الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد شيخو يكتب: تركيا الجغرافية والسلطة

أحمد شيخو
أحمد شيخو

مع اقترابنا من انتهاء معاهدة لوزان التي وُقِعت بعام 1923م، وما تضمنته من شروط مفروضة على تركيا المستحدثة مثل علمانية الدول ومنع تركيا من التنقيب عن النفط واعتبار مضيق بوسفور ممرًا دوليًا لايحق لتركيا تحصيل الرسوم، رغم ان بعضها عُدِل حسب الظروف الجيوستراتيجية . نرى ان اللاعبين الاساسيين في النظام العالمي يفكرون مرة أخرى في كيفية توظيف هذه الجغرافية ومن عليها لمصالحهم نظرًا للازمة التي تعانيها النظام العالمي بعد انتهاء صلاحيات الدول القوموية التي اوجدتها و التي باتت الان عقبة امام اعادة الهيمنة وتمكينها مرة أخرى.

ان سلوك تركيا وخصوصًا في فترة حكم اردوغان يثبت ان هذه السلطة تترنح و تتجار بجيواستراتيجية تركيا للمحافظة على بقائها ولوصولها لعام 2023بعيدًا عن مصالح الشعوب في تركيا والمنطقة وبل على دمائها .
ان محاولات السلطة الحالية التركية المؤلفة من (الاسلام السياسي حزب العدالة والتنمية وجهازها السري من الداعشيين + القومويين العنصريين الحركة القومية التركية) واقترابها من روسيا ومحاولتها تغير حقيقة عداء جغرافيتها لروسيا ماهي محاولة لتجديد ارتباط مستقبل تركيا بالنظام العالمي لتحقيق تسوية هي مستحيلة معها كما حاول ويحاول النظم القوموية المغتربة عن الشعوب والمجتمعات عكس مجرى جريان الهيمنة.

لو امعنا في بعض من تصرفات السلطات التركية وتقربها من روسيا لنجد انها تحاول ان تجعل نفسها ممرًا للغاز الروسي الى آوربا وبدأت ببناء محطة اكويو للمفاعلات ولدى اردوغان هدف في إيصال التبادل التجاري مع روسيا إلى 100مليار دولار وعمد الى شراء س_400 والتفَ على العقوبات الامريكية على ايران وفنزولا وحاول الكف عن إستعمال الدولار في تعامله مع روسيا و احتل أجزاء من شمالي سوريا وشمالي العراق وتمدد في المنطقة ويهدد الاستقرار والأمن في المشرق المتوسط وشمال افريقيا وشكل المجلس التركي من بعض الدول الناطقة بالتركية للتمدد شرقًا ويهدد أوربا بالدواعش عن طريق إرسال اللاجئين .

مع العلم ان الاتراك خاضوا في التاريخ حوالي 12 معركة مع الروس انتصر الروس في اغلبها وفرضوا معاهدات قاسية على الاتراك في ايام العثمانية او الجمهورية وحتى الاتفاقات بين بوتين واردوغان مثل اسقاط الطائرة الروسية وغيرها في السنوات الاخيرة.

وفي نفس الوقت لاردوغان علاقة شخصية شعبوية ومادية من خلال بناء مقربوه برج ترامب المشهور في اسطنبول عام 2012 و من خلال شركة دوريا انترناشيونال لتاثيث العقارات و ومن خلال صهره البيراق ومحمد علي يالجين داغ رئيس مركز الاعمال التركي الامريكي مع ترامب وأمثال مايكل فلين وكوشنير وماخفيى اعظم حتى ان اردوغان تراجع عن دبلومسية الرهائن الداعشية مع القس برونسون.

كما أن تركيا تستفيد من الاتفاقات التجارية الجمركية للاتحاد الاوربي مع اليابان ودول الامريكة الجنوبية .

ان إنسحاب امريكا من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى (500_5500 كيلومتر )مع روسيا لعام 1987 ، وانسحابها من الاتفاق النووي مع ايران وانسحابها الجزئي من شمالي سوريا الذي انعش داعش وغيرها من الالتزمات الدولية زاد من قلق أوربا والمنطقة ، وجعل لتموضع تركيا ولجغرافيتها الاستراتيجية ولنموذج سلطتها الحالية مكمن الخطر مالم يتم اخذ التدابير الازمة.

لو دققنا في تركيا لوجدنا أن اقتصادها على شفى الهاوية بسبب الحروب التي تخوضها في الداخل والخارج ضد الشعب الكردي وشعوب المنطقة كما قال أردوغان لناخبيه ايام الانتخابات بقوله " أي طماطم وبطاطس تتحدثون ، الافضل أن تفكروا في تكلفة الطلقة النارية"، ولعرفنا ان هذا الاقتصاد مرتبط بالدول الغربية في جزئه الأكبر حيث ان حجم التبادل التجاري بين تركيا والاتحاد الاوربي تجاوز 154.5 مليار يورو في عام 2017.

كما ان الجيش التركي وتسليحه وتدريبه من حلف الناتو وحتى رادرات الانذر المبكر بمدينة ملاطيا وقاعدة انجرليك يوضح تبعية الجيش مهما حاول اردوغان التشدق والتلاعب على الحبال بين الاوراسيين والامريكيين فمربطه عند ثلاث اليهود والانكليز والامريكيين.

بمعنى ان الجيش والاقتصاد التركي اي القوى الخشنة تنبع وتصب في نهر النظام العالمي. اما عنصرا الزمن والجغرافية الذين لهما الكلمة العليا في تحديد الثقل الاقليمي والمصير لاية قوى او حركة يحتاجان الى القوى الناعمة المشكلة من قوة الثقافة والسياسة والفكر وهي عادة مستمدة غالبيتها من المجتمع وهما ليسا في صالح السلطة التركية الحالية على المدى المتوسط والبعيد لانها في حالة عداء طويل مع المجتمع وتحاول التنكيل به وانكار حقوقه وحريته.

لو اراد النظام العالمي لركعوا اردوغان خلال اسبوع وجعلوه عبرة لغيره ولجعلوه واقفًا امام محكمة لاهاي كمجرم حرب على فعلته بسور آمد، شرناخ، عفرين ورأس العين، لكن بتصرفاته وسلوكه انما يمهد الطريق لمشاريع اعدت للمنطقة ولذالك حالة اللاستقرار الذي يخلقه ليس من صنع يده فقط مع العلم ان شخصيته البلطجية القادمة من حي قاسم باشا في اسطنبول يمتلك رغبة بان يصبح نيرونًا او هتلرًا او ربما ابو جهلًا حسب الرياح الآتية.

اود الاشارة لنقطة كل دول المنطقة والعالم ورغم ادعائهم ورغبتهم بمتابعة ازالة داعش وخلاياه ومعرفتهم بان بقاء داعش هو ببقاء اردوغان والاخوان الا انهم مازالوا يمدونه باسباب القوة ويحافطون على علاقاتهم العسكرية، الأمنية، الثقافية، الاقتصادية والتجارية مع سلطات اردوغان دون اي تغيير بل يحاولون تقديم التنازلات وابداء المرونة له وهذا اخطر مافي الامر لان الدكتاتوريين عندها يزداد شهيتهم للتحكم والسيطرة اكثر وهذا ما يحصل الآن فمثلَ أردوغان لن يوقف إلا اذا انكسر وهزم في مكانًا ما وعندها لن يبقى منه شيئ، لكن لا أحد يريد اخذ مهمة إنكسار أردوغان الاولى التي ربما ليست ببعيدة بعد الحديث عن احزاب من رحم العثمانيين الجدد واعتراف الكونغرس بابادة الآرمن و محاولته الاخيرة في ليبيا وسوريا فاحفاد عمر المختار وصلاح الدين سيجددون ملاحم مقاومتهم في وجه العثمانيين الجدد وجيشهم ومرتزقتهم سواء في تركيا، سوريا، العراق وليبيا مع التاكيد على ان دول و شعوب المنطقة والعالم مطالبة بدعم هذه المقاومة الإنسانية ضد ظلم وبلطجة الاردوغانيين.