الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يمهل ولا يهمل.. خان الخليلي أقيم على جثث الفاطميين وصاحبه يلقى نفس المصير.. صور

صدى البلد

وراء كل مكان حكاية مغلفة بعبق التاريخ تقصها الأحجار، ولا أقل من خـان الخـلـيـلـى مكان ينطبق عليه هذا الوصف، لأن له قصة غريبة تثبت أن الله يمهل ولا يهمل، وأن من ظلم يظلم ولو بعد حين، انطلاقا من قوله تعالى "إن الله لا يظلم الناس شيئًا ولكن الناس أنفسهم يظلمون".

من منا لم يقع في غرام خان الخليلي والتراث الساكن فيه، لكن بالتأكيد أغلبنا لا يعرف قصته التي يرويها الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق، في كتابه "أبرز المعالم الأثرية والسياحية الإسلامية والمسيحية في مصر والعالم"، الصادر عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.

بداية القصة أنه فى عهد دولة المماليك الشراكسة أراد أحد أمراء السلطان برقوق الأمير جهاركس الخليلى بناء خان – أى مكان تجارى – فوقع اختياره على مكان المقبرة الفاطمية، وأمر بنبش قبورها وجمع عظام المدفونين بها وإلقائها فى المزابل وأنشأ هذا الخان على أرض المقابر الفاطمية.

ويقال إن الأمير جهاركس الخليلى استند فى ذلك الفعل الشاذ على فتوى لأحد رجال الدين وقتها ويدعى شمس الدين محمد القليجى، بدعوى أن الفاطميين كانوا كفارا رفضة لا يجب الإبقاء على قبورهم، فاقتنع الأمير جهاركس برأيه وعمل على تنفيذه دون مراعاة لحرمة الموتى، والواقع أن هذا العمل يتنافى مع طبيعة هذا الأمير الخيرة الذى قام بوقف هذا الخان وغيره من العقارات على فقراء مكة وجعل ريعها خبزًا يوزع عليهم.

وشاءت الأقدار أن يلقى الأمير نفس المصير وأن يجازيه الله على سوء فعله، فخرج لحرب بعض الخارجين على الدولة فى دمشق سنة 791 هـ/ 1389م، فقتل هناك وتركت جثته على الأرض عارية فى الفضاء للوحوش تنهشها، أما الخان فلم يعرف عنه شيء سوى أن ريعه ظل يوزع خبزًا على فقراء مكة، وفقا لوصية منشئه حتى عام 806 هـ/ 1403م فاستبدل الخبز نقودًا.

وتهدمت أجزاء عديدة من خان الخليلى فقام بإصلاحه السلطان الغورى، لكن ظل اسمه، كما هو نسبة للأمير جهاركس الخليلى، وانتشرت شهرة خان الخليلى في الآفاق فأصبح قبلة زوار القاهرة، الذين يفدون على مصر من مختلف بقاع الأرض، حيث يشاهدون معروضاته من البضائع الشرقية كالأقمشة والخيم والنحاس المطعم والأواني الجميلة والسجاد والمسابح، إلى جانب التحف من مختلف الفنون فى العالم التى يعرضها بعض التجار الذين تخصصوا فى هذا النوع من التجارة.