم "علوية" من كونها تتمتع بشخصية قوية، يخشاها الزوج ويحسب لها ألف حساب، كما انها كانت تغار عليه بشدة وتخشى من خيانته، لذا لقبها محمود المليجي بـ "المرأة الحديدية".
  • "الشاي" في رمضان:
كان مقهى "الفيشاوي" من أفضل الأماكن التي تختارها الفنانة الكبيرة لقضاء سهراتها مع الأصدقاء والزملاء، واعتادت قضاء سهراتها الرمضانية هناك، كما انها كانت تعشق الأحياء الشعبية التي تطغى عليها الأجواء الروحانية مثل منطقة الحسين وخان الخليلي، وكانت تحرص على زيارة تلك الأماكن مع زوجها الفنان محمود المليجي. وفي الشهر الكريم، كانت سهراتها على مائدة "مقهى الفيشاوي"، حيث كانت دائما تجلس في المقهى عقب الإفطار وهي تشرب الشاي.
  • الاعتزال والرحيل:
اعتزلت "علوية" للفن، منتصف الستينات، وتوفيت في عام 1994، دون أن تعلم نقابة الممثلين بوفاتها وشيعت جنازتها من كنيسة الموارنة في مصر الجديدة، دون أن يشارك فيها فنانة أو فنان واحد، واقتصرت على أفراد العائلة الذين كانوا يتابعون حالة علوية جميل الصحية، ويحرصون على زيارتها والاطمئنان عليها.