إدارة الثقافة فى مصر

حرصت قبل كتابة هذا المقال على استطلاع آراء البعض في الثقافة المصرية وسعيت لمعرفة ما يريدون استحداثه وما يريدون استبعاده ،لأنى قصدت أن أكتب مقالة فى صورة رسالة إلى الدولة أو رسالة فى صورة مقالة لمن يهمه الأمر ، وأحسب أن الأمر يهم الجميع على المستوى الرسمى والشعبى وذلك لما للثقافة من أثر سريع فى رقى وتطور الأمم خاصة إذا ما أدركنا يقينا،أن منتج الثقافة ، السلوك ، و أن منتجات السلوك ، قيم حضارية كبري ،اذا توافرت فى مجتمع إرتقى وتحضر، وإن غابت عنه تخلف وسقط ؛ على سبيل المثال ومن أجل الشرح فقط نضرب الأمثلة التالية:-
ثقافة النظام تؤدى إلى سلوك احترام القانون، ومنتج ذلك السلوك ،تحقق العدل فى المجتمع ،،
ثقافة العناية والإهتمام بالجسد ،تؤدى إلى سلوك الرياضة البدنيةوالنظافة الشخصية ،ومنتج ذلك السلوك، الصحة والعافية.
الثقافة البيئية تؤدى إلى سلوك الحفاظ على البيئة ، ومنتجات ذلك السلوك، الهواء النظيف والتوازن البيولوجى وتحسن المناخ .
ثقافة المعرفة تؤدى إلى سلوك البحث الإطلاع،ومنتج ذلك السلوك الوعى والحكمة والإبداع وهكذا..
ما سبق لم يكن سوى أمثلة فقط ، نسوقها لنوضح معنى الثقافة وأهميتها على المجتمع والفرد لكنى مع ذلك سأكون أمينا فى نقل ما وصلنى من الأصدقاء والإشارة المباشرة لما يفتقدون من سلوكيات حضارية ، ومن الجدير بالملاحظة أنهم لم يتحدثوا عن الإبقاء على ثقافة ما، بل تحدثوا فقط عما يفتقدونه من سلوك ، وكأنهم فقدوا الثقة تماما في أن يكون متوطن لدينا من الثقافات أو السلوكيات أو العادات ،شىء ذو قيمة يمكن الحديث عنه،و السعى للإبقاء عليه ، ومايلى كان ملخص ما يريدون توافره فى المجتمع المصري المعاصر.
o تأصيل مبدأ التسامح الدينى والقضاء على التطرف والسلطة الدينية.
o التمتع بروح العمل الجماعى و روح الفريق.
o التمسك بالنهج العلمى.
o وتنقيح الموروث الشعبي معالمحافظة على التراث.
o نشر روح المبادرة و النظام و تهذيب سلوكيات التعامل المتبادل
o احترام الخصوصية و المساواة و نشر مبدأ تكافىء الفرص.
o الإستغلال الجيد للتكنولوجيا.
o حسن اختيار الكوادر والقيادات والممثلين عن الشعب
o بناء جيل من لمثقفين ذو رسالة ملائمة لحاجة المجتمع.
o الإهتمام بالإعلام والفن كمنصات تربية وتوعية أخلاقية هامة.
لو تركت باب الإستقصاء مفتوحا لمدة أطول، بالطبع كنت سأتلقى المزيد من الحاجات الثقافية التى يفتقدها الناس ، وأطن أنهم مخلصون فى مطالبهم صادقون فى مسعاهم محقون كل الحق ؛ فكل ما طالبوا به، سلوكيات غائبة تماما أو على الٌأقل ناقصة أو بها عوار واضح أو تشوه ، ومن العجيب أن الإستقصاء شمل ما يقرب من الفين إلا أن عدد لا يتعدى 10 أفراد فقط تفاعلوا معى و دونوا مطالبهم و أمانيهم الثقافية و هذا يقودنا إلى سلوك :-
o غياب الإيجابية و إنعدام روح التفاعل البناء
و هذا ما وددت ان أضيفه إلى أجندة السلوكيات التى يجب أن نتخلص منها بسرعة ،،
ما سبق يلقى الضوء على أهمية الثقافة ويشرح معناها وأثرها وهذا بدوره يقود إلى الحديث عنالإدارة الثقافية للبلاد ،،
فليس لأنها ثقافة أو لأنها مفهوم إجتماعي معنوى لا يمكن أن تخضع لقانون الإدارة الكمية (أرقام ومعايير وأهداف ونسب ورسومبيانية واسهم صاعدة وأُخرى هابطة) وذلك مصداقا لمبدأ إدارى عتيد يقول : ما لايمكن حسابه لا يمكن إدارته.
السؤال الأن : هل لدى القائمين على الشأن الثقافي المصري أدوات كمية لقياس الظواهر الثقافية والسلوكية؟ وهل لديهم معايير أداء بالأرقام ؟وهل تلك المعاييرإن وجدت ستخدم الهدف وتخلق الثقافة التى هى أُم السلوك الذى نبتغيه ؟
وهل يعى القائمون على الثقافة أنهم يعملون فى مهنة التنقيح والإصطفاء والتحديث الثقافي والفرزالمستمر بما ينتج سلوكيات وأنشطة ترسخ القيم الحضارية التى يتطلبها العصر ؟
أعتقد أن عدم وجود إجابة أو حتى مشاريع إجابة على كل تلك المسائل تعدبالنسبة لى هول و فزع أكبر ، فنحن بالفعل نعيش واقعا لا نرى فيه أى انفوجراف من وزارة الثقافة يطلعنا على أى ارقام تشير إلى اتجاه الصعود أو الهبوط فى الثقافة ومظاهرها وفعالياتها واثارها كما هو الحال مثلا فى البورصات ، ومع ذلك ولأهمية موضوع الإدارة الكمية سأخصص المقال القادم للحديث عن كيفية ادارة الثقافة ادارة كمية يمكن بها قراءة الحال الثقافى وتحليله وتعديله للأفضل.