الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نمبر زيرو


تذاكر يا هانم .. تذاكر يا بيه .. هاتدخل بعيل .. تحاسب عليه
جميع اللى ماتوا .. عيالى الصغار .. جميع اللي عاشوا ملوك القمار .

عن الفنان محمد رمضان سنتحدث من أجل الوطن.

.. فملوك القمار ليسوا دائما على طاولات الكازينوهات ؛ بل هناك من يلعبون القمار على خشبات المسارح فى حفلات غنائية أو أفلام عشوائية ؛ فالقمار يضيع أموالا ؛ أما القمار هنا يضيع أجيالا ويهدر قيما ويسيل دماء ؛ ويعلى بلطجة ؛ ويعلم الشباب كيف يفتح "مطواة" بدلا من كيف يفتح كتابا ؛ وكيف يأخذ حقه فى الساحات الشعبية ؛ وليس فى الساحات الأمنية ؛ وأن تكون عدوانيا وليس مسالما ؛ وأن تجارة المخدرات أفضل من تجارة العطارة ؛ فهنا الغاية تبرر الوسيلة ؛ وبمنطقة ليس عيبا أن تكون فقيرا ؛ بل العيب أن تظل فقيرا حتى لو تحولت لتاجر مخدرات أو تاجر سلاح.
 
فكيف ومتي ترعرع في وادينا الطيب مثل هؤلاء؟!!
يجيب لنا "كتاب الأمير لمكيافيلي" عن هذا التساؤل؛ بأن الغاية دائما تبرر الوسيلة حتى لو كان ذلك مخالفًا للقوانين والأخلاق ؛ وما بين هذا وذاك سمات مشتركة وهى القدرة على أن يكون الأمير " أسدا أو ثعلبا"؛ كما ظهر ذلك واضحا فى نمبر وان ؛ ليرد المطرب على منتقديه "متعقدهاش وبلاش تعمل من الحبة قبة " ؛ ولكن ما يفعله رمضان ليس حبة ولا قبة ؛ بل جريمة ستكتب باسمه أجيالا ليقف أمامه يوما من يقول له "أنا مافيا ؛ أو يواجهه بسلاحه كناصر الدسوقى.

فمن "احكي يا شهرزاد " الشاب الذي قام بخداع ثلاث شقيقات باسم الحب ؛ إلى عبده موته البلطجى الذى يتخذ من سطوته سلاح لفرض إتاوة على أبناء الحارة ؛ وكذلك مستمرا فى "الألمانى" كمسجل خطر يسكن فى العشوائيات ؛ لقلب الأسد الذى يسرق أحد رجال الأعمال ؛كعالم مثالى للجريمة ؛ للأسطورة وشاب خارج على القانون "رفاعى الدسوقى" ؛ كأدوار تفخم من شخصية البلطجى وأخذ الحق " بالدراع " ؛ فهنا لا سلطة لأي قانون إلا قانون "الغاب".

قد تكون كل تلك الأدوار فى أفلامه ومسلسلاته مجرد شغل "سيما" ؛ حتى تتواجد بأحد الأحياء الشعبية " والأحياء المستهدفة بالأساس" من رمضان ؛ فتجد القانون السارى هو قانون محمد رمضان ؛ ويطل عليك أحد الشباب بملامح " رمضان " فارضا سطوته ؛ ومحدثك بلسان رمضان الفصيح " ؛ والإطالة ستكون فى " مطواه " ترفع فى وجهك كما فعل الفنان فى أحد المواقف بمسلسلاته.
.. فالدماء هنا رخيصة ؛ وغالبية ادواره ترجمت الى مشاهد حية واقعية وخاصة فى المناطق الشعبية والعشوائية باعتباره " فتوة الناس الغلابة " ؛ ولكنه تناسى او معجبيه تناسوا ان الفتوه فيما مضى لم يكن يوما بلطجيا ولا قاتلا ولا تاجرا غير شرعي أو مروج لفن هابط.

فى حفلته الغنائية الأخيرة ؛ وقف " نمبر زيرو " على المسرح عارى الصدر ؛ فصعد خلفه أحد " دارويشه " من الشباب عارى الصدر مثله ليرد عليه رمضان " استر نفسك " ؛ ونسى رمضان أنه شخصيا يحتاج للستر ؛فكيف تنصح شابا يقلدك ؛ فما بين مشاهد استفزازية استعراضية ورقصات تنم عن شخصية تحتاج لدراسة نفسية ؛ وسيارات فارهة وكلمات هابطة وصدور عارية ؛ صعد رمضان للمسرح ؛ ليهبط بعدها بساعات من ساحة ادعاء الطرب لساحة نمبر زيرو ؛ لأن حسب منهجه فى أفلامه ومسلسلاته بأن " الضرب " سيد الموقف ؛ وتناسى أن " الصفر " حاصل ضربه مع أى رقم آخر يكون "صفر".

إذن ما الذى يقدمه هذا الفنان او المطرب ؛ فهذا لم يعالج قلبا " كمجدى يعقوب " ؛ ولم يشرف مصر " كمحمد صلاح " ؛ ولم يصنع شيئا لنقول عنه الأسطورة أو حتى فنانا واعيا.

حتى الاتهامات والانتقادات كانت من زملائه أهل الفن " الحقيقيين ؛ والذين اتهموه بتقديم أعمال «هابطة» للوصول للنجاح، واعتبروه أحد أسباب شيوع مفاهيم العنف فى فكر وثقافة الشباب الصغير؛ ليحصر نفسه فى أسوأ منطقة فنية يمكن أن يقبع فيها فنان، وذلك بالتركيز فقط على تقديم أدوار البلطجة والانحراف والعنف" والعداء والبغضاء ؛ وشرارة غرس ثقافة العنف في الأطفال ؛ مرورا باغنية نمبر وان ؛ ونسى ان كان حتى فنان يعتبره البعض موهوبا ؛ فلن يضاهى ولن يجارى فنانى مصر الكبار ؛ ولم يحدث في تاريخ الإبداع سواء في مصر أو العالم أجمع خروج فنان ليؤكد أنه المسيطر وحده على الساحة الفنية والإبداعية" ؛ ليتحول من حالة فنية إلى حالة نفسية" ؛ ومن فيروس " كأغنية " الى فيروس يصيب المجتمع المصرى ؛ فيرس التى حققت 10 ملايين مشاهدة خلال 10 أيام فقط ؛ والتى تحمل كلماتها تهديدا ووعيدا وكلمات عشوائية.

وفى مشهد يؤكد تناقضه ؛ يدعى رمضان فى " مافيا " ان " التواضع في الحياة فعلا مبدأنا "ليظهر فى كليب الملك ب 7 سيارات باهظة الثمن يمتلكها ، تبلغ قيمتها نحو 31 مليون جنيه ؛
هذا هو الإبداع الإجرامي الفنى لنشر البلطجة والإرهاب والفوضى ليعم الخراب والدمار لينهار المجتمع من داخله وهذا هو المطلوب لأعداء الوطن فى الخارج وازرعهم فى الداخل وبالأخص الفن الردئ لتغيب الشباب ؛ فيمكن للغنوة أن تفسد جيلًا بأكمله ؛ فمصر تحتاج لفن يبني المواطن، فنا يواجه العشوائية وليس يصنعها ؛
فأحيانًا تظهر على «المسارح » أشياء لم نصنعها، وفى الحديقة أشياء لم نزرعها.

.. كانت مصر تملك قوة ناعمة ولكنها بدأت في التآكل والغروب على أيدى من لا يعرف قدر الوطن ؛ فكيف نصدر فنا مصريا يكون واجهته ناصر الدسوقى والأسطورة ونمبر وان ؛ فمصر لا يجب أن تكون كما يسوق لها هذا الفنان بأن تكون أرض الخوف او ارض البلطجة ؛ ولكن مصر كانت كريمة وسخية ومحسنة مع محمد رمضان من شهرة وأموال ؛ ولكن لماذا يؤذيها فى شبابها وهى من أكرمته؟ 

ولكن.. ما الحيلة -وما موقف القوى الناعمة- تجاه الانفلات والتقلبات والانحرافات الحادة داخل المجتمع المصري -سلوكًا ولغةً- والتى ازدادت حدَّتها مؤخرا ؛ جراء سلوكيات الهدم من البعض وبتنا نصدق الشاعر نزار قباني الذي قال في قصيدة :

" لم يدخل العدو من حدودنا .. بل تسرب مثل النمل من عيوبنا" !
وكما قال احمد شوقى " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ، وإذا أصيب القوم فى أخلاقهم .. فأقم عليهم مأتما و عويلا .

.. فلست ملكا ولا كنزا ولا قلب اسد ولا المانى ولا أسطورة ولا نسر صعيد ولا حتى نمبر وان ؛ بل انت مافيا وعبده موته وكل ما تستحقه هو جواب اعتقال أو شد أجزاء أو الخروج من القاهرة ؛ لأنك لست آخر ديك فى مصر .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط