بيعوها لمصريين

تابعت الإعلان عن بيع عدد من شركات توزيع البترول المصرية عن طريق طرحها للبيع فى البورصة المصرية، وهي خطوة متوقعة فى ظل الاتجاه لإلغاء الدعم عن المنتجات البترولية، فهذه الشركات كانت مسئولة عن توزيع منتجات بترولية مدعمة، يتم إنتاجها فى شركات حكومية أيضًا.
وفى حالة إلغاء الدعم عن المنتجات البترولية لن يكون لشركات التوزيع الحكومية أى ميزة تنافسية؛ لأن المنتجات ستكون خاضعة للعرض والطلب، ونسب التوزيع العالية ستكون من نصيب الشركات الأكثر حرفية فى إدارة أعمالها، والكل يعلم حجم الترهل الوظيفى فى الشركات الحكومية، والعمالة التى وجدت طريقها بالواسطة أو بغيرها، ولن تقوى على المنافسة.
ومن هنا أعتقد أن الحكومة قد اختارت بيع شركات التوزيع بدلًا من الاحتفاظ بها، وقررت طرحها فى البورصة، وهو حل من وجهة نظرى قد تكون الحكومة مضطرة إليه تلبية لشروط صندوق النقد الدولى للافراج عن الشريحة الثانية من عقد القرض الذي وقعته مصر مع الصندوق، أو ربما التخلص من عبء إدارة شركات لن تصمد أمام منافسة الشركات الخاصة بعد إلغاء الدعم عن المنتجات البترولية فى المستقبل.
فإذا كان قرار البيع جاء تلبية لشروط صندوق النقد الدولى، فليكن البيع لمصريين فقط، فقد سبق وان بعنا شركات إنتاج الأسمنت الحكومية وشركات الحديد والصلب وعانينا كثيرًا من تبعات هذا القرار، وكان من الافضل أن يتم خصخصة إدارة شركات الحديد والأسمنت بدلًا من بيع أصول هذه الشركات، فقد تضاعفت أسعار الأسمنت عدة مرات منذ بيعها فى الوقت الذى لم تتضاعف فيه تكاليف الإنتاج، ولو كنا احتفظنا بشركاتنا الوطنية وفتحنا الباب للقطاع الخاص لعمل شركات أخرى منافسة لها لكسبنا من جميع الوجوه.
لأننا كنا سنكسب مصانع جديدة فى السوق توفر فرص عمل جديدة، بدلًا من بيع شركات قائمة قامت بالتخلص من العمالة لتوفير النفقات، فعندما تبيع مصنع وطنى لمستثمر أجنبى أنت لا تضيف جديدًا للناتج القومي، بل تنقل ملكية بيتك إلى ملكية أجنبية لا أكثر ولا أقل، ولكن عندما تسمح بوجود مصنع منافس جديد فإن ذلك يكسب إضافة للناتج القومي، وفرص عمل جديدة، ومنافسة تقوى السوق بصفة عامة وتجعل الشركات القائمة تطور من نفسها.
ولذا أتمنى ألا نكرر نفس الخطأ ونبيع شركات التوزيع القائمة حاليًا لمشترين أجانب؛ لأن المشترى الأجنبي سوف يدفع لك دولارا ويسترده خلال فترة وجيزة ويحوله إلى خارج البلاد، ثم يستمر فى تحويل أرباحه للخارج فى كل عام ويستنزف العملة الصعبة دون أن يضيف شيئًا الى الناتج القومي، فهو فهى حالة شركات توزيع منتجات البترول، يشترى منتج مصرى ليبيعه الى مشترى مصرى ويحول أرباحه الى خارج مصر.
من هنا أتمنى وكما أردد دائمًا لا أملك فى مصر غير التمنى، أن يتم حصر الشركات التي تقرر بيعها وعمل حملة توعية ضخمة فى مصر عن هذه الشركات وأرباحها ومستقبلها، ثم يتم طرحها فى البورصة وقصر شراؤها على المصريين فقط لا غير، أو خصخصت الإدارة فى هذه الشركات والاحتفاظ بالأصول كملكية عامة لمصر والمصريين.