الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدين الخارجي سلاح الاستعمار الدائم!


كُنا نتحدث أنا وصديقي المحترم، الذي أعتبره مُفَكِّرًا مهمومًا مثل كل وطني بقضايا وطنه، الدكتور محمد إبراهيم بسيوني، وهو عميد طب المنيا السابق، والذي يُشاركني بعض الأفكار في القضايا الملحة والتي تشغل بال الدولة والمواطن، الذي يشارك بطريقة أو بأخرى في العملية الاقتصادية في الدولة.. وتطرقنا في حديثنا إلى كشف البنك المركزي، الذي أعلن عنه مؤخرًا من حجم الدين الذي علينا، وما تم سداده من مديونية والعجز الذي مازال على عاتقنا!

وقد كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع رصيد الدين الخارجي لمصر، ليسجل نحو 96.6 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2018. وأكد البنك المركزي، ارتفاع الدين الخارجي بقيمة بلغ قدرها 3.9 مليار دولار بمعدل بلغ 3.4% بالمقارنة بنهاية يونيو عام 2018. وأوضح البنك المركزي، أسباب ارتفاع الدين الخارجي، موضحًا أنه جاء نتيجة زيادة صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو 4.3 مليار دولار، بالإضافة إلي انخفاض أسعار معظم العملات المقترض بها أمام الدولار بقيمة 400 مليون دولار.

أضاف البنك المركزي، أن الأقساط التي تم تسديدها بالفعل بلغت قيمتها نحو 5.9 مليار دولار، كما بلغت قيمة الفوائد المدفوعة نحو 1.4 مليار دولار. وأشار إلي أن أعباء خدمة الدين بلغت قيمتها نحو 7.3 مليار دولار، خلال الفترة من يوليو إلي ديسمبر من السنة المالية 2018/2019. وقد أظهرت بيانات النشرة الشهرية الإحصائية عن أبريل، الصادرة عن البنك المركزي، ارتفاع متوسط نصيب المواطن من الدين الخارجي في نهاية الربع الثاني من العام المالي 2018/2019. وسجَّل الدين الخارجي، نحو 906.3 دولار لكل مواطن خلال نفس الفترة مقابل 790.8 دولار لكل مواطن بنهاية الربع الثاني من العام المالي 2017/2018.

وأكد البنك المركزي، أن المؤشرات أظهرت أن نسبة رصيد الدين الخارجي إلي الناتج المحلي الإجمالي بلغت 35.1 % وهى مازالت في الحدود الآمنة وفقا للمعايير الدولية.

واتفقنا أنا والدكتور بسيوني، أن الكثير من الاقتصاديين لدينا يُصرُّون على أن القروض والاستدانة الخارجية لا مفر منها وهي شيء عادي كأي معاملة اقتصادية أخرى، بمعنى نقترض ونعمل مشاريع واستثمارات، ونرد المبلغ يومًا ما دون مشاكل.. لكن لا يعلم هؤلاء أن الحركات الاستعمارية لأوطاننا لم تأتي إلا من الهيمنة الاقتصادية على مقدرات الأمة وخيراتها، ولنا مثلٌ تاريخي حي على اقتسام تركة الرجل المريض، الخلافة العثمانية، بعد استنزاف طاقاتها ومقدراتها الاقتصادية بالديون والامتيازات الاقتصادية والمالية التي حصل عليها المرابين من اليهود والبنادقة والايطاليين والفرنسيين والروس والألمان.

وقد يرى البعض "أن ذلك الوقت قد ولَّى، ولقد تغيرت المعطيات الاقتصادية والمالية العالمية". ولكن التاريخ يعيد نفسه في كل مرة، والغرب لم ولن يسعده أن يرانا بخير وعلى خير، وبالتالي فان كل اتفاقية اقتصادية وكل تمويل وكل صفقة تجارية أو مالية لا بد أن يكون هو الرابح لا غير.

وقد كتب العديد من الاقتصاديين الاشتراكيين وغيرهم في هذا الشأن، إلا أن انتشار وطغيان النظام الرأسمالي في العالم واجتياح الأفكار الليبرالية والنيو ليبرالية (الجديدة) الاقتصادية في العقود الأخيرة، أهمل تلك المساهمات والكتابات المعادية للعولمة المالية، وجعلها في أدراج النسيان، ورغم ذلك فهناك من الاقتصاديين الغربيين من يكتب الآن عن مخاطر العولمة المالية، وما ينتج عنها من مآسي للدول النامية كما الدول المتقدمة.

من قلبي: في نظر الكثيرين أنها عولمة جامحة وغير منضبطة يجب علينا كبح جماحها، والتحكم أكثر في سير وحركة وتدفق رؤوس الأموال الدولية.. ومِن هؤلاء الاقتصادي الأمريكي، "داني رودريك" الذي يقول في إحدى كتبه "إن التمويل الخارجي أشبه بصديق أوقات اليُسر، لا تجده إلى جانبك إلا حينما لا تكاد تكون هناك حاجة إلى وجوده، ويغيب عنك عندما يمكن أن يشكِّل وجوده شيئًا من الفائدة.

من كل قلبي: مصر تشهد نهضة تنموية كبيرة وبالتالي فالقروض تعد ضرورية لتنفيذ المشروعات، لكننا نتمنى أن تكون في أضيق الحدود الممكنة وأن تستخدم لإنجاز مشروعات ذات عائد اقتصادي مرتفع، لنتمكن من سدادها في فترة زمنية قصيرة... والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط