الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مروة سعيد تكتب: مشاعر من زجاج

صدى البلد

جلست مع صديقتي في النادي، حكت لي موقفا حدث لها مع إحدى صديقاتها. سألتها قبل أن تبدأ في الحكاية لما تخبريني بها فردت بسرعة: "سأخبرك بعد أن أنتهي".

صديقتي تشارك صديقتها في كل التفاصيل، تعتبرها صديقتها المقربة، حساباتهما الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ممتلئة بالصور المشتركة التي التقطاها في مناسبات اجتماعية مختلفة. من يرى تلك التفاصيل يعتقد أن هاتان الصديقتان أختان بحق.

في إحدى الأيام مرضت ابنة صديقتي، اتصلت فورا بصديقتها المقربة، فهي تظن أنها من ستقف بجانبها بالتأكيد في أحد أصعب المواقف التي تمر بها، ردت صديقتها فورا، طلبت منها أن تأتي لتقلها إلى الطبيب لأن سيارتها معطلة، على غير العادة اعتذرت الصديقة بحجة واهية، وصديقتي متأكدة من أن لو كانت الدعوة للتنزه أو تناول الغداء لكان رد فعل صديقتها اختلف. وقتها اتصلت بي صديقتي فتحركت فورا تجاهها، وصلنا للطبيب الذي كشف على ابنتها وكتب لها دواء مناسب أخذته وتجاوزت تعبها.

أنهت صديقتي قصتها التي أشتركت فيها، تذكرت هذا الموقف، سألتني صديقتي الآن: "لماذا جئت بهذه السرعة"، فرددت: "هذا واجبي"، سألتني صديقتي سؤالا آخر: "ولماذا لم تأت صديقتي المقربة؟"، وقتها أخذت نفسا طويلا وعرفت إجابة السؤال الذي سألته لصديقتي قبل أن تبدأ، عرفت سبب حكيها لي هذه القصة فهي تثبت صحة نظرية أعتقد أني مبتكرتها وهي نظرية المشاعر الزجاجية.

المشاعر الزجاجية توثق العلاقات الاجتماعية بالناس في عصر التكنولوجيا، فالاجتماع عبارة عن صورة تحت هاشتاج عمل، والغذاء مع العائلة عبارة عن صورة تحت هاشتاج الأسرة، والجلسة مع الأصدقاء عبارة عن صورة تحت هاشتاج اللمة الحلوة.

أما إذا بحثنا معا وراء هذه العلاقات فلن نجد شيئا، كلنا منهم منشغل بهاتفه، بمجرد أن يصل إلى أي مكان ستجده منشغلا بالجلوس بجوار قابس الكهرباء، وإذا جلس في مكان آخر ثق أنه يحمل معه الباوربانك. للاسف هذه طبيعة العصر الذي نعيشه، لا أحد يرغب بك مريضا، حزينا، مكتئبا، الكل يريدك فرحا، سعيدا، مثاليا، وإذا لم تظهر بهذه الحالة سينفضوا عنك بالتأكيد.

رن جرس موبايل صديقتي، كان المتصلة صديقتها التي كانت مقربة، لم ترد صديقتي عليها، سألتها عما ستفعله، فقالت بارتياح: "سأنهي علاقة لم تكن سليمة من البداية، ومن الآن فصاعدا سأبحث عن مشاعر حقيقية لا مشاعر من زجاج".