الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إثيوبيا على طريق الخراب.. أين ذهبت وعود آبي أحمد الإصلاحية الكبرى؟

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

التفاؤل والأمل.. لم يزل المراقبون يذكرون جيدًا كيف كانت هاتان الكلمتان هما الأكثر تداولًا على الألسنة عند تولي رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد منصبه العام الماضي، بل يمكن القول دون مبالغة أنهما كانتا أشبه بعنوان مرحلة، ونادرًا ما ورد ذكر إثيوبيا في محفل ما دون أن يقترن بهما.

وبفضل نجاحه في تحقيق السلام مع إريتريا، نال آبي أحمد جائزة نوبل للسلام لعام 2019، على أن الداخل الإثيوبي لم يزل يبدو مستعصيًا على جهوده، وما حققه في صدد نزع فتيل المشاحنات القبلية والإثنية ليس سوى نتائج متواضعة مقارنة بالآمال والتوقعات مرتفعة السقف التي رافقته إلى مكتب رئاسة الوزراء.

وبحسب مجلة "ذي ناشونال إنترست" الأمريكية، فقد خفتت الحماسة التي قوبلت بها وعود آبي أحمد الإصلاحية الكبرى، بدءًا من الإفراج عن المعتقلين السياسيين وحتى فتح المجال للإعلام الحر، أما الوعود نفسها فقد باتت ذكريات بعيدة لا أكثر.

وأضافت المجلة أن إدارة آبي أحمد فشلت في معالجة أسباب المشاحنات السياسية بين الأطياف المكونة للحكومة الاتحادية، فضلًا عن نزع فتيل الصراعات الإثنية، وهذان العاملان بالذات يضعان إثيوبيا على طريق الخراب، إذ فشلت الحكومة في حصد قبول قطاع معتبر من المجتمع والقبائل الإثيوبية لاعتبارها السلطة العليا في البلاد، ما فتح المجال لفاعلين قبليين لحمل السلاح في مواجهة الدولة.

ونتيجة للتجاهل شبه التام من جانب آبي أحمد وحكومته للعنف الإثني المتصاعد في إثيوبيا، يبدو السلام والأمن والاستقرار في طريقهم إلى الغياب عن معادلة السياسة والمجتمع، فالأرقام تقرع أجراس إنذار مدوية، مع فقدان الآلاف لأرواحهم في صدامات قبلية وإثنية مسلحة، ونزوح الملايين من مناطق سكناهم، ناهيك عن تأثير ذلك المدمر على الاقتصاد.

وما زاد الطين بلة أن الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية، وهي الائتلاف الحاكم في إثيوبيا، منقسمة على نفسها، وخلال الأشهر الأخيرة شرعت الأحزاب المكونة للجبهة في تبادل الاتهامات بالمسئولية عن عجز الحكومة وإخفاقها في إدارة ملفات كبرى.

ومن الأمور ذات الدلالة في هذا الصدد أن الاصوات المنتقدة لآبي أحمد وحكومته تتعالى الآن من داخل الاثنيتين الكبريين في إثيوبيا: الأمهرة والأورومو، وتلك الأخيرة ينحدر منها رئيس الوزراء الإثيوبي.

وحتى الآن لا يتجاوز موقف آبي أحمد من العنف الأهلي دعوة الشعب الإثيوبي إلى صم آذانه عمن يحاولون بث الشقاق بين مكوناته، لكنه لم يبذل جهدًا كافيًا لينأى بنفسه عن نشطاء متشددين من الأورومو يبدون قريبين منه أكثر من اللازم، ما أكسبه سمعة سيئة عن التحيز لإثنيته.

وفي خضم هذه التطورات المتلاحقة، تبدو وعود آبي أحمد بخصوص المصالحة الأهلية نسيًا منسيًا، فيما ينغلق شيئًا فشيئًا المجال السياسي الذي رافق انفتاحه انتخاب رئيس الوزراء الإثيوبي، بالتزامن مع عودة السجون لاستقبال المعارضين السياسيين.

من حسن حظ آبي أحمد أن قطاعًا لا بأس به من الشعب الإثيوبي لم يفقد ثقته به بعد، لكن ما لم يبادر رئيس الوزراء الإثيوبي بحركة سريعة لإعادة الاستقرار إلى البلاد فسيغدو ترديها في هاوية التفتت وانهيار الدولة مسألة وقت.