الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هادي المهدي يكتب: في رثاء أحمد خالد توفيق

صدى البلد

في مثل هذه الأيام وبالتحديد في الثاني من ابريل العام الماضي نعت الدكتورة ايناس عبدالدايم وزيرة الثقافة جميع الهيئات الأدبية والثقافية في مصر والوطن العربي رحيله قائلة :"الثقافة المصرية والعربية فقدت روائيا عظيما طالما أثرى الحياة الثقافية في مصر والوطن العربي ".

إنه الراحل عراب الشباب الأديب والروائي "احمد خالد توفيق" الذي رحل عن عمر ناهز الخمسين عاما والخمسة بعد اصابته بأزمة قلبية ، أسقطت وفاته دموع الآلاف ممن نعوه على صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل ومن شاركوا في تشييع جنازته .

ولد خالد توفيق في العاشر من يونيو عام 1962 بمدينة طنطا وتخرج من كلية الطب وحصل علي الدكتوراة في طب المناطق الحارة ومضى في رحلة مع الزمن لم تستمر طويلا نثر خلالها تصوراته عن الحياة في قصاصات ورقية رأي هو أنها لا تستحق الا الحرق كما قال في احد كتاباته عن نفسه .
ألف خالد توفيق العديد من المؤلفات لعل أهمها رواية "يوتوبيا" التي صدرت عام 2008 وتُرجمت لعدة لغات من بين عدد من الروايات ناهز 236 رواية أصدرها في مسيرته الأدبية .

لا يفوتني أن أشير الى فلسفة هذا الرجل التى أُعجبت بها كثيرا أكثر من إعجابي بسرده الأدبي فتوفيق مثله كمثل الفلاسفة الرواقيين في اليونان القديمة ينظر للحياة على انها لا تساوي شئ ولا تستحق أن نتقاتل من أجلها ولا أن نحزن علي شئ فات منها لان هذه هي طبيعة الحياة .

"التعبير عن الإعجاب لدى الأطفال بسيط جدا وعملي جدا ، كل ما هو جميل يجب أن يُحرق أو يُحطم أو يُبدّد " . احمد خالد توفيق .

ينظر خالد توفيق في عبارته السابقة للجمال بوصفه شيئا يستدعي الالتهام ويستدعي معه نيتشه الذي كان ينظر للطفولة علي انها التعبير الحقيقي عن الانسان الذي يسعى دائما للتملك والالتهام والسيطرة .
ثم يعلن تجاوبه مع الموت بطريقة استثنائية وعن تقديرنا للأموات ودعوتنا الى ذكر محاسنهم دائما يقول " إن سر تقديرنا البالغ لمن ماتوا هو أنهم لن يضرونا بعد الآن " .

يرى الخير كما رأيت في مقالي السابق ليس الا معلما من معالم النفس الانسانية التي ينطبع الخير فيها ايضا بل ويمكن للخير ان يكون مُعبِّدا لطريق الشر فيقول "كوب الماء الصافي يمكن لأي شئ أن يُفسده" .
أختم مقولاته بما خُتمت به حياته كما تُختم حياة كل كائن على وجه هذه البسيطة ، يقول خالد توفيق : " لا أخاف الموت أخاف أن أموت قبل أن أحيا" ، ينظر توفيق للموت بوصفه جزءا من الحياة كما ينظر لها الفيلسوف الألماني "مارتن هيدجر" الذي يقول :"اذا قبلت الموت في حياتي سأحرر نفسي من قلق الموت وحقارة الحياة وحينها فقط سأكون حرا في نفسي " .

يريدك توفيق أن تتقبل فكرة الموت بلا أدنى خوف بل وان تُقبل عليه لأن الموت الحقيقي ليس الموت البيولوجي بل هو موت الحياة .
وأنا أقول لك ليس عليك في هذه الحياة سوى أن تحيا حياة حقيقية بعيدا عن القطعان المختلفة لكي تستطيع أن تحيا الحياة لا أن تحيا الموت .. فلترقد في سلام عزيزي أحمد خالد توفيق .