الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في المولد النبوي الشريف.. تعرف على الصحابي أئتمنه الرسول على السر

المولد النبوي
المولد النبوي

المولد النبوي.. أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- خطورة المنافقين على الدعوة الإسلاميّة، وعلى الرغم من أنّه كان يعلم بوحيٍ من الله تعالى له أسماءهم وأعيانهم إلّا أنّه لم يفضحهم على الملأ على الرغم من أفعالهم ومكائدهم ضدّ الإسلام، ولم يقاتلهم؛ حتّى لا يقال إنّ محمدًا يقتل أصحابه، بل اكتفى -عليه الصلاة والسلام- أن يستودع أحد الصحابة الكرام أسماء هؤلاء المنافقين، وهو الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان.

ذكرى المولد النبوي.. ولد الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- في مكة المكرمة، وأبوه اسمه حسل أو حسيل بن جابر العبسيّ الغطفانيّ الذي فرّ إلى يثرب من مكة حينما اتهم بقتل رجلٍ فيها، وفي يثرب حالف حسيل بني عبد الأشهل فسمي باليمان، وقد تزوج منهم الرباب بنت كعب الأشهلية التي أنجبت له حذيفة رضي الله عنه.

كان والد حذيفة - رضي الله عنه- من الذين بايعوا النبي - عليه الصلاة والسلام- في بيعة العقبة، إلّا أنّ حذيفة - رضي الله عنه- لم يسلم إلّا عندما وصل النبي الكريم مهاجرًا إلى المدينة المنورة.

جهاد حذيفة بن اليمان
مولد النبى.. شارك حذيفة - رضي الله عنه- في كثيرٍ من المعارك الإسلاميّة، وقد كانت غزوة أحد أولى تلك المشاهد التي أبلى فيها بلاءً حسنًا، وفي أحد سجل التاريخ لحذيفة موقفًا إيمانيًّا عجيبًا حينما رأى والده يُقتل بالخطأ على يد رجلٍ مسلم ٍمن جيش المسلمين، وعلى الرغم من ذلك لم يزد حذيفة على أن يقول لقاتله سوى: (يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)، وبعد انتهاء المعركة أمر النبي - عليه الصلاة والسلام- بدفع دية والد حذيفة، حيث استلمها رضي الله عنه، ووزعها على فقراء المسلمين.

شارك رضي الله عنه في معارك فتح العراق والشام، وفي معركة نهاوند كلفه الفاروق رضي الله عنه بدعم جيش المسلمين، وأوكل إليه تسلم راية الجيش إذا استشهد قائد الجيش النعمان بن مقرن، وحينما أخذ حذيفة الراية صاح بالمسلمين محفّزًا لهم على القتال من أجل النصر أو الشهادة ممّا كان له الأثر الأكبر في هزيمة الفرس واندحارهم.

حذيفة بن اليمان في عهد الفاروق عمر رضي الله عنه
كان حذيفة بن اليمان من المقربين إلى الخليفة ومن المستشارين الأجلاء، فقد أدرك الفاروق فضل حذيفة عندما استودعه النبيّ أسماء المنافقين، وحينما كان الفاروق رضي الله عنه يهمّ بالصلاة على أحدٍ من المسلمين ينظر في صفوف المصلين يبحث عنه، فكان إذا افتقده علم أنّ الميت من المنافقين الذين ذكرهم النبي الكريم فيقول للناس: صلوا على صاحبكم

المولد النبوي.. محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
اسمه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، وقد وُلد يتيمًا في مكة المكرمة في عام الفيل، فقد توفّي والده وأمّه آمنة بنت وهب حاملٌ به، ولمّا بلغ السادسة من عمره توفّيت أمّه فعاش يتيم الأم والأب في كنف جدّه وعمّه أبي طالب الذي رعاه وأحسن إليه، وقد عمل عليه الصلاة والسلام في صغره برعي الأغنام، ثم في التجارة، ولما بلغ الخامسة والعشرين من عمره تزوّج خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، ولمّا بلغ الأربعين من العمر بعثه الله تعالى ليدعو الناس لتوحيد الله تعالى، واجتناب عبادة الأصنام.

وكان آخر الأنبياء والرسل محمد - صلى الله عليه وسلم-، كما جاء في قول الله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)، ولم يبعث الله تعالى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم إلى قومه خاصة كسائر الأنبياء والرسل، وإنما بعثه إلى الناس كافة، مصداقًا لقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).

أعمال الرسول اليوميّة
تعدّ أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالًا يُقتدى به، ومن هذه الأعمال والعبادات:

1 ) صلاة الفجر: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبدأ يومه بصلاة الفجر، فقد كان يصلّي بأصحابه رضي الله عنهم، ثم يجلس ويذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم يجلس مع الصحابة -رضي الله عنهم- ويتحدّث معهم.

2) صلاة الضحى: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلّي الضحى أربع ركعات، ويزيد عليها في بعض الأحيان، مصداقًا لما رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- انها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ ما شَاءَ اللَّهُ).

3) أعمال البيت: وبعد الانتهاء من الصلاة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرجع إلى بيته الشريف، فيقوم بخدمة أهله، فقد ثبت عنه أنه كان يرقّع ثوبه، ويحلب شاته، ويخصف نعله، ويخدم نفسه، ولمّا سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن أعمال النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيته، فقالت: (كان بشرًا من البشرِ؛ يَفْلِي ثوبَه، ويحلبُ شاتَه، ويخدمُ نفسَه).

4) القيلولة: عند الظهيرة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقيل ليستعين على قيام الليل، ورُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقول: (قِيلُوا، فإنَّ الشياطينَ لا تَقِيلُ).

5) جمع المسلمين: رُوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر المنادي أن ينادي بالناس قائلًا: (الصلاة جامعة) عندما يريد أن يجمعهم لأمرٍ مهم؛ كإرسال البعوث، أو تذكير الناس، أو إخبارهم بتشريع.

6) تفقّد أحوال المسلمين: ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يتفقّد أحوال المسلمين في أسواقهم ومعايشهم، ويجلس في مجالسهم، ويجيب دعوتهم، ويزور مريضهم، ويلبّي حاجة المساكين والضعفاء، وكان يقضي أغلب يومه في الدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإعانة المحتاج، والتشريع، والجهاد.

7) صلاة العشاء: عند حلول الليل كان -عليه الصلاة والسلام- يصلّي بالناس العشاء، وفي حال وجد ما يهمّه من أمر المسلمين كان يجلس مع كبار أصحابه -رضي الله عنهم- ويشاورهم، وإلا سمر مع أهله بعض الوقت.

8) قيام الليل: رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان ينام أوّل الليل، ثم يقوم فيصلّي ما شاء الله له أن يصلي، إلى أن يسمع أذان الفجر فيصلّي ركعتين ثم يخرج إلى الصلاة.

9) بعض الأعمال في رمضان: ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينوي الصيام في كل يومٍ من رمضان، ويتسحّر على تمراتٍ أو قليلٍ من الطعام، ثم يصلّي الفجر، ويجلس في المسجد إلى طلوع الشمس، أما عند الغروب فقد رُوي أنه كان يقول أذكار المساء، وبعض الأدعية، حتى يدخل وقت الصلاة، فيُفطر، ثم يصلي.

فضائل أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم
1 ) التوسّط: فقد كان -عليه الصلاة والسلام- متوسّطًا فيما شرعه من الدين، بعيدٌ عن الغلوّ والتقصير، وخير الأمور أوسطها.

2) الجهاد: فقد جاهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأعداء على الرغم من كثرة عددهم وقلة عدد أصحابه -رضي الله عنهم- حتى أثخن فيهم وأصبح الكفار يهابونه، وصار ينتصر عليهم بالرعب، وكان من خصائصة الشجاعة في الحروب، والنجدة، والمصابرة، وخير دليل على ذلك ثباته يوم حنين لما ولّى عنه الناس، ولم يبقى حوله إلا تسعة رجال، وهو ينادي في أصحابه ويقول: (أنا النَّبيُّ لا كَذِب، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلب)، حتى رجعوا إليه.

3) الجود والكرم: فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكرم الناس، فقد جاد بكل ما عنده، وآثر غيره على نفسه بكل ما يحبّ من متاع الدنيا، حتى توفّي ودرعه مرهونة عند يهودي على صاع من الشعير ليطعم به أهله.

نصائح الرسول وأعمال اليوم والليلة
1) الحث على العمل الصالح: فقد نصح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصنع المعروف، والإكثار من الأعمال الصالحة، مصداقًا لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ).

2) الدعوة إلى الله تعالى: أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمّة بالدعوة إلى الله، كلّ في حدود ما يعلم، ومع من يعرف، حيث قال: (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً).

3) تعلّم القرآن الكريم وتعليمه: حثّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمّة على تعلّم القرآن الكريم وتعليمه، حيث قال: (خَيْرُكُمْ مَن تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ).

الرسول في بيته
مثّل الرسول صلّى الله عليه وسلّم أفضل صورةٍ ونموذجٍ للإنسان المسلم في بيته، فكان رغم التزاماته الكثيرة، ومشاغله الكبيرة، ورغم أنّه قائدٌ للدولة، ومبلغًّا للرسالة، وقائدًا للجيش، ومعلّمًا للنّاس، إلّا أنّه كان حريصًا على إعطاء زوجاته، وأهل بيته حقوقهم جميعًا، ويتضّح ذلك في أمورٍ كثيرةٍ، منها أنّه كان يمازح زوجاته، ويتلطّف معهن، وكان حاضرًا مع أهله في كثير من أوقاته، فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها: (كُنتُ أغتسلُ أَنا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من إناءِ واحدٍ، يبادِرُني وأبادرُهُ، حتَّى يقولَ: دَعي لي، وأقولُ أَنا: دَع لي)، ولم يكن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قاسيًا، فلم يَرد عنه أنّه ضرب أحدًا بيده الشريفة الطاهرة، بل كان حنونًا رحيمًا يعطف على أزواجه، ويعاملهن معاملةً حسنةً، ويهتمّ بأصغر حقوقهنّ، كالتجمّل لهنّ، فقد أخبرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن يدخل بيته إلّا والسواك في فمه؛ حتى لا تظهر رائحة أكله لزوجاته.

كيف كان النبي فى بيته؟
لم يكن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يأنف، ويستكبر عن القيام ببعض أمور المنزل، أو القيام بشؤونه الخاصة بنفسه، بل كان دائمًا في خدمة أهله، فكان يحلب شاته، ويرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويقوم بخدمة نفسه، ولمّا سئلت السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن حال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بيته، أجابت: (كان يكونُ في مهنةِ أهلِه تعني خدمةَ أهلِه فإذا حضرتِ الصلاةُ خرجَ إلى الصلاةِ)، ولم يكن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يعيب الطعام أبدًا، فإن أحبّه أكل منه، وإن كرهه تركه، وكانت معاملة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الحسنة تعمّ أهل بيته جميعًا، بما في ذلك أبناءه وخدمه أيضًا، فقد كان يحبّ فاطمة رضي الله عنها، ويُحسن إليها، فإذا دخلت عليه قام إليها، وقبّلها، وأجلسها عنده، وكان يُحسن معاملة خادمه أنس رضي الله عنه، حتى روى عنه قائلًا: (خدمتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عشرَ سنينَ، واللهِ ما قال لي: أفًّا قطُّ، ولا قال لي لشيءٍ لم فعلتَ كذا؟ وهلا فعلتَ كذا؟)، وكان يُوصي صحابته بحُسن الخلق مع زوجاتهم، وأهل بيوتهم.

مسكن الرسول عليه السلام
تميّز مسكنه عليه السلام بالبساطة فقد كان سقف المسكن قصيرًا مصنوعًا من أغصان وأوراق النخيل، ولا تتجاوز مساحة المسكن كاملةً 3 أمتار طولًا ومترين عرضًا، وكان سرير الرسول عبارة عن سرير مزمول بالشريط مع وسادة محشوة بالليف، أمّا المنزل فكان مفروشًا بالحصير فقط.

ملبس الرسول عليه السلام
كان لرسول الله عليه السلام نعل واحد يرتديه، أمّا ثيابه فكانت دائمة النظافة وناصعة البياض وتنبعث منها الرائحة الطيبة دومًا، حيث كان يرتدي على رأسه القلنسوة ويلفّ العمامة فوقها، أمّا الثياب فكان أحبها لرسول الله البيضاء اللون المصنوعة من الكتان أو القطن الغليظ بحيث لا تشف ما تحتها، وكان له قميص أبيض يحبّ ارتدائه وعادةً ما كان يجعل كم القميص إلى الرسغ، ولم يجمع أبدًا بين ملبسين فقد كان عندما يشتري لباسًا جديدًا لا يحتفظ بالقديم بل يقدّمه إلى الفقراء والمحتاجين.

طعام الرسول عليه السلام
لم يتذمّر الرسول أو يذمّ أي طعام طوال حياته، فإذا كان يحبّ ما قدمّ إليه أكله وإن لم يكن يحبه تركه دون أن يذمّه، وكان يبدأ أكله بقول بسم الله الرحمن الرحيم وينهيه بحمد الله وشكره، وكان يتناول طعامه بيده اليمنى ويأكل ممّا يليه حتى يشبع ولا يزيد على ذلك، أمّا التمر والحليب فكانا أحبّ الأكل إليه.