الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بمناسبة الليلة الكبيرة.. أثري يؤكد اهتمام الحكام المصريين عبر التاريخ بالمشهد الحسيني

صدى البلد

يحتفل المصريون يوم الثلاثاء المقبل بالليلة الكبيرة لمولد سيدنا الحسين، والذي يعد من أهم الاحتفالات الاجتماعية ذات البعد الروحي والوجداني في مصر، حيث يأتي له المحبون والمريدون من بقاع الدنيا محبة لآل البيت ولقدر سيدنا الحسين.

وقال الأثري سامح الزهار المتخصص في الآثار الإسلامية والقبطية، لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، إن للمشهد الحسيني مكانة خاصة عند المصريين بين مشاهد أهل البيت في مدينة القاهرة، وذكر علي مبارك" أن المصريين يحتفلون بمولد الإمام الحسين طوال شهر ربيع الثاني كل سنة".

وأوضح أنه تم بناء مشهد الإمام الحسين في زمن الخليفة الفاطمي "الفائز بنصر الله" عام 1154م، وأشرف على البناء الوزير الصالح طلائع بن رزيك، حتى عام 1171 م، وقد أنشأ القائد صلاح الدين الأيوبي مدرسة بجوار الضريح عرفت باسم (المشهد)، وهي المدرسة التي هُدمت فيما بعد وبنى في مكانها الجامع الحالي.

وأضاف أنه في نهايات العصر الأيوبي تحديدًا عام 1235 م، قد شرع " أبو القاسم بن يحيى بن ناصر السكري"، المعروف باسم (الزرزور) في بناء مئذنة فوق باب المشهد المعروف حاليا باسم (الباب الأخضر) ، وقد توفي أبو القاسم بن يحيى قبل أن يتم بناء المئذنة فأتمها ابنه عام 1236م.

وأشار إلى أن المئذنة حافلة بالزخارف الجصية، وتبقى منها قاعدتها المربعة وعليها لوحتان تذكاريتان من الرخام تتضمن تاريخ بناء المئذنة واسم المنشىء، وعلى إحدى اللوحتين كتابة نصها (الشيخ الصالح المرحوم أبو القاسم بن يحيى المعروف بالزرزور ابتغاء وجه الله ورجاء ثوابه وكان تمامها على يدى ولده محمد سنة ثلاثة وثلاثين وست مائة عفا الله عنه)، وعلى الثانية كتابه بذات المعنى بها تاريخ 634هـ.

ولفت الزهار إلى أنه تبقى من المشهد الحسيني الأصلي الفاطمي بالإضافة إلى قاعدة المئذنة الأيوبية أحد أبواب المشهد وهو المعروف باسم الباب (الأخضر) وهو مبني بالحجر.

وأكد اهتمام حكام مصر في كل الأزمنة بمشهد سيدنا الحسين وعمارته وترميمه وزخرفته ووقفوا عليه أوقافا كثيرة للمحافظة عليه ونظافته ومن الأمراء والولاة العثمانيين الذين اعتنوا بالمشهد الحسيني وجددوه/، الوالي العثماني السيد محمد باشا الشريف 1595 -1597م والأمير حسن كتخدا عزبان الجلفي الذي قام عام 1712م بتوسيع المشهد وصنع له تابوتا من خشب الابنوس المطعم بالفضة والصدف.

وتابع قائلا إنه في عام 1761 جدد المشهد الحسيني الأمير عبدالرحمن كتخدا، وفي عام 1789 قام أحد أعيان القاهرة وهو"السيد علي أبو الأنوار" بعمارة المشهد وتوسيعه، وأثبت ذلك على الباب الشمالي للقبة.

وأضاف أن الخديو إسماعيل أمر عام 1862 بتجديد المشهد وتوسيعه وبناء الجامع الحالي، وقد تم بناء الجامع عام 1873، وبناء مئذنته الحالية عام 1878، ونقل الخديوي إلى جامع الحسين مبنر خشب بديع من (جامع أزبك)، الذي هدم عند إعادة تخطيط حي الأزبكية والعتبة عام 1869.

وأوضح أن الخديوي عباس حلمي الثاني، أمر في العام 1893، ببناء غرفة في الناحية الجنوبية لقبة المشهد، خصصت لحفظ الآثار النبوية الشريفة التي تشمل، قطعة من قميص النبي محمد (ص)، ومكحلة ومرودين وقطعة من عصاه وشعرتين من اللحية الشريفة، بالإضافة إلى مصحفين شريفين نسب أحدهما إلى الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، ونسب الثاني إلى الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب.
وكشف عن أهم ما تبقى من المشهد الحسيني الأصلي، وهو تابوت مصنوع من خشب الساج الهندي عثر عليه الأثري المصري حسن عبد الوهاب في سبتمبر عام 1939 في حجرة أسفل أرضية الضريح، وقام بوصفه وصفا شاملا، وذكر أن التلف قد دب في أجزائه بعد أن ظل في مكانه هذا محتجبا عن الأنظار نحو 8 قرون، ونسب صناعته إلى عبيد النجار المعروف بابن معالي وهو صانع تابوت الإمام الشافعي.
وقال إن لجنة حفظ الآثار العربية قد قامت بترميم هذا التابوت النادر ونقلته إلى دار الآثار العربية (متحف الفن الإسلامي) في يناير سنة 1945 حيث يعرض للزائرين منذ ذلك التاريخ، مشيرا إلى أن التابوت مسجل بمتحف الفن الإسلامي برقم 15025 ، مقاس التابوت 185×132×135 سم.
وأضاف إن التابوت مكون من ثلاثة أجناب ويوضع الجنب الرابع في مواجهة الحائط، وهو مقسم زخرفيا إلى مستطيلات رأسية وأفقية تتكون من حشوات هندسية نجمية وسداسية منفذة بالحفر البارز يفصل بينها أشرطة مملوءة بكتابات قرآنية منفذة بالخط الكوفي المزهر والبسيط وبخط النسخ الأيوبي وهو يشبه في أسلوب الحفر والزخرفة إلى حد كبير تابوت الإمام الشافعي المؤرخ 574 هـ (1178 م) في فترة حكم صلاح الدين الأيوبي.
ولفت إلى أن المشهد الحسيني وجامعه نال عناية الحكومة بعد ثورة يوليو 1952 فتم توسعة ساحة الصلاة حتى بلغت 3340م2 ،وتم إنشاء مبنى إداري للمشهد والجامع، ومكتبة في الجهة الشرقية على امتداد القبة ومصلى للسيدات. 

وأوضح أنه في السنوات الأولى من ثمانينات القرن العشرين قامت هيئة الآثار بإجراء أعمال ترميم وتجديد للمشهد الشريف والجامع الحسيني وهو التجديد الذي تم فيه تغيير طاقية قبة المشهد التي ترجع إلى أعمال الأمير عبدالرحمن كتخدا التي أجراها بالمشهد سنة 1761. 

وبدأت الدولة حاليا مشروعا لتطوير منطقة مسجد الحسين، بما يتلاءم مع المكانة الدينية والتاريخية والأثرية للمسجد والمنطقة المحيطة به، ليتكامل ذلك التطوير مع خطة تطوير القاهرة التاريخية، لكي تستعيد القاهرة رونقها، وتنتعش مكانتها كإحدى أهم مدن العالم الإسلامي.