قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

«آية السيف» سلاح «المتطرفين» لقتل الأبرياء.. والمفتي: نزلت في فئة محددة وفسرها الإرهابيون خطأ.. والقرآن مليء بآيات تدعو للتعايش والصفح مع غير المسلمين


  • مفتي الجمهورية:
  • المصلحة الشرعية تقتضى اتّخاذ سياسة ناجحة تؤدى إلى عصمة الدماء
  • لا يوجد فى القرآن لفظ «السيف» المتطرفون فهموا الآية خطأ
  • قتال المشركين في آية السيف ينسحب على فئة معينة محدودة
  • القرآن مليء بآيات تدعو لتعايش المسلمين مع غيرهم
  • من يزعم أن آية السيف ناسخة لكل آيات الرحمة والتعايش فليأت بدليل

لم ترد كلمة «السيف» فى القرآن، ومع ذلك، أطلق المفسرون على الآية الخامسة من سورة «التوبة» هذا الاسم، وهى قول الله تعالى: «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ».

وتدعى التيارات الجهادية الإرهابية أن «آية السيف» تؤصل للعلاقة بين المسلم وغير المسلم، فهى -على حسب اعتقادهم- تأمر المسلمين بقتال المشركين أينما وُجدوا، فى كل زمان ومكان، بسبب تفسيرهم الخاطئ وأبطلوا العمل بـ 100 آية تحث على السلم وحسن معاملة غير المسلمين.

وفنّد الدكتور شوقى علام، مفتي الجمهورية، عوار الفكر الداعشى ومدى تحريفه فى تفسير الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتحقيق طموحه فى الخلافة الإسلامية، وكيفية مواجهته فكريًا.

وقال الدكتور شوقى علام، مفتي الجمهورية، إن لفظ السيف لم يرد في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن المتطرفين أطلقوا على الآية 5 من سورة التوبة مسمى «آية السيف» لآن ظاهرها يأمر الرسول الكريم والمسلمين بأن يقتلوا المشركين كما قال تعالى: «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (سورة التوبة: آية 5).

وأضاف «علام»، في حديثه لبرنامج «مع المفتى» الُمذاع على قناة «الناس» ردًا على استدلال المتطرفين لما يسمى بآية السيف «الآية الخامسة في سورة التوبة» والتي يتخذونها ذريعة لقتال غير المسلمين تحت دعوى قتال المشركين: «أن هذه الآية فهمها المتطرفون فهمًا خاطئًا، وهذا جاء من منطلق أنهم يأتون على كل المجتمعات بالتكفير».

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن تفسير الآية يجب أن يتم بقواعد لغة العرب، ولفظ المشركين الوارد في الآية ليس على العموم، بل إن «الــــ» فيه للعهد أي الناس المعهودين، ونفهم من الآية أنها نزلت في مجموعة معينة من المشركين المعيّنين، وليس كل من اُطلق عليه هذا الوصف، وهذا هو الفهم الصحيح بمعنى أن «الــــ» هنا للعهد وليست للجنس كما يقول العلماء، ولا تفيد العموم، أو نقول بأن لفظ المشركين هو للعموم ولكنه عموم أُريد به الخصوص، فهولاء الناس المخصوصين المشركين المحدودين الذين يعلمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويعلمهم المسلمون هم هؤلاء الذين ورد النص بخصوصهم ولا ينسحب على كل إنسان بدليل أن الله سبحانه وتعالى بعد هذه الآيات قال: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ» (سورة التوبة آية 6).

ونبّه المفتى، على أن تفسير القرآن يجب أن يتم في إطار كلى متكامل، وفى إطار تاريخ وسيرة الرسول الكريم، ونلاحظ أن غير المسلمين كانوا موجودين في مجتمعات عديدة في عهده، والمشركون كانوا في مكة أيضًا، وقد أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم-المسلمين إلى الحبشة وهى بلد غير مسلمة، وفى عهده أيضًا لما قدم المسلمون المدينة كان هناك غير مسلمين كاليهود وغيرهم، فلو كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مأمورًا بقتل كل أحد كما تعبر عنه هذه الآية ظاهريًا، وكما يفهم هؤلاء المتطرفون من آيات وسياقات أخرى لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتنفيذ وقام بقتل كل أحد، ولكنه لم يقتل كل أحد إلا هؤلاء الذين ناصبوه العداء واعتدوا بالفعل، ولكن من كان مسالمًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يحارب الدين، فلم يثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتله.

وألمح إلى كثرة الآيات التي تدعو إلى الهدنة والتعايش والرحمة والمودة، وترك الناس في حرية، ومنها قوله عز وجل: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» (سورة يونس آية 99)، وقوله عز وجل: «وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ» (سورة هود آية 118)، وغيرها من الآيات التي تدل على أن المجتمع هو في مساحة كبيرة من الحرية.

وتعجب مفتي الجمهورية، من اعتقاد المتطرفين بأن آيات الرحمة والمودة منسوخة، لكونها نزلت قبل فتح مكة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- فتح مكة ومن قبل الفتح صلح الحديبية، وصلح الحديبية كان يُعد فتحًا، ولم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتل المشركين ولا غير المسلمين في ذلك الوقت، فالثابت أن بعضهم لم يدخل الإسلام بدليل أن أبا سفيان بن حرب لم يزل بعد على الشرك، ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ».

وتابع نماذج من الأحداث التي وقعت أثناء فتح مكة ومنها قول أحد الصحابة «الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْيوم يوم المرحمة».

ونوه إلى تأثر كثير من الفتاوى بهذا الاتجاه القائل بالنسخ، فقد رصدت دار الإفتاء المصرية خمسة آلاف وخمسمائة فتوى تحدد العلاقة بين المسلمين والمسيحين، وكان من نتائج تحليل هذا الرصد أن سبعين في المائة من هذه الفتاوى يحرم التعامل، وأن عشرين منها يجعل التعامل معهم مكروها، وعشرة بالمائة فقط تجعل التعامل معهم مباحا، وهذا التحليل يفصح عن تضييق دائرة العيش المشترك التي كانت واسعة في أيام رسول الله -صلى عليه وسلم-.

وأثنى المفتى وبشدة على صلح الحديبية قائلًا: «صلح الحديبية في غاية البراعة لأنه أرسى لمبدأ أصيل في أن لولى الأمر أو الدولة أن تتصرف بما تمليه المصلحة، وقد تكون المصلحة غائبة عن البعض لأن ليس عندهم المعلومات الكافية، وهو ما أُتيح للنبي -صلى الله عليه وسلم- عن طريق الوحي فعَلِم ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل، والناظر لحال الصحابة عند خروجهم لهذا الصلح يرى أنهم لم يكونوا مجيّشين أو مسلحين، بل ذهبوا لأداء العمرة، وبرغم أنهم عاهدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما بايعوه تحت الشجرة على بذل النفس في الدفاع عن الدين، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أول المتشوفين لتجنب إراقة الدماء وعصمتها وهو ما حدث.

وبيّن أن المصلحة الشرعية تقتضى في كثير من الأمور اتّخاذ السياسة الناجحة التي تؤدى إلى عصمة الدماء، وهو ما حدث في تجاوز النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بعض الأمور من أجل المصلحة الشرعية كشطب ألفاظ في وثيقة الصلح كــ«بسم الله» أو «رسول الله» وهو الحق الذى لا حق بعده، ولكن أراد أن يعطى القدوة للمسلمين من التعامل المرن مع الأحداث، برغم تعجب بعض المسلمين في بداية الأمر كقول سيدنا عمر: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بَلَى» ........ قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا»

واستطرد: أن هذه الآية المسماة بآية السيف والمخصوصة بفئة معينة وقت النبي -صلى الله عليه وسلم - لا تنسحب على القرن الواحد والعشرين ولا القرن الثلاثين ولا القرن الخمسين.

واختتم حديثه مناشدًا الشباب: «عودا إلى جادة الصواب، واعلموا أن هذه الأفكار الهدامة ليست من صحيح الدين».