الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شروط النمو في أجندة صندوق النقد


هناك سؤال يجب طرحه على أنفسنا كسياسيين نتعاطى يوميًا مع قرارات اقتصادية .. لماذا تنمو الديون كلما ازداد النمو في كل الدول التي خاضت إصلاح وفق أجندات صندوق النقد والبنك الدولى ؟ .. ما هو السبب الهيكلى الذى يؤدى إلى فقر مؤسسات الدول كلما تحرر الاقتصاد؟ .. وما هى العلاقة بين سعر العملة وقيمة الثروات الوطنية؟ .. وأخيرًا ما هو السبيل لسوق حر طبيعي دون الربط بين تحرير الاقتصاد وانهيار التصنيع المحلى ؟ .

هناك سؤال آخر وهذا موجه للصناع المحليين عن سياسات صندوق النقد .. لماذا تضعف الصناعة المحلية كلما تم العمل بآليات السوق الحر ودمجه مع الاقتصاد الدولى؟ .. لماذا يتم رفع الضرائب على الصناعات المحلية ويتم تخفيض الجمارك على السلع المستوردة؟.

ليست هناك أسئلة موجهة للاقتصاديين .. لأن توصياتهم الاقتصادية فى الغالب هى فنية مرتبطة بنماذج مالية درسوها وتأسست على أسس النظام المالى والبنكى العالمى الذى تم تأسيسه مع معاهدة بريتون وودز التى أسست الدور العالمى للدولار باعتباره عملة احتياطى نقدى عالمية والمصادفة هنا أن صندوق النقد والبنك الدولى تأسسا مع الاتفاقية وللحفاظ على نتائجها .

رسخت اتفاقية بريتون وودز .. دور الدولار باعتباره عملة التداول الدولية .. فى مقابل اعتبار أن الغطاء الذهب للدولار هو غطاء الذهب الأمريكي .. وتم إنشاء صندوق النقد والبنك الدولى كجزء من ضمان توحيد الاقتصاد الدولى تحت يافطة اتفاق بريتون وودز .. ولهذا يمكن اعتبار الدولار هو محور حركة صندوق النقد والبنك الدولى .. الذى تعتبر شهادته هى ضمانة للبنوك العالمية بإقراض الدول التى تنفذ توصيات الصندوق.

فاجأ نيكسون العالم بإلغاء الذهب كغطاء نقدى للدولار .. وتم استبداله بوضوح بكل ثروات الدول التى اعتبرت نفسها ملتزمة بالغاء غطائها الذهبى لصالح الدولار .. وكان ربط سعر الدولار بالنفط أحد أشكال هذا التحول .. ربما يكون هذا هو السبب وراء ارتفاع أسعار الدولار أمام العملات المحلية فى كل البلاد التى تتبع سياسات ونصائح الصندوق .

إذن صندوق النقد والبنك الدولى ليسا جهات خيرية .. إنهما جهتان تستهدفان إدخال برامجهمها الهيكلية .. بهدف توحيد الهياكل المالية فى نموذج مالى واحد .. هو النموذج الذى أنتجته اتفاقية بريتون وودز .. والتى أسست لعدة أمور .. أولًا .. تعظيم قيمة الدولار .. ثانيًا بقاء الدولار كوسيلة لقياس ثروات الامم باعتبارها عملة مركزية .. ثالثًا تحويل إنتاجيات الدول كقيمة مضافة للدولار .. على اعتبار تحويل كل أرباح الإنتاج إلى الدولار .. وهذا هو الهدف الموضوعى لصندوق النقد .. لا يوجد شيء خفى فى الأمر .

وهذا يعنى في نهاية الأمر أن سياسات الصندوق تستهدف من البداية القيام بهيكلة تستهدف بوضوح تنشيط الاستثمار الأجنبي، لكن مشكلة سياساتها هي أنها تُضعف اقتصاديات الدولة والقطاع الخاص المحلى نتيجة تخفيض الجمارك على الواردات والضرائب على نشاطات الاقتصاد والتوكيلات الأجنبية، تحت شعار تحرير السوق.

يرتبط صندوق النقد الدولى والبنك الدولى بطبيعة الحال .. بالبنوك والصناديق الدولية التى تمنح القروض .. وتلك البنوك التى تمنح تحتاج الى فوائد لتحقيق الارباح السنوية .. وهذه الأرباح تحتاج الى تعظيم .. وهذا التعظيم يحتاج إلى ارتفاع سعر الدولار فى مقابل العملات المحلية .. وهذا يعنى أهمية أن تحقق الدول نموًا اقتصاديًا مع الحفظ على بقاء الديون وتضخمها .. وبالتالى الاستمرار فى جدولة الديون لتعظيم الأرباح .

ببساطة شديدة .. صندوق النقد يهمه تنفيذ سياساته .. والبنوك الدولية مستفيدة من سياسات الصندوق .. المتضرر الوحيد من التنفيذ الكامل غير المشروط لسياسات صندوق النقد الدولي .. هو العملات المحلية والصناعات المحلية والثروات المحلية والناتج لقومى الإجمالى المحلى .. والمستفيد الأول هو الدولار والمنتج المستورد والمستثمرون الخارجيون والناتج القومى الإجمالي للدول المصدرة لرؤوس الأموال.

لذلك فإن العمل مع صندوق النقد الدولي .. لابد أن يقترن بسياسات واضحة لتشجيع الاستثمار المحلى والقطاع الخاص المحلى في توفير الاحتياجات الاستهلاكية للسوق .. كذلك لابد من تنشيط دور الدولة اقتصاديًا في توفير احتياجات الدولة من الصناعات الاستراتيجية والصناعات التحويلية .. وقبل كل ذلك اطلاق اكبر عمليات تمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة واحياء لكل الأنماط الاقتصادية التقليدية في بداية من المأكولات الريفية وحتى الصناعات الحرفية .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط