الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ملفوفا بالعلم المصري.. قاهرة المعز تستقبل جثمان البطل ساطع النعماني خلال ساعات.. جنازة عسكرية فى وداع وحش ملحمة بين السرايات .. والفقيد: خلى بالكم من مصر

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي يقبل جبين ساطع

- العاصمة المصرية تنتظر وصول بطل أحداث بين السرايات «النعماني»
- جثمان البطل ساطع النعماني يصل القاهرة صباح السبت بالعلم المصري
- تاريخ حافل من الأعمال البطولية.. و22 عاما خدمة في قطاع أمن الجيزة
- البطل الشهيد: "خلي بالكم من مصر".. وقبلة السيسي له ستظل شاهدة علي البطولة


في الثالث من يوليو من عام 2013، نشبت اشتباكات بمنطقة بين السرايات، وأعلنت حينها وزارة الداخلية في بيان لها، عن إصابة العقيد ساطع النعماني، نائب مأمور قسم بولاق الدكرور، بطلق ناري في الرأس أصيب به من أعلى أحد أسطح المباني القريبة من جامعة القاهرة، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، ليعود البطل المصري ملفوفا بعلم بلاده في السابع عشر من نوفمبر لعام 2018، مسطرا تاريخ جديد من بطولات شرف ارتداء بدلة الشرطة المصرية.

تاريخ البطولات حافل "قل سأتلو عليكم منه ذكرا"، فأعوام مضت على قصص البطولات المصرية، وكان لأبطالنا في كل عام فصل وحكاية، واليوم 14 نوفمبر تاريخ جديد يسطر في كتيبات البطولات المصرية، إنه العقيد ساطع النعماني، الذي انتقل للرفيق الأعلى خلال رحلة علاجه بلندن.

القاهرة تستقبل البطل بجنازة عسكرية
ساعات قليلة ويستقبل ميناء القاهرة الجوي، في صباح السبت جثمان البطل المصري العقيد ساطع النعماني، ملفوفا في العلم المصري وقادما من العاصمة البريطانية لندن، بعدما وافته المنية بمستشفي سانت ميري، ومن المنتظر أن يتم تشييع الجثمان في جنازة عسكرية، على أن يتم دفنه في مقابر العائلة بمدينة 6 أكتوبر.

1959
1959 يوما مرت على إصابة البطل المصري في الأحداث، ولعل طلبه الشهير الذي تقدم به للرئيس عبد الفتاح السيسي، للموافقة على إلحاقه بالوفد الرسمي لمصر بالمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب سيظل شاهدا على بطولته، حين بعث بخطاب للرئاسة على الرغم من إصابته جاء نصه: "رئيس الجمهورية، تحية طيبة وبعد، أتقدم لسيادتكم بأسمى آيات الشكر والعرفان لما تقومون به من جهد جبار لخدمة مصر وشعبها الطيب الأصيل، كما أتقدم لسيادتكم راجيا من الله وسيادتكم الموافقة نحو قبول طلبي بالانضمام إلى الوفد الرسمي لمصر في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المزمع عقده قريبا حتى يرى العالم بأسره مثالا حيا لما ارتكبه ويرتكبه الإرهاب الأسود من جرائم يندي لها جبين البشرية ويثقل ضمير المجتمع".

سجل حافل
والشهيد البطل مواليد 24 أكتوبر 1970، وتخرج في كلية الشرطة عام 1992، والتحق حينها للعمل بالإدارة العامة للعمليات الخاصة، واستمر لمدة 4 أعوام كاملة بها، وانتقل الشهيد للعمل في بيته الثاني الذي ظل به قرابة الـ 22 عاما، وهو قطاع أمن الجيزة، حيث بدأ معاون نظام بقسم شرطة العجوزة، ومنه معاونا للمباحث بقسم الصف، ثم ضابطا بالإدارة العامة لمباحث الجيزة، ومعاونا لمباحث قسم الدقي، ثم للعمل رئيسا لمباحث المرور لمدة عامين، ومنها لرئيس ترحيلات قطاع امن الجيزة، ثم رئيسا لحرس محكمة جنوب الجيزة، وأخيرا نائب مأمور قسم بولاق الدكرور.

قبلة السيسي
وفي نهايات عام 2015، شارك العقيد النعماني كممثل لمصابي قوات الشرطة، في حفل تخريج دفعة جديدة لطلاب كلية الشرطة، بأكاديمية الشرطة، بالقاهرة الجديدة، وبعد انتهائه من إلقاء كلمة، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمصافحته وتقبيله.

خطاب الدم
خطاب السلطة أو ما عرف بالدم، والذي ألقاه الرئيس المعزول محمد مرسي، لتتحول جامعة القاهرة إلى ساحة حرب، ذلك اليوم الذي شهد إطلاق النار بشكل عشوائى من جانب أشخاص يحملون أسلحة ومتواجدين حول جامعة القاهرة وأمام باب كلية تجارة على وجه الخصوص، وحينها صدرت التعليمات لقوات قسم بولاق الدكرور باستطلاع الأمر عقب استغاثة أهالي منطقة بين السرايات، وفوجئت القوات بإطلاق النار عليها من أعلى الأسطح، باستخدام أسلحة متطورة، وأثناء ذلك سقط العميد ساطع النعماني مصابا بطلقة خرطوش انتشرت في وجهه وأصابته بإصابات خطرة تشوهت على أثرها عيناه وأذناه وفمه، ما جعله في حالة خطرة للغاية.

ملحمة البطولة
خرج البطل المصري في ذات اليوم، ملبيا نداء الواجب ومدافعا عن أهل دائرته، عندما هاجمتهم عناصر الإرهاب الغاشم، إلا أن رصاصة الغدر كانت أسرع واخترقت وجهه وأصابت فكه السفلي وتحول الوجه إلى منبع تتفجر منه الدماء، وتشوهت ملامح البطل، وتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.

أنا شهيد
عام ونصف العام قضاها النعماني في رحلة علاج قاسية في مستشفى بلندن، اعتقد خلالها أنه لن يعود إلى الوطن، دائما كان يردد "أنا شهيد" وراضٍ بقضاء الله، إلا أن إرادة الله كانت أقوى بإعادته إلى الحياة مرة أخرى، بعدما اعتقد الجميع أنه لن يعيش أكثر من ساعات عقب إصابته الخطيرة.

أهالي بين السرايات
رغبة أهالي بولاق الدكرور في تقدير دور النعماني وتضحيته بروحه من أجلهم، دفعتهم إلى تنظيم فعاليات لاستقباله بمطار القاهرة الدولي، فور وصوله من رحلة العلاج التي استغرقت عاما ونصف العام، قضاها النعماني بين سويسرا ولندن، حيث توجه العشرات من أهالي منطقتي بولاق الدكرور وبين السرايات إلى مطار القاهرة، مصطحبين الطبل والمزمار الذي تعالت أصواته مع وطأة قدم النعماني صالة الوصول، والتف الجميع حوله، حيث استقبله وفد من وزارة الداخلية ونادي الشرطة ورئيسه اللواء محمود فاروق، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة حينها، وعدد من قيادات وضباط مديرية أمن الجيزة.

شكرا يا أمي
وبكلمات ممزوجة بالدموع، بدأ البطل النعماني حديثه لمستقبليه، قائلا: "مش مصدق إني رجعت مصر تاني وشفتها تاني أنا كنت شهيد لكن ربنا رجعني للحياة تاني"، ليحتضنه الجميع بأعلام مصر، ووسط بكاء المتواجدين حين التقى والدته التي ارتمى في أحضانها باكيا، وقال النعماني: "أنا لسة عايش وواقف على رجلي وأتمنى من وزارة الداخلية أن تتيح لي فرصة العمل مرة أخرى في مجال الشرطة الذي أعشقه منذ صغري، ووجه الشكر إلى اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، على الاهتمام به"، خاتما حديثه قائلا "شكرا يا أمي يا مصر".

البطل يتحدث
سرد البطل تفاصيل ما حدث، مؤكدا أن الأوضاع في الجيزة ساءت عقب تكرار الرئيس المعزول محمد مرسي كلمة الشرعية، حيث انقلبت الأوضاع رأسا على عقب وكأنها كانت كلمة السر لبدء الهجوم على أهالي بين السرايات، وحينها تلقينا في قسم الشرطة إخطارا يفيد بالهجوم على أهالي بين السرايات من أعلى كوبري ثروت، وانتقلت إلى موقع الحادث قوات ضخمة، وبالفعل شوهد قرابة 50 شخصًا يطلقون الرصاص بكثافة من بنادق آلية، وبعضهم يعتلي أسطح جامعة القاهرة.

رحلة العلاج
وقال: "وأثناء الأحداث تلقيت طلقة اخترقت وجهي، لم أفقد وعيي حتى دخلت المستشفى إلا أنه فور دخولي غرفة العمليات فقدت الوعي، واستمريت في غيبوبة طوال 60 يوما، وتم نقلي إلى سويسرا بطائرة خاصة، ومن ثم نقلي إلى مستشفى بجينيف، أجريت عدة عمليات جراحية في العين والفك والوجه، ثم تم نقلي إلى لندن لإجراء عدد من الجراحات الكبرى، وصلت إلى 12 جراحة مختلفة، والتي انتهت كمرحلة أولى إلى ما هو عليه الآن، فاقدا البصر في العين اليسرى".

وأضاف: "فجأة رجعت للحياة وأذكر أني كنت أشعر بالضيق إلا أنني رددت "أستغفر الله العظيم يارب ليه ما خلتنيش شهيد كان زماني في الجنة أكيد في سبب وحكمة من ربنا إني أرجع للحياة تاني"، واكتشفت الحكمة لما رجعت لمصر، وهي إني أوصل رسالة للمصريين وأقول لهم "خلوا بالكم من مصر".