الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسام عيسي يكتب: صراع مع التحديات

صدى البلد

تحديات عصيبة كُتب على مصر خوضها في 2019، ورغم تلك الأجواء المضطربة إلا أن الدولة المصرية مازالت مستقرة وتسير نحو التنمية بخطى ثابتة، ومن خلال تلك المقالة نرصد أهم الظروف التي أحاطت بمصر وما حققته الدولة في تلك المرحلة الفارقة من التاريخ.

ويلزم في البداية الإشارة إلى الصراعات المنتشرة حول حدودنا الشرقية، الغربية، والجنوبية، فمن الناحية الشرقية يوجد فصائل مارقة بدعم من تركيا تعمل على نشر الاستثمار الأسود في سيناء؛ من أجل استنزاف موارد الدولة، عرقلة مسيرة التنمية ، وإظهار مصر بصورة الدولة غير القادرة على حماية أمنها وبالتالي انعدام فرصة الاستثمار الأجنبي، فالإرهاب في تلك المنطقة ليس دفاعًا عن عقيدة بل هو إرهاب من أجل الإرهاب، ويحدث ذلك بسبب الغاز، فعلى سواحل البحر المتوسط في منطقة العريش يتواجد حقل " نور ".

 ووفقًا لشركة إيني الإيطالية فذاك الحقل به أضعاف ما يوجد في حقل ظهر كما أنه مقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأول لمصر، الثاني لمصر وإسرائيل، الثالث لمصر وقبرص واليونان. ننوه إلى أن الفضل في ترسيم الحدود البحرية يرجع أساسًا للمجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي.

أما عن البوابة الغربية فتتجسد في ليبيا ذات العمق التاريخي والاستراتيجي مع إيطاليا، ولكن الظروف الاقتصادية المتغيرة للأخيرة مَكَن فرنسا من التغلغل داخل الأراضي الليبية واعتبارها منفذًا لها نحو الغرب الإفريقي في محاولة لتخفيف الضغوطات الأمريكية عليها في إفريقيا، ووفقًا لتلك المعطيات تُدعم مصر القوة العسكرية في المنطقة الغربية الليبية بقيادة حفتر، فعلينا أن نتذكر كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2018 حين قال: " عندما ينتهي دور داعش في ليبيا والعراق سوف ينتقلون إلى ليبيا " ، وهذا ما تحقق فعليًا فتركيا ترتكز على نقطة التعاون بينها وبين حكومة السراج المعترف بها دوليًا من خلال تقديم الحماية العسكرية والتعاون في مجالات البترول والغاز، ونوضح أن السبب الرئيسي في هذا الاتفاق هو عدم وجود ترسيم حدود بين مصر وليبيا أي أن تركيا تستطع أن تقلص من حصة مصر في الغاز بخاصةٍ مع الإعلان عن وجود حقول غاز على حدود الدولتين، لذا تعمل تركيا على استغلال مساحة 1200كم2 لنشر أتباعها من المرتزقة والإرهابين لتشتيت الدولة المصرية واستنزاف مواردها، ويتضح ذلك من خلال إحباط القوات المسلحة المصرية عددٍ من محاولات تهريب الأسلحة من الناحية الغربية ، تدمير جل السيارات ذات الدفع الرباعي، وإلقاء القبض على بعض العناصر المتسللة إلى الأراضي المصرية.

وعن الحدود الجنوبية فهي تنقسم إلى شقين، الشق الأول متمثل في دولة السودان، ومرحلة عدم الاستقرار التي تمر بها عقب الإطاحة بنظام البشير حليف تركيا الذي أهداها جزيرة سواكن في البحر الأحمر، وفي المقابل منحت السعودية جزيرة الفرسان لمصر من أجل تأمين حدودها البحرية، أما الشق الثاني يتمثل في إثيوبيا ومن خلفها إسرائيل التي تمتلك ورقة ضغط تهدد بها الأمن المائي للدولة المصرية، ولعل الداعم الأساسي لدولة إثيوبيا هي أمريكا التي صنعت منها نقطة ارتكاز في إفريقيا مع رفع تصنيف ائتمانها إلى المركز الثالث بدلًا من التاسع، ثم أخيرًا أصبحت طرفًا في المباحثات المصرية الإثيوبية، وهذا يوضح التحديات المريرة في المرحلة الحالية.

وعقب استعراض تلك الأجواء كان من المفترض انهيار الدولة وعدم استقرارها لكن حققت مصر نجاحات عديدة في كافة المجالات، ودلالات هذا التفوق يتبين في تحقيق : معدل نمو اقتصادي وصل إلى 3,8 % ، المركز الأول في إفريقيا من حيث معدل الاستثمار، رابع دولة على مستوى العالم من حيث التهيئة الاستثمارية، وصل معدل الائتمان إلى B+، يقدر الاحتياطي الأجنبي بحوالي 45 مليار دولار - وصل في 2011 إلى 12 مليار دولار-، تخطت إيرادات السياحة حاجز ال 14,6 مليار دولار بزيادة 100 مليون دولار عن العائد السياحي في 2010، انخفاض معدلات البطالة، انخفاض معدلات التضخم من 33% إلى 14%، انخفاض قيمة الدولار حيث وصل إلى 16جنيه عوضًا عن 18، انخفاض العجز في الميزان التجاري، وأخيرًا تحقيق نقلة حضارية من خلال بناء 14 مدينة جديدة ( الإحصائيات وفقًا للبنك الدولي، البنك المركزي، الهيئة العامة للاستعلامات، مؤسسة هارفارد الأمريكية، وبعض الدوريات الأجنبية في دول أوروبية).

ومع ذلك تمكنت مصر من استعادة دورها الريادي في المنطقة رغم حروبها مع الإرهاب على كافة الاتجاهات، والشائعات التي تهدف إلى فصل المجتمع عن حكومته، ففي تلك الحقبة الزمنية يتوجب على الشعب المصري مساندة قياداته ودعم جيشه لاسيما إبان دخول تركيا إلى ليبيا، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وسيطرة أمريكا على سد النهضة، فالمواطن المصري عليه أن يدرك كافة هذه التحديات ويثق أنه لا وقت للخلاف بل أنه وقت البناء والتنمية.