الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اختبار تذكرة المترو


لا سبيل للنقاش.. ولا وقت لدينا للاعتراض.
الدفع مقدما.. والتقبل الحتمي ثانيا..
ثم الجزم بوجود أزمة اقتصادية يجب أن تتكاتف من أجلها جيوب المواطنين ثالثا ورابعا وخامسا وعاشرا.

تذكرة المترو كانت آخر ما يمكن أن يشتريه المواطن بجنيه واحد، لكنها تمردت مثل ساندويتش الفول أمام ضآلة الجنيه العائم وعقلية الحكومة الجامدة وكتالوج الحلول العبقرية في مصر.

تذكرة المترو كانت تحديا صغيرا واختبارا سهلا ، إما الاستسهال ورفع سعر التذكرة تحت عباءة الحديث عن خسائر وأزمات ومعضلات ، أو التفكير في تحقيق أقصى استفادة من المشروع الخدمي الأنجح في مصر، عبر عائد إعلاني ضخم كما هو الحال في دول أخرى، لكن العبقرية المصرية في الحلول اعتادت على سياسة لا مفر منها "عندما تفشل كل الطرق .. اقرأ التعليمات".

جنيه أو اثنان، لن يشعر المواطن بهذا الفارق في ظل فيضان الجنيهات المنفلت يوميا من جيبه، فالكرب إذا اشتد هان .. لكن إلى متى سيضع المواطن يده على جيبه معتصرا فراغه كلما رأى مسئولا يتحدث عن إصلاحات اقتصادية، لماذا يظل المواطن الراعي الرسمي لخطط الإصلاح، بينما الخطط تبدأ من عنده ولا تنتهي أبدا إليه.

في الجانب المرتعش من خيالي المريض، لا زلت أفكر في القرار القادم إلينا كجيوش أبرهة "زيادة أسعار الوقود"، في ظل تأكيد الحكومة - رعاها الله - بعدم وجود نية لتخفيض أجور الموظفين، وكأن الحديث عن تخفيض الأجور بات يحتل مساحة من تفكيرهم، وعدم وجود نية حاليا لا ينفي وجودها مستقبلا، فلم تكن هناك نية منذ سنة تقريبا لما انتوته الحكومة بالأمس .. إنها لعبة جس النبض ثم الانقضاض المفاجئ لتنعدم طرق الخلاص ويسهل الاستسلام للأمر الواقع.

والأمر الواقع حاليا، أنه لم يبق في قوس الصبر منزع، بالبلدي "الكيل طفح والناس روحها في مناخيرها"، وعلى الحكومة أن تتعامل مع المواطنين باعتبارهم يملكون الحق في الحياة كآدميين تتوفر لديهم الحدود الدنيا من سبل العيش، لا فئران تجارب لحلول الإصلاح العبقرية أو شروط صندوق النقد الدولي.

ربما في يوم ما، في زمن لا يعرف الحلول أحادية الاتجاه، نجد سبيلا لتكاتف العقول بدلا عن الجيوب، ربما نستغني بذلك عن مسلسل سلخ وتشفية المواطنين على مقصلة الظروف الصعبة والأزمات الاقتصادية.. ربما !
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط