الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أول حوار مع مكتشفة علاج السرطان .. هبة سماحة لـ صدى البلد: أحلم بتطبيقه بمصر لنقضي على المرض الخبيث كما أنهينا على فيروس سي

صدى البلد

الباحثة المصرية هبة سماحة:
الآلية الجديدة تمهد الطريق للخلايا المناعية وتجعل القضاء على الأورام الدماغية المستهدفة أكثر سهولة
التجارب المعملية حققت ارتفاعًا في أعداد الخلايا المناعية التي تهاجم الورم بنسبة 74%
6 سنوات لإثبات نجاح العقار في حال الحصول على موافقة التجارب السريرية
الانتاج أمريكي.. ولكن حلمي بدء العلاج بمصر
أحلم أن نقضي على مرض السرطان كما استطاعت مصر القضاء على فيروس سي


مرض أصبح نارا في الهشيم، يأكل ما يريد دون حسبان، وأصبح العلماء في عمل دائم متكامل في جميع أنحاء العالم لحل لغز هذا المرض، أنه السرطان، حتى بزغ فجر جديد، من خلال بحث جديد، حول العلاج المناعي للأورام السرطانية بالمخ، نشر في مجلة nature journal هي من أعلى المجلات العلمية بالعالم .

البحث قدمته الباحثة المصرية هبة سماحة، ذات الـ 29 عامًا، خريجة الجامعة الألمانية بالقاهرة دفعة 2011، حاصلة على درجة الماجستير في العلاج الجيني في لندن كوليدج، والباحثة حاليًا في كلية بيلور للطب بأمريكا، بعد عمل دام لعاميين ونصف متواصليين حتى الخروج بهذا البحث للنور، يرافقها الدكتور نبيل أحمد، أستاذ أورام الأطفال بجامعة بيلور والمستشار العلمي لكل من مستشفي تكساس للأطفال بأمريكا ومستشفي 57357 بمصر، وفي هذا الصدد أجرى صدى البلد حوارًا صحفيًا في أول لقاء معها.. وإلى نص الحوار..

في البداية.. نريد نبذة عن الاستراتيجية الجديدة التي أعلنتها دورية "نيتشر"؟ 

استطاعنا من خلال استراتيجيتنا الجديدة في العلاج أن نحسن من وصول الخلايا المناعية إلى أعماق الدماغ مخترقة الحائل الدموي الدماغي لضرب أورام المخ وتدميرها في معاقلها، ونجحنا في بناء مُستقبل يمكن "لصقه" على الخلايا المناعية، الأمر الذي يجعلها تمر عبر الحائل الدموي الدماغي لتكون قادرة على تدمير الأورام الدماغية بطريقة فريدة، ومن ثم فإن الآلية الجديدة تمهد الطريق للخلايا المناعية وتجعل القضاء على الأورام الدماغية المستهدفة أكثر سهولة.

كيف يتم ذلك؟ 

يتطلب ذلك من خلال وصول الخلايا التائية إلى أنسجة الورم من أجل نجاح العلاج المناعي لسرطان الدماغ، وبشكل عام، يعتمد ذلك النوع من العلاج على تنشيط الجهاز المناعي للمريض، عبر أخذ الخلايا التائية من دمه أو من الورم، وتعديلها وراثيًّا، ومن ثَم حقنها مرةً أخرى داخل جسد المريض؛ لتتعرَّف خلايا الأورام وتدمرها.

لماذا لم يكن الأمر سهلًا في الأبحاث السابقة في هذا المجال وتحقيقه على الفور؟

لأنه كان عصيًا على التحقيق، لأن الخلايا المناعية فشلت في الوصول إلى هدفها، حيث أن الخلايا السرطانية تمنع وصول العلاج المناعي إلى مكان الورم في المخ٬ على عكس الأمراض الدماغية الالتهابية كالتصلب المتعدد يعمل الدماغ على تسريب بعض الجزيئات المناعية خلال الخلايا المبطنة للأوعية الدماغية ما يسمح بزيادة أعداد الخلايا المناعية داخل المخ، وللعلم أن "الخلايا التائية" تشكل مجموعة من الخلايا الليمفاوية الموجودة بالدم وهي تلعب دورًا أساسيًا في المناعة الخلوية.

ماذا كان يفعل الباحثون في هذا الأمر؟ 

يضطر العلماء إلى اتخاذ أساليب عنيفة لإيصال الخلايا إلى عمق الورم؛ منها استخدام القسطرة الطبية الدماغية، التي يستلزم تركيبها عمليةً جراحية، أو حتى شق الجمجمة وحقن الدواء في الورم مباشرة، "وهي أساليب مُكلفة وعالية الخطورة".

ولكن كيف تم التوصل لتلك الاستراتيجية؟ 

عملنا على فحص الخلايا المناعية المنتشرة حال الإصابة بالتصلب المتعدد وتبين بعد تحليلها وجود عدد من الجزيئات التي لا تتوافر في الخلايا المناعية العادية، وبفحص تلك الجزيئات لاحظنا قدرتها الاستثنائية على تغيير شكل الخلية المناعي إذ تُضغط تلك الخلايا وهو الأمر الذي يسمح لها بالمرور خلال الحائل الدموي الدماغي والوصول إلى عمق المخ.

كيف يتكون المُستقبل؟ 

بعد طريقة انتشار الخلايا المناعية داخل الدماغ، جاء الدور على الشق الثاني من الدراسة، ألا وهو تصميم مستقبِل يستطيع الباحثون دمجه مع الخلايا التائية ليعطيها القدرة على العبور من خلال الحائل الدماغي الدموي، "جاء الدور على الحاسوب، جمعنا خواص المستقبلات، وقمنا بتصميم أحدها من الصفر، تصميمًا عقلانيًّا من مواد طبيعية لا تُسبب ضررًا للدماغ".

لذا يتكون المُستقبل المُصمم من جزءين، يتصل أحدهما بالخلايا التائية، ويبقى جزء منه خارج الخلية المناعية، تجعل التعرف عليه سهلًا من قِبَل الحائل الدموي الدماغي، وبمجرد الدخول إلى أعماق الدماغ، يلتصق الجزء الحر في الخلية التائية بخلايا الورم، ويدمرها تمامًا.

ماذا عن التجارب المعملية؟ 

كفريق بحثي عملنا على سحب دماء بشرية، ثم قمنا بعزل الخلايا التائية، وأعدنا برمجتها وراثيًّا عن طريق تحميل جين على فيروس وإدخاله إلى الخلايا المناعية، وبعد إتمام عملية البرمجة، نقوم بلصق الجزيء/ المستقبل الجديد على الخلايا، ويتم حقنها داخل مجرى دم الحيوانات.

ما نسبة النجاح حتى الآن؟ 

حققت تلك الطريقة Homing System ارتفاعًا في أعداد الخلايا المناعية التي تهاجم الورم بنسبة 74%، حيث عملنا على متابعة وصول الخلايا إلى الورم عبر استخدام صبغة خاصة تكشف مسارها في الدم، وتلك النسبة كافية لمهاجمة الأورام والقضاء عليها، كما أن سرطانات الدماغ والجهاز العصبي لا تمثل سوى نسبة صغيرة من حالات الإصابة السنوية بالسرطان –نحو 1.4%- إلا أنها تُسبب ضِعف النسبة من الوفيات -2.7% من إجمالي وفيات السرطان- وتمثل الأورام العصبية الظهرية الغالببية العظمى من أورام المخ الخبيثة، والأكثر شيوعًا منها الورم الأرومي الدبقي (46%) بمعدل بقاء لا يزيد عن 5% فقط من الحالات المُصابة.

هل هناك تجارب سريرية تتم من خلال ذلك العلاج المناعي؟ 

نعم، يوجد 4 تجارب سريرية قبل العمل على هذا البحث وكانت تُجرى في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل متزامن في محاولة لحل المشكلات المتعلقة باستخدام الأدوية المناعية في علاج أورام الدماغ، غير أن النتائج قبل البدء في هذا العلاج المناعي لم تكن مبشرة، ونحاول الآن الحصول على الموافقة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على إجراء التجارب السريرية على البشر، بعد أن أتم دراسة الآثار على حيوانات التجارب.

هل تم إجراء تجارب سريرية عقب تقديم البحث؟

لا لم يحدث ذلك حتى الآن، كما قلت سابقًا نحن نسعى للحصول على الموافقة لبدء العمل بالتجارب السريرية، خاصة ونحن قدمنا المذكرة منذ وقت قليل، ولا نعلم متى سيتم إرسال الموافقة، ومن المتوقع أن ننتظر عام من أجل ذلك.

وهذا يعني خروج البحث كعلاج؟

لا ليس كعلاج.. ولكن كتجارب سريرية على بشر، والتجارب يتم العمل معها ما بين 5 إلى 6 سنوات على الأقل؛ لأنه يتم التجربة على 4 حالات، للوصول إلى الناتج المرجو، ثم يتم النظر إلى شركات الأدوية وبدء إجراءات خروج العقار بشكل آمن.

ما جهة الانتاج مصر أم أمريكا أم تعاون مشترك؟

لا استطيع القول بأن مصر ستكون جهة الانتاج، ولكن الانتاج أمريكي، أما نحن نأمل أن تكون مصر أولى الدول وخاصة مستشفى 57357 حصولًا على العلاج في حال نجاحه، وأؤكد أن البحث مسجل بعدد من الأسماء المصرية وسيظل هكذا كبراءة اختراع بأن هناك أفراد مصريين بالتعاون مع مجموعة أخرى، وأحلم أن نقضي على مرض السرطان كما استطاعت مصر القضاء على فيروس سي.

ماذا عن علاج السرطان للدكتور مصطفى السيد بالذهب الذي يعمل عليه حاليًا ؟ 

حاليًا، طريقان مختلفان، لأن أحدهما بالنانوتكنولوجي، والآخر بالمناعة، والأخيرة تعني تحفيز مناعة المريض، ولكن في النهاية من الممكن أن يكون هناك تعاون مثل وجود اللاصقة الخاصة بي كعلاج للمخ، فيما علاج الدكتور مصطفى السيد يعمل على المدى الطويل.

لماذا أمريكا تم اختيارها؟ 

لأن الدكتور نبيل أحمد يعمل بأمريكا منذ 15 عامًا على هذا العلاج المناعي، حيث أنه أستاذ أورام الأطفال بجامعة بيلور والمستشار العلمي لكل من مستشفي تكساس للأطفال بأمريكا ومستشفي 57357 بمصر، وهو من اختارني للعمل معه بمعمله، وهو متخصص في العلاج المناعي والجيني، وتخصص درجة الماجستير الحاصلة عليها في الجيني، وهو من أعطاني الفرصة وأتاح خروج بحثي للنور، فقد تعلمت الكثير من خلال عملي في قسم البحث العلمي بمستشفى ٥٧٣٥٧ حيث تهتم الإدارة بالبحث العلمي؛ وما تعطيه من أهمية وإيمان لتطوير الرعاية الصحية في مصر لتكون بنفس مستوى الرعاية في أمريكا وأوروبا.

ماذا عن شعورك بعد نشر مجلة نيتشر لبحثك؟ 

كنت مبسوطة للغاية، خاصة أنهم قبلوا قراءة البحث، وإعطاء عدد من الملحوظات لعمل عدد من تجارب معينة، وعند قبول البحث ونشر كان هناك سعادة كبيرة لدي، خاصة وأن الكثير حياته العلمية جميعها لم يستطع أن ينشر بحثًا في مجلة نيتشر، وكان اسمي في البداية واسم دولتي.

في حال انتهاء التجارب السريرية بعد 6 سنوات.. هل من الممكن التنبؤ بنسبة الشفاء للمرضى؟

للأسف من الصعب تحديد نسبة؛ لأنه من الصعب تحديد عدد المرضى في هذا العام بعينه ونسبة المرض بالمخ، وعدد المرضى المستقبلين لهذا العلاج.

ما أمنيتك في الحياة العملية؟

أمنيتي أن أرى بحثي على أرض الواقع وأن يكون في العديد من المشاريع البحثية، وآمل أن أرى فتح وحده العلاج المناعي بمستشفى 57357 بقيادة الدكتور نبيل أحمد في المستقبل القريب.