الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مجدي كمال يكتب: "وقتك رأس مالك"

صدى البلد

قد نختلف جميعًا على نوعية ومقدار النعم التي منحها الله لكل واحد منا، لكن هناك نعمة لا يختلف عليها اثنان منحها الله لنا دون تمييز ألا وهي الوقت؛ طالما أنك تحيا فأنت تمتلك من الوقت ما يمتلكه غيرك من جميع الناس في مختلف أماكنهم ومختلف ألوانهم و بنفس القدر، لكن الفرق يظهر في كيفية استغلال كلٍ منا لهذا الوقت الذي بين يديه وتكمن أهمية هذه النعمة في كونها لا ادخار فيها فأنت لا تستطيع الاحتفاظ بالوقت أو إيقافه أو ادخاره، فالثانية التي تمر إنما هي من عمرك ولا تستطيع إرجاعها.

نسمع كثيرًا هذه الأيام أن الوقت قد خلا من البركة و أصبح الواحد منا لا يستطيع إنجاز أعماله اليوميه لكن الوقت هو الوقت و الليل هو الليل و النهار هو النهار لم يزيدوا أو ينقصوا؛ إذًا ماذا حدث؟! 
 
المشكلة تكمن فيمن يسرق أثمن شيء لدينا ..
نتفق جميعًا أنه لم يكن لدى أجدادنا هذا الكم من لصوص الوقت الذين يملأون حياتنا الآن، هؤلاء اللصوص المتمثلون في كم القنوات الفضائية التي تعرض برامج لا تسمن ولا تغني من جوع، ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعي المليئة بالشائعات والأكاذيب وقد حولت حياتنا إلى كذبة كبيرة نعيش داخلها ولا نستطيع الخلاص منها وأصبح لدينا مفهوم خاطئ و جملة تتردد على أسماعنا و يروج لها كأنها هي هدفنا وغايتنا " كيف تقضي وقتك" أو " كيف تقتل الفراغ " .. و يتبارى هؤلاء اللصوص في تخطيط يومنا كيف نقضيه دون أن نشعر به مع أن الأولى أن يكون المفهوم الذي يروج له " كيف نستغل أوقاتنا الثمينة في عمل أشياء مفيدة تحقق لنا السعادة و الرضا والبركة ؟ ". 

أصبحنا نرى برامج يتم وضعها لإضاعة الوقت؛ فمن أول يومك تجدهم يضعون لك خريطة محكمة، فمن برنامج ترفيهي إلى مسلسل إلى فيلم طويل إلى سهرة ممتدة لتجد يومك قد ضاع هباءً منثورًا .

إذًا ليست المسألة مسألة بركة في الوقت أو تغير في الزمان، لكنهم اللصوص ..
أجدادنا لم يكن يحيطهم كل هؤلاء اللصوص؛ لذلك كان لديهم وقت للعمل ووقت لتبادل الزيارات وتقديم التهاني أو التعازي و وقت للترفيه و المتعة و وقت لتربية الأولاد.

وبحسبة بسيطة لو افترضنا أن انسانا سيعيش لمدة 60 سنة وهو متوسط أعمارنا كيف يقضيها؛ ستجد أنك تمضي ثلث عمرك في النوم أي 20 سنة على افتراض إنك ستنام يوميًا لمدة 8 ساعات ولو أمضيت ساعتين يوميًا أمام التلفاز تعني إمضاء 4 سنوات من المشاهدة المستمرة.
 
ولو افترضنا أنك ستقضي ساعة واحده على مواقع التواصل الاجتماعي في اليوم فإن ذلك يعني إمضاء سنتين من عمرك الكلي على تلك المواقع.

ولو استعملت هاتفك الجوال لمدة ساعة واحدة كل يوم في مكالمات لا تعود بالنفع عليك ستجد نفسك قد أمضيت سنتين أخريين من عمرك في تلك المكالمات. 

أما الشيء الملفت أنك لو قضيت نصف ساعة فقط يوميًا تغرق في ماضيك و تندم على ما فاتك من فرص وتظل تردد ( لو فعلت كذا لصرت إلى حال أفضل ) فإنك ستمضي سنة من عمرك تندم على شيء فات و لن تستطيع تغييره، لتجد بعد هذه الحسبة البسيطة أن نصف عمرك تقريبًا قد ذهب و لا تدري إلى أين !

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْوقت)).

ويقول النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضًا: (( لا تزول قدما عبد يوم القيامه حتى يُسئَل عن أربع )) - منهم عمره فيما أفناه - .

نحن مسئولون عن هذه النعمة العظيمة كيف قضيناها، ابتعد عن لصوص الوقت و لا تندم على شيء مضى واعلم أن لديك ثروة عظيمة لا تقدر بثمن و أن أثمن شيء يمكن أن تمنحه لأحد هو وقتك فانظر من تمنح هذا الوقت؛ أنفقوا أوقاتكم في شيء مفيد.

وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان.