الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حظوظ الدنيا!


حظوظ الناس في الحياة تم توزيعها من الله تعالى توزيع ابتلاء، بمعنى أن الإنسان مبتلى وممتحن فيما أعطاه الله، ومبتلى وممتحن فيما منعه، فالمال حظ، والوسامة حظ، والذكاء حظ، والزواج الجيد حظ، والأولاد الصالحين حظ. 
لقد أعطى تعالى كل إنسان حظًا من الحظوظ وحرمه حظًا آخر، أعطاه المال وحرمه من الصحة، أعطاه الصحة وجعله فقيرًا، أعطاه الزوجة الصالحة وحرمه الأولاده الصالحين، أعطاه الأولاد الصالحين وزوجته لا ترضيه، هذا الفرق في الحظوظ يثير الأسئلة والأحقاد عن وجود أغنياء وفقراء، أقوياء وضعفاء، أصحاء ومرضى، لولا أن هناك يوم القيامة الذي سيأخذ فيه الناس حقهم، فالإنسان لن ترتاح نفسه إلا إذا آمن باليوم الآخر. 

فالدنيا دار ابتلاء، فقد أعطى تعالى إنسان القوة، وأعطى إنسان الوسامة، وأعطى إنسان المال، وقد تجد إنسان قوي لكن أخلاقه سيئة، وقد تجد إنسان أخلاقه حسنة لكنه ضعيف، أما أن يجتمع في إنسان الأخلاق الحسنة مع القوة فهذا شيء نادر.
فالغنى امتحان والفقر امتحان، القوي له امتحان والضعيف له امتحان، والسؤال: ماذا فعلت بالقوة وبالصحة؟، ماذا فعلت بوقت الفراغ؟، أنت ممتحن بقوتك وبصحتك وبوقتك، وممتحن بمالك وذكائك.

فمثلًا الغنى والفقر مادتان للامتحان، وإذا تصورنا رجلان عاشا ستين عامًا بالتساوي، أحدهما غني يأكل أغلى الطعام ويرتدي أفخم الملابس، والآخر فقير يأكل من فضلات الطعام ويرتدي الملابس البالية، لكن لو تصورنا أن السنوات الستون انتهت، والغني رسب في الامتحان بسبب تكبره بماله ومنعه عن الفقراء والمحتاجين وأنفقه على شهواته، والفقير نجح في الامتحان بسبب صبره وتعففه: (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) القصص 61، إذا رسب الغني فهو في جهنم، وإذا نجح الفقير فهو في الجنة.

الموت ينهي كل شيء، ينهي غنى الغني وفقر الفقير، وينهي صحة الصحيح ومرض المريض، وينهي قوة القوي وضعف الضعيف، ينهي جمال الجميل ودمامة الدميم، كل هؤلاء مصيرهم إلى الموت، ويبقى العمل، ويبقى عليه الثواب أو العقاب، فعلى الإنسان أن لا يقلق إن كان حظه قليلًا، ولكن عليه القلق على نجاحه في امتحان الدنيا أو عدم نجاحه.

لقد أعطى تعالى الملك لعدو لله وهو فرعون، وأعطى المال لعدو لله وهو قارون، فالعطاء في الدنيا لا يعني الرضا من الله، بل قد يعني العكس، فعلى الإنسان أن لا ينشغل بالحظوظ ويرضى بما أعطاه الله له، وأن يعمل للآخرة، ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط