الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: لماذا كانت قناة السويس الجديدة؟

صدى البلد

حظيت مصر بتاريخ معقد وجغرافيا غاية فى البساطة ، فجغرافيتها لا تعدو مجرد نهر يرقد بين صفحتى الصحراء الغربية و الشرقية وبحر فى الغرب وآخر فى الشمال ، جغرافية وضعت مصر فى الركن الشمالى الشرقى للقارة الأفريقية لتصنع منها بوابة مميزة ، زادها النيل أحدث أنهار أفريقيا جغرافيًا وأقدمها تاريخيًا تميزًا أكبر ، فالنيل هو الممر الوحيد للوراء الأفريقي ما جعل من مصر بوابتها ودهاليزها ، وبعد حفر قناة السويس ازدادت الجغرافيا المصرية بساطة وتميزا حيث حولت القناة مصر من يابسة واحدة وبحرين إلى يابستين وبحر واحد ، ما جعل قناة السويس رقبة مصر الجغرافية .

مما سبق يتضح لنا أن مصر تحتل مكانا مميزا على خريطة العالم الجغرافية ، وعلى مسرح هذا الموقع الفريد ولدت مكانة عظيمة لا تقل أهمية و عبقرية عن الموقع .

والسؤال التلقائى هل استثمرنا المكان كما استثمرنا المكانة؟

كل شيء فى تاريخنا يدل بل يصرخ بأن مكانة مصر كانت دائمًا مصدر قوة و ثروة ، و لكن لم يستثمر المصريون الموقع عبر كل العصور فتركوا تجارتهم الخارجية فى أيدى الأجانب وأبناء الشعوب البحرية المجاورة ، ما يدل على أن استخدامنا لموقعنا كان دائمًا استخداما سلبيا لا يرقى إلى مستوى الاستثمار الحقيقي ، حتى الموانئ المصرية تم إنشاء معظمها على يد المستعمرين بداية من الإغريق ، وظلت مصر طوال تاريخها تستقبل التجارة والتجار من شتى البقاع و الهجرة السكانية ومنها المماليك و الحكام ، و كنا دائمًا محصلى رسوم .

وبتمعن النظر إلى السياسة المصرية بعد ثورتى 25 يناير و 30 يونيو نجد أن مصر لم تكن استعادة مكانتها غاية فحسب ، بل استثمار موقعها لأول مرة فى تاريخها كان غايتها ومقصدها ، فتم تطوير وإنشاء موانئ جديدة ، وإنشاء موانئ برية ، والأهم حفر قناة السويس الجديدة لتجديد شباب مصر الجغرافى ، و نجد أن قناة السويس الجديدة أكثر المشروعات تعرضًا للنقد بل خُصصت لها حملة تشكيك منفصلة معلومة المصدر تستهدف مستقبل القناة بظلالها القاتمة ونبوءتها السوداء ، والتأكيد على وجود خطر يهدد القناة ، وأنا لا أقلل من الخطر بل أتلمس وجوده بعد وضعه فى إطاره الحقيقي بعيدًا عن التضخيم ، فهذا الخطر هو الذى دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى القفز فوق كل الخطابات التشاؤمية و المضى قدمًا فى تنفيذ مشروعه الطموح الذى ساهم فى استعادة مصر لمكانتها ، فقناة السويس التى احتكرت التجارة العالمية فى الخمسينات أصبحت اليوم فاعلا مسيطرا لا فاعلا مطلقا، أصبحت طريقا محوريا بعد أن كانت محورا وحيدا، بعد ظهور ممرات ملاحية أخرى منافسة لها ، والاعتماد على خطوط أنابيب نقل البترول وغيرها من الطرق الملاحية ومنها رأس الرجاء الصالح الذى ساهم تطور ماكينات الملاحة فى عودته إلى خريطة التجارة العالمية ، ما كشف النقاب على ضرورة تطوير وتأهيل قناة السويس لرفع كفاءتها وقدراتها التنافسية ، لهذا كانت قناة السويس الجديدة .

وإذا رجعنا لتاريخ قناة السويس سنجد أنها الفاعل الرئيسي فى تاريخ مصر الحديث ولا أبلغ من قول الكاتب الفرنسي " أرنست رينان" لـ "دى ليسبس" عند شق القناة ( إنك قد حددت معركة كبرى فى المستقبل ) ، وتحققت نبوءة "رينان" كما رأينا فى العدوان الثلاثى وصولًا إلى حرب أكتوبر المجيدة .

مما سبق علينا أن لا نتناسي الاستعمار الذى استمات على القناة ، و نتذكر أننا وقناتنا فى مرمى الاستهداف وأننا نواجه معركة مصير وبقاء ، وفيها ليس المهم السلاح الذى فى أيدينا بل أيدينا التى تحمل السلاح وإرادتنا التى تحركها وتحركنا .