قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

زين ربيع شحاتة يكتب: لماذا كانت قناة السويس الجديدة؟


حظيت مصر بتاريخ معقد وجغرافيا غاية فى البساطة ، فجغرافيتها لا تعدو مجرد نهر يرقد بين صفحتى الصحراء الغربية و الشرقية وبحر فى الغرب وآخر فى الشمال ، جغرافية وضعت مصر فى الركن الشمالى الشرقى للقارة الأفريقية لتصنع منها بوابة مميزة ، زادها النيل أحدث أنهار أفريقيا جغرافيًا وأقدمها تاريخيًا تميزًا أكبر ، فالنيل هو الممر الوحيد للوراء الأفريقي ما جعل من مصر بوابتها ودهاليزها ، وبعد حفر قناة السويس ازدادت الجغرافيا المصرية بساطة وتميزا حيث حولت القناة مصر من يابسة واحدة وبحرين إلى يابستين وبحر واحد ، ما جعل قناة السويس رقبة مصر الجغرافية .

مما سبق يتضح لنا أن مصر تحتل مكانا مميزا على خريطة العالم الجغرافية ، وعلى مسرح هذا الموقع الفريد ولدت مكانة عظيمة لا تقل أهمية و عبقرية عن الموقع .

والسؤال التلقائى هل استثمرنا المكان كما استثمرنا المكانة؟

كل شيء فى تاريخنا يدل بل يصرخ بأن مكانة مصر كانت دائمًا مصدر قوة و ثروة ، و لكن لم يستثمر المصريون الموقع عبر كل العصور فتركوا تجارتهم الخارجية فى أيدى الأجانب وأبناء الشعوب البحرية المجاورة ، ما يدل على أن استخدامنا لموقعنا كان دائمًا استخداما سلبيا لا يرقى إلى مستوى الاستثمار الحقيقي ، حتى الموانئ المصرية تم إنشاء معظمها على يد المستعمرين بداية من الإغريق ، وظلت مصر طوال تاريخها تستقبل التجارة والتجار من شتى البقاع و الهجرة السكانية ومنها المماليك و الحكام ، و كنا دائمًا محصلى رسوم .

وبتمعن النظر إلى السياسة المصرية بعد ثورتى 25 يناير و 30 يونيو نجد أن مصر لم تكن استعادة مكانتها غاية فحسب ، بل استثمار موقعها لأول مرة فى تاريخها كان غايتها ومقصدها ، فتم تطوير وإنشاء موانئ جديدة ، وإنشاء موانئ برية ، والأهم حفر قناة السويس الجديدة لتجديد شباب مصر الجغرافى ، و نجد أن قناة السويس الجديدة أكثر المشروعات تعرضًا للنقد بل خُصصت لها حملة تشكيك منفصلة معلومة المصدر تستهدف مستقبل القناة بظلالها القاتمة ونبوءتها السوداء ، والتأكيد على وجود خطر يهدد القناة ، وأنا لا أقلل من الخطر بل أتلمس وجوده بعد وضعه فى إطاره الحقيقي بعيدًا عن التضخيم ، فهذا الخطر هو الذى دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى القفز فوق كل الخطابات التشاؤمية و المضى قدمًا فى تنفيذ مشروعه الطموح الذى ساهم فى استعادة مصر لمكانتها ، فقناة السويس التى احتكرت التجارة العالمية فى الخمسينات أصبحت اليوم فاعلا مسيطرا لا فاعلا مطلقا، أصبحت طريقا محوريا بعد أن كانت محورا وحيدا، بعد ظهور ممرات ملاحية أخرى منافسة لها ، والاعتماد على خطوط أنابيب نقل البترول وغيرها من الطرق الملاحية ومنها رأس الرجاء الصالح الذى ساهم تطور ماكينات الملاحة فى عودته إلى خريطة التجارة العالمية ، ما كشف النقاب على ضرورة تطوير وتأهيل قناة السويس لرفع كفاءتها وقدراتها التنافسية ، لهذا كانت قناة السويس الجديدة .

وإذا رجعنا لتاريخ قناة السويس سنجد أنها الفاعل الرئيسي فى تاريخ مصر الحديث ولا أبلغ من قول الكاتب الفرنسي " أرنست رينان" لـ "دى ليسبس" عند شق القناة ( إنك قد حددت معركة كبرى فى المستقبل ) ، وتحققت نبوءة "رينان" كما رأينا فى العدوان الثلاثى وصولًا إلى حرب أكتوبر المجيدة .

مما سبق علينا أن لا نتناسي الاستعمار الذى استمات على القناة ، و نتذكر أننا وقناتنا فى مرمى الاستهداف وأننا نواجه معركة مصير وبقاء ، وفيها ليس المهم السلاح الذى فى أيدينا بل أيدينا التى تحمل السلاح وإرادتنا التى تحركها وتحركنا .