الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحج.. رحلة للتقوى!


الحج رحلة نتزود فيها بالتقوى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) البقرة 197، والحياة تعتبر رحلة لكل إنسان، من لحظة الميلاد إلى لحظة الموت، والمؤمن هو الذى يتزود بالتقوى فى هذه الرحلة لتكون سببًا للفوز بالجنة يوم القيامة.

والتقوى هي الهدف من فريضة الحج، وهى أيضًا الهدف لكل العبادات، فالتقوى هى التي تجعل أداء الحج له معنى إيجابي وليس مجرد أداء سطحى، كما تنفي التقوى عن الحج تحويله إلى مناسبة للإستغلال السياسي، فلا يجب أن نذكر غير الله فى بيت الله الحرام.

ولم تأت الدعوة للحج بصيغة الأمر: "حجوا للبيت"، وإنما جاءت بالأسلوب الخبري وهو أشد فى الإلزام من الأمر العادي: (..وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ) آل عمران 97، وصيغة الإلزام تؤكد أن على البشر فريضة يؤدونها لله.

ولم يقل تعالى: "على الناس حج البيت"، ولكن قال: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)، وتقديم لفظ الجلالة يعني أن الحج هو لله وحده، والمؤمن غير المستطيع ليس مطالبًا بالحج: (مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)، وتقدير الاستطاعة ماليًا وصحيًا متروك لتقدير المؤمن وحده، وبالتالي فمن ترك فريضة الحج مع استطاعته فقد كفر: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ).

والحج فريضة لها توقيت يتكرر كل عام، وهو يشبه دورة تدريبية للنفس لترتقي وتتقي، وما يكون حلالًا مثل الصيد والحلق والرفث مع الزوجة يكون حرامًا وقت الاحرام، ولذلك يستلزم الحج استعدادًا نفسيًا لتقبل مشاق التجربة من بدايتها إلى نهايتها.

والحج يشبه الصيام، فالحاج والصائم كلاهما رقيب على نفسه في الحج وفي الصيام كل يوم إلى نهاية الإحرام أو نهاية الصيام، وقد جاء وصف وقت الحج بالأيام: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ..) البقرة 203، وكذلك وصف وقت الصيام بالأيام: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ..) البقرة 184، فالحج وصيام رمضان كلاهما فريضة سنوية تستمر التقوى فيها أيامًا محددة (مَعْدُودَاتٍ)، مما يتطلب الحرص على اتمام الحج والصيام بنجاح إلى النهاية.

والنتيجة النهائية تكون بإتمام الحج والعمرة طاعة لأوامر الله: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ..) البقرة 196، ونفس النتيجة تكون بإتمام الصيام: (..ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ..) البقرة 187، وأكثر الناس ينسون إتمام الصيام وإتمام الحج، بل ينسون إتمام النجاح فى اختبار الحياة، بأن يتم المؤمن كل عباداته وكل أعماله الصالحة من خلال تقوى الله ليكون صالحًا بذلك لدخول الجنة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط