الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وصف بيعها بالجريمة الدولية.. خبير آثار يكشف سلبيات اتفاقية الملكية الفكرية ويحمل اليونسكو المسئولية

صدى البلد

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق أثار جنوب سيناء، أن عرض بيع آثار مصر حاليًا بلندن هى جريمة دولية يتحملها المجتمع الدولى واليونسكو، والقضية لها عدة أبعاد قانونية وأثرية ولطالما استمرت هذه الأمور بدون حلول لن يتوقف نزيف استغلال الآثار المصرية بالخارج بكل الطرق دون أدنى حقوق لأصحاب الحضارة الأصلية.

جاء ذلك علي خلفية بيع أثار مصرية في مزاد بصالة كريستيز في لندن ومنها رأس تمثال توت عنخ أمون، حيث أشار إلى اتفاقية حقوق الملكية الفكرية "الويبو" وهى أحد ملحقات اتفاقية التجارة العالمية التربس الذى بدأ سريانها فى منتصف عام 1995، ووضعتها الدول المتقدمة تكنولوجيًا بحجة أن الدول النامية تستفيد من الاختراعات والاكتشافات العلمية دون أن تدفع ثمنًا باهظًا لهذا الاستغلال.

وقال ريحان إن هذه الدول نفسها لم تضع بندًا لحقوق الحضارة فى هذه الاتفاقية، مما يجعلها تكيل بمكيالين فهى تعرض آثارًا مصرية بمتاحفها تتكسب منها المليارات، دون أن تدفع ثمنًا لاستغلالها هذا الحق،هذا غير استنساخ التماثيل واللوحات والمقابر المصرية والمدن المصرية مثل الأقصر والتى تدر الملايين على هذه الدول.

وأوضح أن هذه الدول تعرض الآثار المصرية فى متاحفها وتحقق أعلى إيرادات بوجودها فى أى متحف بالخارج، كما تقوم بتأجير الآثار المصرية الموجودة بمتاحفها لتدر عليها الملايين دون أى حق مادى لمصر نظير هذا الاستغلال، لحين اتخاذ الإجراءات القانونية لاستردادها فهى آثارًا مصرية وآثار مصر تملأ متاحف العالم ومنها متحف اللوفر والمتحف البريطانى ومتحف الأرميتاج بروسيا ومتحف بوشكين فى موسكو ومتحف برلين وتورونتو ومتحف المتروبوليتان فى نيويورك وغيرها.

وأضاف أنه من العجيب اكتشاف آثارً مصرية بالخارج مهربة ناتج أعمال الحفر خلسة، باعتبارها آثارًا غير مسجلة لأنها لم تكتشف بالطرق العلمية عن طريق المجلس الأعلى للآثار،صاحب الحق الوحيد فى أعمال الحفائر الأثرية على أرض مصر أو من يصرّح له سواءً كانت بعثات آثار من جامعات ومعاهد أجنبية معروفة أو بعثات آثار من الجامعات المصرية.

ورغم ذلك يطلب الجانب الأجنبى من مصر إثبات أن هذه آثارًا مصرية وحين ترد مصر بأنها آثارًا مصرية ولكنها غير مسجلة يعتبرها الجانب الأجنبى مسوغًا له لبيع هذه الآثار فى المزادات العلنية، وهذا ما يحدث مع الآثار المصرية بين حين وآخر حيث يعطى الجانب الأجنبى لنفسه شرعية زائفة بأحقيته فى بيع هذه الآثار ناتجة عن عدم وجود حقوق ملكية فكرية للآثار فى اتفاقية "الويبو".

وأكد ريحان أن السؤال الذى يجب طرحه على الجانب الأجنبى حين يطلب مستندًا لملكية مصر للآثار المصرية المهربة لديه، هل تستطيع أنت أن تثبت لنا أن الآثار المهربة لديك هى آثارًا غير مصرية؟ وبأى تعريف ستبيع هذه الآثار؟ ستبيعها بالطبع على أنها آثارًا مصرية حتى تربح المليارات فهل يحق لك أن تسأل بعد ذلك مصر عن مصريتها؟

وقدم ريحان حلولا دولية لذلك، وهى أن تقدم وزارتا الآثار والخارجية رسميًا عن طريق إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية وللمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)،بوضع الآثار كبند رئيسى ضمن الاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية والتى تتجاهل الآثار تمامًا فى تعريفها للملكية الفكرية.

وتابع:يجب أن تستند مصر في ذلك على فقدان 700 قطعة أثرية من الآثار المصرية كانت بمتحف البرازيل ودمرت بالكامل فى حريق المتحف العام الماضي،مما يعنى فقدان جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة مصر وتاريخها وحضارتها، ولم تملك مصر أمام هذه الكارثة أى حق للمطالبة بتعويضات تتحملها البرازيل والمجتمع الدولى نتيجة تجاهله لحقوق الآثار والحضارة فى الاتفاقية الدولية.

وطالب ريحان بأنه يجب أن يتضمن تقدم وزارة الآثار والخارجية للويبو تعريفًا دوليًا واضحًا للآثار،ويقترح أن يكون التعريف الوارد فى المادة 2 من قانون حماية الآثار المصرى رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 باعتبار مصر أشهر دولة فى العالم فى الآثار كمًا وكيفًا وعراقة.

وأكد أن وجود تعريف دولى للآثار يساهم فى عقد اتفاقات ثنائية بين مصر والعديد من الدول التى ترفض عقد اتفاقيات ثنائية،بحجة عدم وجود تعريف دولى للآثار ومنها فرنسا،حيث أن عودة الآثار حاليًا تتم عبر معاهدات ثنائية بين مصر وهذه الدول،أو علاقات ودية بين الدول فى ظل عدم توافر غطاء قانونى دولى يحمى حقوق هذه الآثار.

وحمّل ريحان اليونسكو مسئولية كبرى،حيث أن الاتفاقيات الدولية المفترض أنها أبرمت لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية،هى نفسها تضع قيودًا لعودة الآثار ومنها اتفاقية اليونسكو التى أبرمت عام 1970 وصادقت عليها باريس عام 1997 النص القانونى الدولى الوحيد لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتحف الفنية،والمنظم لآلية عودة القطع الفنية التى تم الحصول عليها بشكل غير شرعى إلى بلادها الأصلية فهى تضع عائقًا أما عودة الآثار المنهوبة قبل هذا التاريخ.

وقال ريحان أن الاتفاقية تتعارض مع مصالح مصر رغم أنها من الدول الموقعة عليها مع 143 دولة وأعطت الاتفاقية الحق لهذه الدول بالمطالبة باسترداد الآثار المسروقة بعد عام 1970 فقط فى حين أن أغلب الآثار المصرية التى سرقت وخرجت من مصر بطرق غير مشروعة كانت قبل هذا التاريخ وهو ما يجعل مصر فى موقف حرج،وبناءً عليه تلجأ مصر إلى الاتفاقيات الثنائية التى تعقدها مع الدول بعيدًا عن هذه الاتفاقية لتلافى هذا البند غير المنصف.

وأشار ريحان إلى أن كثيرًا من دول أوروبا تتعامل مع الآثار المصرية على أنها سلع تجارية مثل أى سلعة وبالتالى إذا عادت لنا آثارًا مهرّبة يكون من باب الحرص على العلاقات الودية وليس كحق أصيل لنا، ورغم أن هذه الدول موقعة على اتفاقية اليونسكو إلا أنها غير موقعة مع مصر على اتفاقية ثنائية بإعادة الآثار المسروقة

ومن هذا المنطلق يطالب الدكتور ريحان بمطالبة مصر بتعديل هذه الاتفاقية التى تهدر حق مصر فى استرداد آثارها ومعظمها هربت قبل عام 1970 وعقد مؤتمر دولى لوضع تعريف دولى للآثار يتم على أساسه وضع حقوق ملكية فكرية للآثار ضمن اتفاقية الويبو ووضع قواعد لاحترام الآثار والنظر إليها كمنتج حضارى لدول عريقة فى حضارتها وتغيير نظرة الأوروبيين للآثار باعتبارها سلعة تباع وتشترى فى أى وقت.