تعد نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت بالعراق في شهر مايو الماضي ضعيفة جدا، ونتائجها أيضا كانت غير مؤثرة، ولم يحصل أي طرف على أكثرية المقاعد البرلمانية لتؤهله لتشكيل الحكومة، حتى التحالف بين كتلتين لا يضمن تشكيل الحكومة، والذي لن يكون سهلا، وخاصة خلال الأشهر المتبقية من السنة.
ربما تشكل الحكومة في الربع الأول من العام المقبل، ولعل أسباب عديدة تؤدي إلى تأخيرها، منها عد وفرز بعض الصناديق يدويا، وحتى الآن لم تتفق الأحزاب الفائزة بمقاعد كثيرة على برنامج أو ترشيح شخص من الكتل الشيعية لرئاسة الحكومة.
الأطراف الشيعية الفائزة وهم السائرون، وتحالف النصر، وتحالف الفتح، ودولة القانون، وتيار الحكمة، والمجلس الإسلامي، لم يتفقوا حتى الآن على تسمية شخص لمنصب رئاسة الوزراء، والبعض منهم، عدا حزب الدعوة، يحاول سحب رئاسة الوزراء من حزب الدعوة، وتكليف شخص من خارج حزب الدعوة، ولكن هل يفلحون في هذا الاتجاه؟
على الحكومة القادمة إعادة بناء وتعمير الأماكن التي هدمت من جراء الحرب ضد الإرهاب، وإعادة النازحين مع تعويضهم عن الخسائر، والعمل من أجل استتاب الأمن والاستقرار.
والأهم كيف يمكن لجميع مكونات العراق الاشتراك في تشكيل الحكومة في ظروف لا نرى أفقا يظهر فيه بريق من الأمل، بعد الخلافات التى نراها الآن؟
كيف سيتم التعامل مع الكرد المكون الرئيسي الثاني في العراق؟ هل سيتم الالتزام بالدستور وحل المادة ١٤٠ منه والمواد الأخرى الخاصة بالثروات الطبيعية وأهمها النفط والغاز؟
الكرد من جانبهم، رغم وجود خلافات، بينهم إلا أن الحزبين الرئيسين اتفقا على الذهاب إلى بغداد برؤية مشتركة بما يخدم مصالح جميع العراقيين، والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حصل على أكثرية المقاعد في كردستان، والأول على العراق فى الانتخابات البرلمانية أيضا كحزب، له رؤى خاصة كما أعلنت قيادته الشراكة الحقيقية، والتوافق، والتوازن، والالتزام بالدستور.
فلا يمكن تشكيل الحكومة العراقية دون الكرد، ومن الكرد دون الحزب الديمقراطي، ومن خلال ما طرحته القيادة الكردية ضمن هذه الأطر، تنفيذ المادة 140 من الدستور، الاتفاق على ميزانية الإقليم، وتشريع قانون للنفط والغاز، والإدارة المشتركة للمناطق المتنازع عليها لحين تطبق وتنفيذ المادة ١٤٠.
وخلال هذه الفترة جرت حوارات ولقاءات بين القيادة الكردستانية وبعض القيادات العراقية الأخرى، لمناقشة كيفية تشكيل الحكومة المقبلة، وإلى حد ما، حسب تصريحات مسئولي الجانبين، هناك تفهمات وتقاربات واضحة في وجهات النظر حول المسائل العالقة، وأيضا تمت خلال هذه الفترة المظاهرات الجماهيرية في المحافظات الوسطى والجنوبية للمطالبة بتوفير الخدمات والعمل لمواطني هذه المحافظات والمدن، ولهذه المظاهرات تاثير على تأخير تشكيل الحكومة، خاصة بعد إعلان تحالف "السائرون" بتعليق الحوارات لتشكيل الحكومة لحين الانتهاء من تلبية مطالب الجماهير، ويعتبر تحالف "السائرون" أكبر تحالف ضمن مجلس النواب العراقي لحصوله على ٥٧ مقعدا.