الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهدنة على سوريا وفرص نجاحها


اقتربت دخول الثورة السورية عامها السادس وذلك في شهر أذار من العام الجديد، والذي يأمله جميع الشعب السوري، بعدما عانوه من ويلات المعارك وحالة الصراع بين طرفي النزاع النظام من طرف والمعارضة من طرف آخر. 

إن الشعب السوري لاقى الكثير من الويلات والقتل والتهجير الداخلي والخارجي وحالة نفسية مزمنة أصابتها الغرغرينا وأنه يلزمها الكثير من العناية البشرية أو بالأحرى الإلهية وإن لم نقل البتر لعل المريض يغفو قليلًا من شدة ما أصابه من وهن وتردي.

أتت الهدنة بأيدي خارجية ونظرة خارجية وأن هذين الطرفين أي "روسيا وتركيا" كلاهما يبحث عن مصالحه في سوريا أكثر مما يبحثون عنه من مصالح الشعب السوري وأن إيقاف الاشتباكات بين الفصائل الموالية لتركيا وبما يسمى الجيش الحر والنظام السوري، لن يصمد كثيرًا بسبب التباينات الكثيرة في مواقف الدول الراعية لهذا الاتفاق بحد ذاته. 

فمن جهة إيران لها وجهات نظر خاصة بها حول الميليشيات الموالية لتركيا وترغب إيران في حل هذه الأزمة عسكريا أكثر من لملمتها سياسيًا أو تفاوضيًا، كذلك تركيا أعلنتها مرارًا وما زالت أن هدفها في سوريا الأول والأخير هو تأمين الأمن القومي التركي أكثر من بحثها عن الاستقرار في سوريا، بالرغم من أن السبب الرئيس في تفشي ظاهرة العنف اللا اخلاقي وتدمير المدن والإنسان هو تركيا بحد ذاتها، فكيف ستستمر الهدنة وأن الطرف الروسي أيضًا يبحث عن موطىء قدم له على البحر الأبيض المتوسط وبعض مدن الداخل.

تهميش الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الحد لن يدعها مكتوفة الأيدي وهي ترى أن معظم الأطراف في الحلبة السورية تلعب كيفما تشاء من دون إملاءات أو خارج فلكها، فهنا سيكون رد الفعل الأمريكي صاعقًا على كافة الأطراف الموقعة لهذه الهدنة الهشة. بالرغم أن الجميع يبحث عن إيقاف المعارك في هذه الجغرافيا التي أصابها الإعياء والوهن من كثرة التدخلات الخارجية.

فكيفما أن المعارك والحرب في سوريا تم تدويلها وبهذا بات من الصعب التحكم بها من كثرة اللاعبين الأساسيين حتى وصلت بالأطراف المتصارعة أنها فقط تنفذ أوامر تلك الأطراف، أي بكلمة أصبحت حرب بالوكالة، بنفس الاسقاط تمت هذه الهدنة من الخارج وفرضها على الداخل "النظام والمعارضة" يمكننا نعتها بـ "هدنة بالوكالة"، لأطراف لها أجندات مختلفة عمَّا تم الإعلان عنه في وثائق الهدنة.

ربما أن المعارك ستقف بعض الأحيان هنا وهناك ولكن عوامل نشوب الصراع ما زالت قائمة ومستمرة وأن حالة اللا ثقة نخرت في عظام طرفي النزاع وأن الطرفان يبحث عن نصر زائف يكلل نجاحه بهزيمة الآخر والتي تعتبر من سيكولوجية الانسان الشرق أوسطي. 

لن يكتب لهذه الهدنة الاستمرار لأن الطرف الأساسي مغيب عنها ثانية كما تم تغييبه عن اجتماعات جنيف. ألا وهو الطرف الكردي الذي يبحث عن حقوقه المشروعة في العيش بكرامة في وطنه سوريا. 

طرفي النزاع إلى الآن لا يتعرفون بالكرد بأنهم رقم صعب في المعادلة السورية ويتقربون منه بسذاجة عقولهم وحلولهم التي لا تتعدى البحث عن السلطة أكثر من بحثهم عن حلول جذرية للمشكلة السورية التي هي بالأصل مشكلة بنيوية وفكرية وأخلاقية، أكثر مما هي مشكلة شخصنة الثورة في سوريا. 

الكرد من الشعوب الأصيلة في هذا الوطن الموحد وهاهم أعلنوا نظامهم الاتحادي الديمقراطي في شمالي سوريا وأنهم مستمرون في تجذير حقوقهم بأنفسهم اعتمادًا على كافة المكونات في شمالي سوريا وأنه لا يمكن تأجيل حقوق الشعوب إلى ما بعد توافق المتنازعين على السلطة كي يمننوا الكرد ببعض فتات الحقوق التي لن تتعدى الشعارات والتقربات الانتهازية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط