الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدولة التي كانت في ليبيا


لا يشعر بمأساة ليبيا الآن إلا فريقان.. الأول هم الليبيون الأصلاء أصحاب الأرض الذين عانوا تحت حكم القذافي وشطحاته.. لكنهم مع ذلك بقوا أكثر من 40 عامًا تحت ظلال دولة موحدة واستقرار معيشي ومستوى حياتي وصل في بعض الأحيان رغم الحصار والعقوبات لمستوى أهل الخليج.

والمصريون الذين عاش منهم ما لا يقل عن 4 ملايين مصري في ليبيا قبل عام 2011.

فليبيا كانت سوقًا رائجة للعمالة المصرية.. كما أن كبر مساحتها وكثرة النشاط الاقتصادي فيها كان دافعًا دومًا لمئات الآلاف من المصريين للولوج إليها والعمل بها.

فخيرات ليبيا لم تكن تخص الليبيين وحدهم ولكن تخص المصريين وغيرهم من الجنسيات.. التي وفدت إلى ليبيا أثناء حكم العقيد القذافي وغنمت من خيرات هذه الأرض.

واليوم ونحن نتوقف مع ما يجري في ليبيا أو على الأقل نحاول فهمه.

لا أحاكم أنا كصحفي مصري العقيد الراحل معمر القذافي وليس هذا من حقي ولا أحاكم عهده وفترة حكمه.. فكل هذا أصبح من الماضي والوحيدون المخول لهم ذلك اليوم وأمس وغدًا هم الليبيون أنفسهم.

لكنني أتوقف أمام اللحظة الراهنة في ليبيا ومخاطرها وتفاقم أحداثها.

والحق أن ليبيا وعلى مختلف العصور، وخلال الـ 100 عام الأخيرة منذ عشرينيات القرن الماضي كانت دومًا هدفًا للاستعمار.. فهى الدولة رقم 17 من حيث المساحة على مستوى العالم ورابع أكبر دول إفريقيا مساحة.. أي أنها ليست دولة قزم أو دولة فقيرة ليست فيه ثروات أو مغانم.

كما أنها تمتلك أطول ساحل على البحر المتوسط يصل إلى نحو 1935 كيلو مترًا صالحة للسياحة والمنتجعات والصيد والسكن فساحل ليبيا دولة كاملة لوحده.

كما أن احتياطي ليبيا من النفط والذي يصل إلى أكثر من 41 مليار برميل من النفط و52 ترليون قدم مكعب من الغاز يدفع بها لتكون كنزًا حقيقيًا للموارد والخيرات.

الأزمة في ليبيا على مر العصور كانت في الثروة التي لا تعرف لها أصحابًا أقوياء قادرين على الاستفادة منها وتصريفها.. وكانت في الخيرات التي كانت تنهب دومًا من قبل الاستعمار في شتى عصوره دون أن تجد من يقف أمام هؤلاء اللصوص.

وأخيرًا جاء حكم القذافي الذي كانت أكبر نجاحاته ولا تزال حتى لحظة غيابه.. هو حفاظه على ليبيا موحدة.. وإن كان قد فرط في مليارات ومليارات من مواردها تحت أوهام أفكار غبية ومرتدة عن العصر.. منها أنه إمام المسلمين تارة وأمير أمراء أفريقيا تارة أخرى أو غيرها من هذه الخزعبلات السياسية التي كلفت ليبيا الكثير.

نعود للأصل فمشكلة ليبيا لم تكن أنها بلد فقير على غرار اليمن مثلاً.. ولكنها كانت بلداً غنياً.. لكن أهله بسطاء ضعفاء حتى ظهر القذافي على ظهرها وحكم ما يزيد على 40 عامًا بمفردات سلطوية مختلفة.

ويبقى المهم هو ما يحدث اليوم في ليبيا، ومنذ 8 سنوات كاملة.. فالسياسة غائبة والبلد أصبح بلدين والحكومة حكومتين.

دولة يقودها المشير خليفة حفتر وأخرى تقودها الميليشيات وتحكم من طرابلس ولا يعرف ملتها إن كانت قطرية أو تركية أو خلاف ذلك.. وعلى مدى هذه السنوات لم تتقدم السياسة على الأرض قيد أنملة واحدة لإعادة توحيد ليبيا وانتخاب حكومة مركزية وتوحيد الجيش الليبي.

فالجميع يدورون في حلقة مفرغة.. والسبب أجندات دولية وإقليمية مختلفة تتدخل في القرار الليبي.. والأسوأ أنها من خارج المحيط الليبي.

بمعنى أن تركيا مثلاً ليس لها من المفترض أي دور في ليبيا.. لأن ما يحدث في ليبيا يخص الليبيين أولا ودول جوار ليبيا مثل مصر والجزائر وتونس.. لكن تركيا مع ذلك تتواجد بأجندة خاصة مدمرة على الأرض الليبية في مكان لا يخصها.

قطر مثلًا ليست لها حدود مع ليبيا وكان من المفترض ألا تقترب مما يحدث في ليبيا.. لكنها الأجندة القطرية الداعمة للميليشيات في كل مكان والتي تأخذ أماكن غريبة.

والخلاصة وانطلاقًا من مصلحة مصرية خاصة فإن استمرار الفوضى في ليبيا يؤثر على الأمن القومي المصري. لكن عودتها للهدوء مرة ثانية ورجوعها دولة موحدة قوية فيه مصلحة مصرية من الدرجة الأولى.

وعليه فإن اهتمام مصر ومتابعتها لما يحدث في الملف الليبي واستقبال المشير خليفة حفتر وبحث تطورات المشهد خطوة في الاتجاه الصحيح.

لأن بقاء الحال كما هو عليه يدفع ليبيا لتكون دولتين في الواقع لكن حسم هذا الأمر سياسيًا أو عسكريًا يعيد الانضباط للوطن الليبي ولنحو 6.5 مليون ليبي يعيشون في ليبيا. يمزقهم العنف ويدفعهم الصراع للهروب خارج وطنهم. رغم أنهم يعيشون في دولة غنية بمواردها وإمكانياتها.

سلام عليك يا ليبيا وعلى أهلك الطيبين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط