الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.أحمد إبراهيم يكتب ..فن إدارة الأزمات وأهميتها في علاج وحل المشكلات

د.أحمد إبراهيم يكتب
د.أحمد إبراهيم يكتب ..فن إدارة الأزمات وأهميتها


نظمت كلية التجارة بجامعة عين شمس، اليوم السبت الموافق ٢٤ / ١١ / ٢٠١٨م، المؤتمر السنوي الثالث والعشرين لبحوث الأزمات، بدار ضيافة الجامعة بحضور الدكتور محمد معيط وزير المالية والدكتور حسين عيسي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب ولفيف من الحضور من القطاعين الحكومي والخاص .

وقد ضم المؤتمر (٦) جلسات نقاشية تطرح أهم الأزمات والمشكلات الاقتصادية والمالية والسياسية والأمنية، التي تشهدها مصر والوطن العربي والشرق الأوسط، كما تم مناقشة (٥٠) بحثًا علميًّا متخصصًا ، حيث ضم المؤتمر عددًا من المحاور، من بينها محور الأزمات الاقتصادية والمحاسبية، ومحور الأزمات السياسية، ومحور إصلاح الهيكل الإداري، ومحور الأزمات الإدارية والموارد البشرية.

ولكن ماهو معني إدارة الأزمات ؟ وما هي أهميتها ؟
يعود مفهوم إدارة الأزمات Crisis management إلي ستينيات القرن الماضي ، عندما اشتعلت أزمة حادة بين الإتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة الأمريكية حول وجود صواريخ نووية في كوبا كادت أن تشعل فتيلا للحرب العالمية الثالثة ، وقد انتهت تلك الأزمة بالحوار والتهديد والترغيب والوعيد وتم عقد صفقات في الخفاء .

وحال انتهاء تلك الأزمة الخطيرة ، أعلن وزير الدفاع الأمريكي في حينه ( ماكتمارا ) بأن قد إنتهى عصر(الاستراتيجية) ، وبدا عصر جديد يمكن أن نطلق عليه”عصر إدارة الأزمات”، ومنذ ذلك التاريخ بدأ اتجاه جديد يتعامل مع المواقف الصعبة من خلال مجموعة من القواعد(أو المبادئ)أو التوجهات أطلق عليها أحيانا ” فن إدارة الأزمات ” او ” سيكولوجية إدارة الأزمات ” أو ” سيناريوهات إدارة الأزمات”.

وتعرف إدارة ألازمات بأنها: ”المحافظة على الأصول وممتلكات المنظمة، وعلى قدرتها على تحقيق الإيرادات، كذلك المحافظة على الأفراد والعاملين بها ضد المخاطر المختلفة، والعمل على تجنب المخاطر المحتملة أو تخفيف أثرها على المنظمة ، في حالة عدم التمكن من تجنبها بالكامل“، وهذا ينطبق أيضا على الدولة وإداراتها.

ويجد العديد من الباحثين أن إدارة الأزمات هو علم وفن إدارة التوازنات والتكيف مع المتغيرات المختلفة وبحث آثارها في كافة المجالات، ويمكن القول أيضا بأنها عملية الإعداد والتقدير المنظم والمنتظم للمشكلات الداخلية والخارجية التي تهدد بدرجة خطيرة سمعة المنظمة وبقائها، ويميز المفكرون بين عدد من المصطلحات المتعلقة بالأزمة مثل المشكلة والكارثة،فليست كل مشكلة أزمة ، وان كان لكل أزمة مشكلة.

فالمشكلة قد تكون صغيرة ولكن لا يمكن حلها فتصبح أزمة ،وقد تكون مشكلة كبيرة،ولكن من الممكن التغلب عليها من خلال جهد معقول ، أما إذا تعقدت الأمور أو وصلت إلى طريق مسدود عندئذ نكون بصدد أزمة، فالأزمة بهذا المعنى هي عبارة عن مشكلة معقدة يبدو ان حلها أمر شبه مستحيل بالطرق التقليدية.

واستخدمت كلمة أزمة أيضا في المجال الطبي عندما يتحدث الأطباء عن أزمة قلبية(مثلا) وهي أشهر الأزمات الصحية على الرغم من وجود أزمات أخرى ذات وجه صحي عند الإنسان ، ولكن الأزمة القلبية نالت شهرتها لأنها تأتي فجأة او على غير انتظار او ربما لأنها تكون مقترنة بمضاعفات مأساوية وتكون درجة الخطر فيها مرتفعة ومواجهتها بالأساليب العادية غير مجدية ، و بالتالي تصبح أزمة تحتاج إلى تضافر الجهود والسرعة والدقة والمهارة في معالجتها .

تعتبر إدارة الأزمات فن صعب ، فعندما يحدث ما لا نتوقعه ، نتساءل كيف نواجه الموقف والأحداث التي لم نخطط لها.

ويمكن القول انه لا يمكن اختبار أي إدارة اختبارا جيدا إلا في مواقف الأزمات،ويعتبر الإنسان أهم مورد في المنظمات او المنشات لذا نرى انه لا يوجد بديل لوجود أشخاص أكفاء لديهم خبرات عالية تمكنهم التصرف بسرعة وجدارة،لإيجاد الحلول الجذرية لحل المشاكل الناجمة عن الأزمات.

ويجب على المدير التوجه مباشرة إلى العاملين في المنشأة أو المؤسسة وتقديم خطة الأزمات لهم طالبا لدعم كل فرد منهم ، وعليه أن يدرب العاملين معه لاختبار واقعية الحلول الموضوعة،بحيث يتعود العاملون بمرور الوقت على التعامل مع الأزمات باعتبارها احد مواقف العمل العادية.

إن أزمة الإدارات العربية هو عدم تبني إدارة الأزمات وتفعيلها كأحد الحلول الجذرية والمهمة للمنظمة في العالم العربي الا في ما ندر،كذلك عدم تأصيل العملية المنهجية قبل وأثناء التعامل مع الأزمات، وبناءا عليه ، فإنه يمكن القول أن هناك نوعان من المنظمات :

1- منظمات مستهدفة للأزمات Prone crisis
2- و أخرى مستعدة لمواجهة الأزمات Crisis Prepared.

وقد أورد عدد من الباحثين خمس مراحل لنظام إدارة الأزمات، هي:
1- اكتشاف إشارات الإنذار: وتعني تشخيص المؤشرات والأعراض التي تنبئ بوقوع أزمة ما.
2- الاستعداد والوقاية: وتعني التحضيرات المسبقة للتعامل مع ألازمة المتوقعة، بقصد منع وقوعها أو إقلال آثارها.
3- احتواء الأضرار: وتعني تنفيذ ما مخطط له في مرحلة الاستعداد والوقاية والحيلولة دون تفاقم الأزمة وانتشارها.
4- استعادة النشاط: وهي العمليات التي يقوم بها الجهاز التنفيذي لغرض استعادة توازنه ومقدرته على ممارسة أعماله الاعتيادية، كما كان من قبل.
5- الإفادة أو التعلم: ويعني بلورة ووضع الضوابط لمنع تكرار مثل هذه الأزمة، وبناء خبرات من الدروس والتجربة لضمان مستوى عالٍ من الجاهزية في المستقبل. كما لابد من الإفادة من تجارب المنظمات والدول الأخرى التي مرت بأزمات والوسائل التي استخدمتها.

واتفق الباحثون والمختصون أن أية أزمة تتطلب فريق عمل لإدارتها، ولابد أن يمثل أعلى سلطة، لان الأزمة تتطلب ردود فعل غير تقليدية مقيدة بضيق الوقت أحيانا، وضغوط الموقف ، وطريقة فريق العمل أكثر الطرق شيوعًا واستخدامًا للتعامل مع الأزمات، ولابد أن يضم الفريق عددًا من الخبراء في مجال اختصاص الأزمة وفي المجالات المختلفة الأخرى التي لها علاقة بالأزمة.

ويعتبر التخطيط متطلبا أساسيا في عملية إدارة الأزمة، فبغياب القاعدة التنظيمية للتخطيط لا يمكن مواجهة الأزمات، وبالتالي تنهي الأزمة نفسها بالطريقة التي تريدها هي أو القائمون بها لا بالطريقة التي تنتهي بشكل قانوني وبدون خسائر جسيمة للطرفين.

ولقد لخص جيري سيكيتش أهمية تخطيط إدارة الأزمات في كتابه(كافة المخاطر) حين كتب: لا تختبر أية إدارة اختبارًا جيدًا إلا في مواقف الأزمات فيجب على القيادة التوجه مباشرة الى العاملين في مؤسساتهم وتقديم خطة الأزمات لهم طالبة دعم كل فرد منهم وعليها ان تدرب العاملين معها لاختبار واقعية الحلول الموضوعة بحيث يتعود العاملون بمرور الوقت على التعامل مع الأزمات باعتبارها أحد مواقف العمل الاعتيادية ولا يركزون على الأزمة ذاتها.

لذا علينا ان نسأل أنفسنا مع كل أزمة عددا من الأسئلة مثل:

- متى : متى حدثت الأزمة ؟ متى علمنا بها ؟ متى تطورت أبعادها ؟!
- من: من سبب الأزمة ؟ من المستفيد منها ؟ من المتضرر منها ؟ من المؤيد لها ؟
- من المعارض لها ؟ من المساند ؟ من الذي يوقفها ؟ …الخ
- كيف: كيف بدأت الأزمة ؟ كيف تطورت ؟ كيف علمنا بها ؟ كيف تتوقف ؟
كيف نتعامل معها ؟
- لماذا: لماذا ظهرت الأزمة ؟ لماذا استفحلت ؟ لماذا لم تتوقف ؟ لماذا نحاربها ولا نتركها لحالها ؟
- أين: أين مركز الأزمة ؟ إلى أين ستمضي ؟ أين مكمن الخطر؟ إلى أين يتجه الخطر؟
هذه الأسئلة تحتاج الى إجابات ومن خلال هذه الإجابات نضع السيناريو المناسب للتعامل مع الأزمة .

والسيناريو يجب أن يضع في الاعتبار الأبعاد التالية:
1- البعد المعرفي :
أي بما يتضمنه من استخدام للذاكرة والإدراك ( الوعي ) والخيال ( الوعي الإبداعي المعتمد على الذاكرة )
2- البعد الوجداني :
وخاصة الجوانب الدافعية المحركة للازمة والدوافع المؤدية التي توقفها.
3- البعد الاجتماعي :
أي المتعلق بالمجتمع والإعلام والاقتصاد والسياسة وكل ما يمكن ان يؤثر او يتأثر بالأزمة.
4- البعد التعبيري(الجمالي) :

وهو كل ما يتم من ممارسات ذات إيقاع معين ، ونتائج على قدر من الاذى للمتضررين والمتعة لصانعي الأزمة،ومن خلال تفعيل هذه الأبعاد في امكان الإجابة على التساؤلات المطروحة عن الأزمة،تتحول الأزمة إلى مجرد مجموعة من المشكلات الصغيرة يمكن التعامل معها..وللحديث بقية،،،