الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وقفن على باب الوزير فلم يفتح.. فتيات محطة بحوث الخضر ثروة قومية يغتالهن التجاهل

فتيات محطة بحوث الخضر
فتيات محطة بحوث الخضر بالقليوبية

أنامل يتخللها الطين، ملابس رثة، عيون شاقية، ووجه مغبر له سمرة الملامح المصرية الأصيلة، ترى في شقوقه ما مرَّ به هؤلاء، يشبه تشقق التربة التي دمرتها ندرة الماء، ثروة قومية لا يشعرن بقيمة أناملهن الصغيرة التي تصنع الخير، وتمنح الأرض الخضرة التي تسر الناظرين.

فتيات محطة بحوث الخضر، التابعة لوزارة الزراعة، بمدينة قها بمحافظة الشرقية، وقفن على باب سيارة وزير الزراعة منذ دخولها المحطة وتتبعنه في كل خطوة خطاها، يغلبهن الخجل من لقائه، في انتظار أن يسمح لهن حرسه بإلقاء حملهن الثقيل على مسامعه آملين جبر الوزير بخاطرهن وتحقيق آمالهن التي تدمع الأعين من بساطتها.

هؤلاء الفتيات اللاتي لا يتعدى تعليمهن المرحلة المتوسطة، 25 فتاة بالمحطة يفعلن ما لا يستطيع المهندسون الزراعيون فعله، فقد احترفن مهنة تلقيح النباتات اليدوي، فيخرج من تحت أيديهن التقاوي المهجنة التي نستوردها بملايين الدولات من الخارج سنويًا، ولكن لم يجدن من يقدر قيمتهن أو يهتم بهن أو يفهم دورهن ويكشف عن أن عملهن يوفر الملايين. 

«بنشتغل هنا من سنة 96 واتعلمنا اللي الرجالة والهمندسين ميعرفوش يعملوه»، بهذه الكلمات بدأت إحدى الفتيات حديثها، مؤكدة أن راتبها 20 جنيهًا في اليوم الواحد يبدأن عملهن من الثامنة صباحًا حتى الواحدة ظهرًا في مقابل مبلغ لا يذكر.

وأضافت أن الأمر لا يتوقف عند أزمة ضعف الراتب فقط، ولكنهن لا يتقاضين مقابل عملهن منذ 7 أشهر، رغم أن سعر الكيلو الواحد من التقاوي التي ينتجنها من بذور الطماطم يتم استيراده بـ 5 ملايين جنيه، فهن يوفرن الملايين ولا يستطعن الحصول على أقل القليل.

والدموع تغالب أعينها على ما وصل إليه حالها، قالت فتاة أخرى: «بنخرج من بيوتنا الصبح عشان شوية ملاليم وبنعمل شغل بالملايين، كنا 200 بنت في الأول دلوقت وصلنا لـ 25 بس عشان مبنخدش المرتب في ميعاده، بنطلع من أول اليوم بنسيب ولادنا ونيجي على طريق ولا متعينين ولا متأمن علينا لو واحدة فينا حصلها حاجة محدش هيسأل فينا».

انتظرت الفتيات كثيرًا حتى أذن لهن مرافقو الوزير بالحديث في نهاية الجولة، تقدمت إحدى الفتيات بخجل شديد لتروي للوزير وتكشف له عن ما في قلبها من حزن، فاستمع إليها في عُجالة وناقش رجاله؛ فوجه بتوفير سيارة تنقلهن ذهابًا وإيابًا، والإسراع في مخاطبة "المالية" بشأن رواتبهن وبحث زيادتها، ولكن لم تنعم الفتيات بالفرحة من قرارات الوزير فقد آملن في أن يأمن عليهن أو يتم تعيينهن ولكن لم تشفِ كلمات الوزير ما في نفوسهن من حزن على الحال.