فكر إرضاء السلطان
كثيراً ما كتبت وكتب قبلى من هم أفضل منى محذرين من الوصول الى اليوم الذى
نصل فيه الى ما وصلنا اليه اليوم , فبعد 25 يناير2011 ارتفع سقف أحلام
المصريين العطشى للأحلام , فتاجر بأحلامهم من تاجر سواء كان مؤيدا أو معارضا , الكل تحدث فى الأحلام والآمال والأموال التى ستوزع علينا , وأصبح من المعتاد ان تسمع بعض العامة وهم يختلفون على حجم الأموال المنهوبة الى ستوزع على الشعب بعد استردادها .
ورغم علم معظم الساسة بحقائق الأمور وبالوضع الاقتصادى الذى خرجنا به بعد الثورة إلا ان بعضهم وجد فى ترك الناس يحلمون ويتخيلون دون عمل حقيقى لتحقيق اى آمال وتحويلها الى واقع ملموس ما يحقق أهدافه قصيرة النظر, كل الامم نهضت بعمل وجهد حقيقى , أما نحن فبالكلام والأحلام , والنتيجة هى ما وصلنا اليه , الفقراء ازدادوا فقراً وبعض الأغنياء ازدادوا غنى , فقبل الثورة دفع الفقراء وحدهم ثمن الوضع الاقتصادى المتردى وبعد الثورة هم أيضاً من دفعوا الفاتورة كاملة .
وفى لقاء مصغر مع أحد مستشارى الرئيس منذ أيام قليلة وفى وجود أحد السادة الوزراء عرضت عليهم الواقع كما أراه وكما يراه الناس , وقدمت حلول عملية وواقعية وقابلة للتنفيذ لتحسين أحوال قطاع عريض من المصريين من وجهة نظرى , ولا أعرف ان كانت ستجد طريقها للتطبيق أم سيكون مصيرها بجوار مقترحاتى السابقة , فأدراج السادة المسئولين المغلقة تتسع لكل الأفكار البناءة وغير البناءة على حد سواء .
فالواقع يقول إننا بحاجة إلى فرص عمل حقيقية للناس , والحكومة عاجزة عن توفيرها , ولم يعد امام الناس إلا أن يبحثوا لأنفسهم عن فرص عمل سواء كأصحاب أعمال أو لدى أصحاب الأعمال , ولكن الحكومة العاجزة عن توفير فرص العمل لهم تقف بالمرصاد لأى مصرى يحاول إيجاد مصدر رزق له عن طريق مشروع صغير أو متناهى الصغر, حالة من العداء الغير معلن مع هؤلاء البسطاء الحاملين للقب صاحب عمل , سواء بائع متجول يضع بضاعته على كتفه ليل نهار مثلما وضع شهادة المؤهل الحاصل عليه على جدران الزمن , أو كان صاحب كشك على قارعة الطريق أو صاحب مشروع صغير يعمل فيه هو وبعض جيرانه أو أقرانه .
ناهيك عن المشروعات المتعثرة والتى يمكن حل معظم مشاكلها بقرار أدارى واحد من الوزير المختص , ولكن هيهات ان يحدث ذلك , فحل المشاكل بقرار واحد فقط سوف يحرم المتاجرين بمعاناة الناس من تشكيل لجان تنبثق عنها لجان وكل لجنة لها رئيس واجتماعات وبدلات وحوافز ومكافآت وأكاذيب فى الصحف والمجلات عن إنجازات ما أنزل الله بها من سلطان , وما أكثر الطامعين لنيل رضا السلطان حتى لو داسوا على الملايين من رعية السلطان .
وبعض اللذين يعيشون بفكر أرضاء الرئيس مازالوا يفكرون فى مخرج واحد للأزمة الاقتصادية وهو التقشف وتقليل الدعم وكأنه الحل الوحيد للازمة, والحقيقة أنه وحيد فى شئ واحد فقط وهو ضيق الأفق , فهذا الحل بمفرده سيؤدى الى زيادة عدد الفقراء عاماً بعد عام وسيظل العجز فى الموازنة يزداد عاماً بعد عام, فما دام الناتج القومى لا ينمو فعجز الموازنة سينمو وينمو حتى يلتهم الجميع , وهناك حلول كثيرة وعملية وقابلة للتطبيق لمواجهة ذلك ولكن ينقصنا شئ واحد فقط هو تقوى الله فى أنفسنا وفى بلدنا المبتلى ببعض ما فينا , ومن يسر حياة الناس يسر الله له .