الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أجسامنا تعمل بالكهرباء!


من يصدق أن جسم الإنسان يعمل بالكهرباء وكل أجسام المخلوقات الحية تعمل بالكهرباء أيضا؟.. هذه حقيقة، مع الفارق الكبير بين بديع صنع الله وتقليد البشر له، فمن رحمته سبحانه وتعالى أن الكهرباء المشغلة لأجسامنا ضعيفة جدا بحيث لا تحرق ولا تصعق ولا نشعر بها لأنها كسور من الألف من الفولت!..

ويجب التفريق هنا بين الكهرباء المشغلة لأجسامنا وهي موضوع المقال، والكهرباء الساكنة (الخارجية) التي تتولد على أسطح الأجسام بسبب الاحتكاك والشحنة المضادة، وقفز الإلكترونات من جسم إلى آخر عند التلامس، وقد تتولد عنها شرارة في الملابس وتسبب التصاقها بالجلد، أو تحدث لسعة عند لمس مقابض الأبواب وأحيانا "صدمة المصافحة"! 

في أعمالنا اليومية يمكننا خزن الكهرباء العادية في البطاريات القابلة للشحن وهذا معروف وشائع، وبنفس الطريقة، فإن خلايا الجسم قادرة على خزن الكهرباء الزائدة عندها وسحبها عند الحاجة، و"الشاحن" أو المادة الخازنة للطاقة في أجسامنا تسمى "أدينوزين تراي فوسفات".

الكهرباء داخل أجسامنا تتولد من غذائنا وهي نوعان، كهرباء "محلية" في جميع الخلايا وكأنها بطاريات صغيرة، وكهرباء "قومية" محمولة على شبكة خطوط يبلغ مجموع أطوالها 75 كيلومتر تسمى الأعصاب.

عدد الخلايا في جسم الإنسان (أو تلك البطاريات الصغيرة) قدره العلماء بحوالي 30 تريليون خلية، وكل خلية لها جدار داخله سالب وخارجه موجب وفرق الجهد بينهما يولد فولتية كافية لتسيير العمليات الحيوية للخلية. 

طالما أن في الخلية كهرباء ويوجد فرق جهد بين داخلها وخارجها يقال أنها "حية"، ولو تساوى فرق الجهد على جانبي جدارها وأصبح صفرا تكون الخلية قد ماتت.. وهو نفس ما يحدث في غرف العمليات الجراحية والإنعاش عندما تتلاشى موجات رسم القلب وتتحول إلى خط مستقيم، يكون الشخص قد مات.

يوميا تموت في جسم الإنسان 50 مليار خلية في ثلاثة أماكن رئيسية هي الجلد وبطانة القناة الهضمية والدم وتحل محلها خلايا جديدة، ويطلق على هذه العملية "الموت المنظم للخلايا"، والجسم قادر على التخلص من هذه الخلايا الميتة، ففي الجلد تسقط على هيئة قشور، وفي الدم يعاد تدويرها، والخلايا التي تسقط من بطانة القناة الهضمية يتم هضمها والاستفادة منها كغذاء.

اما الخلايا العصبيىة ففرق الجهد فيها من -40 إلى -80 ملليفولت، وتسري الكهرباء في الأعصاب بسرعة ما بين 60-120 م\ث حسب قطر الليفة العصبية.

أمراض انقطاع التيار الكهربائي أو زيادته كثيرة وتصيب الجهازين الحركي والحسي وتتفاوت أعراضها، منها الشلل النصفي والمستعرض والموضعي (كشلل الوجه).. وفقد الإحساس الطرفى يحدث في حالات تصلب الأعصاب و"متلازمة النفق الرسغي" و"متلازمة مخرج الصدر" ومشاكل العصب الوركي (عرق النسا) والبلاجرا وداء السكري، قد يصاحب بعضها ألم وفقد للإحساس وردود الفعل المنعكسة التى تحمى الجسم عند التعرض للإصابات ما يؤدي إلى التقرحات وربما البتر، إضافة إلى ضمور العصب البصري الذي يؤدي إلى العمى، وفقد التوصيل في العصب الدماغي الثامن يوقف السمع، ونوبات الصرع تعتبر نبضات كهربائية زائدة.

مؤخرا أصبح الكشف عن سلامة كهرباء الجسم من أبرز التحاليل الطبية التي يطلبها الطبيب من المريض.. فمن منا لم يُطلب منه أو من أحد أقاربه رسم قلب أو ورسم مخ وعضلات، أو قياس سرعة توصيل عصب؟

من المفيد عرض نبذة مختصرة عن هذه المجموعة من التحاليل "الكهربائية" التي يطلبها الأطباء باستمرار، ليكون القاريء على دراية بها ويعرف لماذا ومتى تطلب منه. 
 
رسم القلب إجراء بسيط ولا يستغرق أكثر من عشر دقائق ويوفر معلومات كثيرة عن القلب، يُطلب إذا اشتكى المريض من آلام في الصدر أو ضيق في التنفس أو اختلال في النبض، وعند تضخم القلب وضعف عضلته والكشف عن مدى تغذيتها بالدم، كذلك في التشوهات الخلقية وخلل الصمامات والتحري عن مستوى عناصر كالبوتاسيوم والكالسيوم، وقد يُطلب هذا الرسم أثناء الراحة ويعاد عند بذل الجهد، وظهرت مؤخرا أجهزة محمولة صغيرة لرسم القلب لمن يحتاجون مراقبة طويلة في بيوتهم دون الذهاب إلى المستشفيات.

وتخطيط المخ إجراء مهم أيضا ويُطلب في إصابات الرأس واختلال الذاكرة والصرع والتهابات المخ وأورامه، وأيضا في حالات الغيبوبة والخرف، وصممت له كذلك أجهزة متنقلة لمن لا يستطيع الانتقال إلى المستشفى.

أما رسم العضلات فيقيس شدة الانقباض ونسبة الألياف العضلية القادرة على القيام به، وكثيرا ما يُطلب معه قياس سرعة التوصيل في الأعصاب، والفكرة فيه هي قياس سرعة توصيل الكهرباء في طول معين من العصب ومقارنتها بالسرعة في نفس الطول من عصب مناظر له في الجهة الأخرى.

ولسلامة المخ والأعصاب وكهرباء الجسم عموما ثبت أن مجموعة فيتامين "ب" وخصوصا ب6 وب12 ضرورية جدا، مع الأغذية الغنية بعناصر الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم كالألبان والحبوب والبقوليات والأسماك، وتحاشي الجفاف بكثرة شرب السوائل، وممارسة الرياضة والنوم الكافي المنتظم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط