الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. نجلاء نصير تكتب: حوادث الانتحار بين ثرثرات السوشيال ميديا وجلد الذات

صدى البلد

مما لاشك فيه أن الانتحار حرمه الله تعالى، فالانتحار من كبائر الذنوب وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل به نفسه به.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من تَردى من جبل فقتل نفسه فهو في نارجهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا ،ومن تحسَّى سمًّا فقتل نفسه ،فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا ،ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نارجهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا).

إن النفس البشرية غالية وهي ملك الله سبحانه وتعالى ولذلك ليس من حق الإنسان أن يتحكم في أمانة الله وقد جرم الدين الانتحار فقتل النفس من الكبائر ، لكن العجيب أن تتحول حالات الانتحار على السوشيال ميديا لمحتوى يتناقله رواد شبكات التواصل الاجتماعي وكل يدلي بدلوه في هذه القضية الشائكة ويفرض وجهة نظره على العام وكأنه أتى بالتحليل المنطقي الوحيد لأسباب الانتحار ويلقي باللوم على الظروف المعيشية ويتداخل الحابل بالنابل وتُسيّس حالات الانتحار ، أو يحاول البعض رصدها كظاهرة وخاصة أن الصحف تدرجها على صفحاتها وتروج للمتلقي لتشد انتباهه من خلال "عاجل " كما يروجون لفيديوهات الانتحار وكأنها فيديوهات لمباريات كرة القدم ، فيكثر النقل والشير ويدخل للمواقع الاخبارية الالكترونية مئات الآلاف للمشاهدة أو التعليق .

السؤال الذي يطرح نفسه الآن عزيزي القارئ 

ما الفائدة التي تعود على المجتمع من اتخاذ حادث انتحار ركيزة أساسية للحوار لعدة أسابيع أو أشهر على السوشيال ميديا ؟

فلماذا تحول القارئ لقاضي وجلاد ؟

ألا يشعر من يبرر الانتحار أنه يرتكب جريمة في حق النفس البشرية التي لا يمتلكها البشر، فهذه جريمة بما تحمله الكلمة من معنى ويجب علي المجتمع أن يراجع سلوكياته ، فأين الوعي الديني وأين دور المؤسسات الدينية من مساجد وكنائس في توعية المواطنين بتبعات قرار الانتحار ، فإذا تلوث الوعي الجمعي تحول الهروب من الحياة من أسهل الحلول عند فاقدي الإيمان ،قال تعالى : (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).

ومن متابعتي للتعليقات التي تحمل الكثير من الإسقاط النفسي واعتراف البعض برغبته الملحة في الانتحار أرى أن ذلك يعد ناقوس الإنذار لإعادة التفكير في الأسباب التي أدت لعدم خوف البعض من حدود الله ونغمة اليأس التي يتشدق بها البعض في التعليقات هي تحريض صريح على القتل، فالنفوس الضعيفة سهلة الانصياع لمثل تلك الصيحات حتى وإن قرأ أحدهم ولم يعلق، ربما يجد في التعليقات ضالته وخاصة أمام سيل المبررات واختلاق البعض للأسباب التي دفعت المنتحر للقدوم على فعلته، فالفيسبوك وتوتير يتابعه أطفالنا وشبابنا فرفقًا بنا وكفى ثرثرة من خلال الشاشات، أبنائي وبناتي أتمنى عليكم ألا تتابعوا ثرثرات الفيسبوك وتوتير فأنتم لا تعلمون الخلفية الفكرية والثقافية والدينية لرواده ،حافظوا على طموحكم وتمسكوا بأحلامكم ولا تستمعوا لمن يحاول زرع الطاقة السلبية في دروبكم فأنتم أملنا وثمار حياتنا.