الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تركيا بين العثمانية والفارسية.. والمصير المجهول


لا يمكن أبدًا تجاهل القرارات والإجراءات التي تتخذها تركيا في مناحى عدة، أو المرور حولها دون تحليل ورصد وتبيان للحقائق والادعاءات.

"فتركيا أردوغان" خلال الفترة الأخيرة دأبت على اتخاذ قرارات هوجاء، أقل ما يقال عنها إنها منفلتة وغبية وعدوانية، تعبر عن مزاج غاضب لأردوغان الإخواني، وتدفعه لتحدي العالم!

والبداية بالقرار التركي الخطأ، بارسال سفينتين للتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط وبالتحديد على سواحل قبرص. وهو قرار أقل ما يقال فيه، أنه من أغبى قرارات أردوغان وأكثرها حماقة.

صحيح ان "غاز المتوسط" يثير شهية كل الدول التي تطل على هذه المنطقة، خصوصا بعدما أظهرت التقديرات الأمريكية أن احتياطي الغاز في شرق المتوسط يكفي استهلاك أوروبا كاملة لنحو 30 عامًا، الا أن هذا لا يبرر لأردوغان الواقع بين الهوى العثماني والفارسي، أن يركب دماغه – ويتخيلها عافية- ويدخل بسفن تركية للتنقيب عن الغاز في مياه قبرص. وكـأن المتوسط "تكية عثمانية قديمة"، أو إحدى المناطق الخاضعة لهيمنته وانفرد بها أجداده!

قراره بالتنقيب عن الغاز في المتوسط، أظهر حماقته ودفع مصر والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، لاستنكار مثل هذا القرار وإدانته بشدة. والمتوقع عقوبات أوروبية صارمة ضد أردوغان قد تطرده أو تنهي بالأحرى حلمه القديم بالالتحاق بالاتحاد الأوروبي للأبد.

أردوغان الغارق في الأوهام العثمانية والفارسية، يعرف تمامًا أنه لن يستطيع أن يستخرج برميل نفط أو متر مكعب من الغاز ولن يقبل أحد بوجوده في هذه المنطقة والمياه الاقليمية التي لا تخصه. لكنها قرارات التصادم واختلاق الصراعات والمشاكل على الطريقة الإيرانية.

ويبدوا أن اردوغان وبعد صدمة فوز إمام اوغلو ببلدية اسطنبول وسقوط حليفه يلدريم، وتأكده من أنه يخسر أصوات الأتراك بمعاركه واندفاعاته وأخطائه الكارثية، أصبح يخرج من خطأ لخطأ ومن جريمة لكارثة.

تدخل أردوغان في ليبيا كذلك، وإعلانه صراحة التصدي للجيش الليبي بعدما أعلن الجيش، مواجهة تركيا والميليشيات المتحالفة معها بكل قوة. ودعمها الغير محدود للإرهاب. يؤكد ان رجب أردوغان اصبح يتواجد دائما في المكان الخطأ. صحيح أن هناك مليارات الدولارات التي قد ينهبها نظامه، بعلاقات مشبوهة مع ميليشيات ليبيا، وبسيطرتها على بعض حقول النفط. لكن أي قراءة استراتيجية للوضع في ليبيا تؤكد لأردوغان لو كان يبغي الحقيقة، أن مشروعه في ليبيا سينحسر وينهزم، فليبيا ليست سوريا والعراق، وليست من جوار بلده ووجوده "الشيطاني" لا أساس له سوى التوسع والعدوان ومضايقة مصر أو التوهم بإمكانية فعل ذلك، لأنها أجهضت المشروع الإخواني في مصر.

أما القرار الثالث الخطأ لأردوغان، فهو إقدامه على ابرام صفقة اس 400 مع روسيا، وتسلم الدفعة الأولى منها. بالرغم من تحذيرات واشنطن بأن ابرامه لصفقة إس 400 سيحرمه من الحصول على مقاتلات إف 35 الأمريكية، ويوقف برامج تدريب الطيارين الأتراك عليها في واشنطن.

أردوغان الحالم، يعتقد أن بإمكانه حيازة أفضل نظام دفاع جوي روسي في العالم، وحيازة أفضل هجوم جوي أمريكي في العالم والجمع بينهما!

وهو بذلك كما قال أحد النواب الأمريكان، "لقد أوضحنا الطريق أمام أردوغان لكنه اختار الطريق الخطأ".

صفقة إس 400 ستدفع واشنطن حتما لفرض عقوبات على تركيا. والأيام القليلة القادمة حبلى بالمفاجآت.

المقزز في تصرفات أردوغان السياسية، أنه يريد أن يجمع بين العثمانية التي أكلت دماغه، وتوهمه أنه قد يعيد مجد الدولة الغابرة. وخيالاته في نفس الوقت، انه قد يستطيع السير على الطريق الإيراني، ويفعل مثل طهران ويضع أقدامه في أماكن عدة في سنوات قليلة. ولا يعرف انه لو اتسعت أقدامه عن مقدار خطوته سيسقط حتما على وجهه، وهو ما حدث مع الاقتصاد التركي الذي يترنح ويدفع فاتورة باهظة لجموحه وعدوانيته.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط