الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رغم تراجع أسعار البطاطس.. الكوسة سيدة الموقف!!


مشكورة أجهزة الدولة، مُمثلة فى وزارة الداخلية، تقوم مع كل أزمة ارتفاع أسعار ببذل جهود مُضنية، من أجل مكافحة الغلاء، وتعمل على توفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة، خاصة أنها تمثل سلعًا أساسية، وليست كمالية، أو رفاهية، بمعنى أنه لا غنى للمُستهلك عنها فى حياته اليومية.

ومن الناحية الاقتصادية، هناك أسباب عديدة لارتفاع الأسعار، يأتى فى مقدمتها التضخم، الذى هو بالأساس، نتيجة مباشرة للزيادات البطيئة فى الدخول، التى لا تُلاحق الارتفاع المُتلاحق والسريع فى الأسعار، الأمر المُؤدي لخسارة الدخول معركة القضاء على التضخم، أو الحد من معدلاته، والدولة فى ذلك لها العُذر، نظرًا لتعدّد الحاجات، وندرة الموارد، وضعف الإيرادات.

من الأسباب الاقتصادية أيضًا، الممارسات الاحتكارية، بمعنى تركز توزيع السلعة، فى يد وسيط واحد، يكون هو المتحكم فى الأسعار، خاصة فى ظل غياب بعض السياسات الاقتصادية المهمة، مثل سياسة التوريد الإجبارى، والتى تمنح الحكومة حق توزيع السلعة، بعد حصولها من المنتج، وهى سياسة يتم اتباعها فى بعض المحاصيل الاستراتيجية، مثل القطن، وغيره، لكنها لا تمتد إلى كل المحاصيل، بسبب تحرير الإنتاج، والتجارة فيه.

ومع تفاقم أزمة الأسعار، وحفاظًا على نقاط تعادل، وأسعار عادلة، تدخل الحكومة كبائع ومُشترٍ وقت الحاجة، فتدخل بائعًا فى حالة نقص المعروض، ومُشتريًا فى حالة زيادة الإنتاج عن الطلب، وهى سياسات اقتصادية معروفة للحفاظ على نقاط التعادل، بين العرض والطلب، كإحدى الوسائل المهمة فى مكافحة التضخم.

ظهر ذلك الأمر خلال الفترة الأخيرة، وتدخلت أجهزة الدولة، وقامت بعرض السلع التى أصابها جنون الأسعار، فى معارض خاصة، استطاعت من خلالها تلك الأجهزة أن تقدم السلع بأسعار طبيعية، لا تُشعر المواطن بالغلاء، وكان منها مستلزمات المدارس، وأخيرًا البطاطس التى شكّلت -خلال الفترة الأخيرة- أزمة للمواطنين، كونها سلعة أساسية، مما اضطر أجهزة الدولة لتنظيم معارض لبيعها بأسعار مخفضة.

غير أن جهود الدولة، ومع الزيادات المتوقعة فى أسعار أغلب السلع، خاصة الأساسية، لا يجب أن تقف عند التعامل مع كل حالة على حدة، أو اتباع سياسة الانتظار والترقب، حتى إذا ما ارتفعت أسعار سلعة ما، تقوم بمواجهتها بشكل فردى، دون الاعتماد على سياسات اقتصادية، تواجه الأزمة من البداية، وتقضى على تواجدها من المنبع.

ورغم تراجع أسعار البطاطس، وغيرها من السلع التى نجحت أجهزة الدولة، فى مواجهة الغلاء فى أسعارها، إلا أن "الكوسة"، ولا نقصد بها هنا سلعة غذائية، وإنما ترديد للتعبير الدارج، باستخدام اللفظ كمُرادف لحالة التسيب، أو الوساطة، أو الفساد، أو أى تعبير آخر، يدل على حالة غياب الضوابط، تظل هى سيدة الموقف، نظرًا لعدم وجود سياسات اقتصادية واضحة لمواجهة الأزمة.

لن يكون فى استطاعة الدولة -على الأقل فى الأجل القصير، وذلك نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها- أن تلجأ إلى زيادة الأجور، بمعدلات تقضى على زيادة الأسعار، ولكن بمقدورها أن تلجأ إلى وسيلة أخرى لمواجهة التلاعب بالأسعار، وهو القضاء على الاحتكار، وضرورة تطبيق القانون، حتى يكون رادعًا لكل المُتاجرين بقوت واحتياجات أبناء بلادى مصر، وهو مطلب نعود به إلى التعبير الدارج، ونقول بأنه يتمثل فى ضرورة القضاء على "الكوسة"، والتى تمثل أحد أوجه الفساد، الذى تحاربه الدولة، والذى يتسبّب فى إفساد حياة البلاد والعباد.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط