الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رسوم القضايا والرقم القومي


منذ عدة شهور التقيت بأحد الشخصيات العامة بعد خروجه من أحد أقسام الشرطة , وهو أخ شقيق لأحد الوزراء السابقين , ذلك بعد ان تم استدعاؤه لتنفيذ حكم قضائى صادر ضده لعدم سداده خمسين جنيهًا أتعابا أو رسوما قضائية هو نفسه لا يتذكر موضوعها , والاسبوع الماضى تم استيقاف أحد الاطباء فى أحد الاكمنة على أحد الطرق وترحيله للنيابة لوجود مطالبة عليه بسداد غرامة قدرها مائة جنيه فى قضية نسى هو أنها موجودة من الاساس.

ذلك الامر دعانى الى الحديث عن آليات وطرق وتكاليف تحصيل الرسوم القضائية والغرامات البسيطة , وهى طرق لم تعد تتناسب مع حجم وعدد القضايا فى مصر , فبعض الناس يذهبون للقضاء اذا ما تساقطت مياه غسيل ملابس جيرانهم على غسيل ملابسهم , واذا اختلف بعض الازواج بسبب كوب شاى او كلمة عابرة قد يذهبوا للقضاء , واذا تشاجر طفلان فى مدرسة قد يذهب وليّا أمريهما الى القضاء , واذا شعر مريض بأن علاج الطبيب لم يفِده قد يذهب الى القضاء , وغيرها من عشرات ملايين الحالات اليومية البسيطة التى من الممكن حلها بصورة ودية , ولكن الكثير من الناس باتوا يستسهلون اللجوء الى القضاء , حتى صار لدينا حسب احدى الاحصائيات المنشورة ما يقارب الــ 60 مليون قضية متداولة فى المحاكم فى مصر , وهو رقم مُخيف من جميع النواحى.

ولأنه فى أى قضية يكون هناك طرف رابح وطرف خاسر , فأن الخاسر يكون مُكلفا بسداد الاتعاب ورسوم القضايا , وهى جنيهات قليلة فى كل قضية بمفردها ولكنها قد تكون سببًا فى حجز المواطن فى قسم الشرطة لعدة أيام ان نسى أو تناسى سدادها أو كان جاهلًا بها من الاساس , أضف الى ذلك المجهود الكبير الذى تتكلفه الدولة فى تحصيلها , نتيجة شغل وقت الشرطة بملايين القضايا البسيطة التى تأخد معظم وقتها فى التعامل معها , وتؤثر على الوقت المخصص للقضايا الاكثر أهمية بالنسبة لأمن واستقرار الوطن.

ولذا أقترح ان يتم عمل نظام تحصيل الكترونى لأى رسوم قضائية أو غرامات على المواطنين وربطها بالرقم القومى وشبكات المحمول وحساب بنكى موحد فى آن واحد , بحيث يتم ارسال رسالة بقيمة الرسوم أو الغرامات على موبايل المواطن فى وقت صار لدى كل مواطن خط محمول واثنان وأحيانًا ثلاثة خطوط باسمه, ويتم فتح حساب بنكى موحد فى أى بنك مصرى للسداد , بحيث يقوم المواطن بسداد ما عليه فى هذا الحساب بمجرد وصول رسالة نصيه اليه على تليفونه المحمول تُحدد فيها قيمة الغرامة ورقم القضية , ثم يتم حذفها من سجل المطالبات المرتبط بالرقم القومى له بمجرد سدادها فى البنك.

وبذلك نوفر الجهد الكبير فى التحصيل وإرهاق الشرطة بقضايا فرعية , ونحن فى أشد حاجة الى جهد وعرق كل رجل شرطة , فى ظل التحديات الامنية التى تواجهها مصر , بالاضافة الى حماية المواطن نفسه من عواقب عدم سداد ما عليه من رسوم قضائية غير مُسددة سواء عن جهل منه أو نسيان من محاميه.

الفكرة بسيطة وسهلة وقابلة للتنفيذ الفورى وستوفر علينا مئات الملايين من تكاليف التحصيل , وستدر على خزينة الدولة مليارات الجنيهات نتيجة التحصيل السريع للرسوم والغرامات , أما ان تذهب قوة شرطة الى قرية من قرى الصعيد أو كفر فى كفور الدلتا لتحصيل خمسين جنيهًا غرامة , فهو اهدار للجهد والوقت والمال معًا , فقيمة الغرامة قد لا تكفى ثمن وقود سيارة الشرطة التى ذهبت الى منزل المواطن , بالاضافة الى ان وقت وجهد ضباط الشرطة وجنودها أغلى من كل ذلك بكثير.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط