الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشاب والباشا.. قصة أول جريمة اغتيال سياسية في مصر الحديثة.. والقاتل يتحول إلى بطل شعبي

ناصف الورداني وبطرس
ناصف الورداني وبطرس غالي

في 20 فبراير من عام 1910 حدثت أول جريمة اغتيال سياسية لمسئول مصري في تاريخ مصر الحديثة، حين خرج بطرس غالي، رئيس وزراء مصر الأسبق، من مكتبه في هذا اليوم، وحين هم بالدخول إلى سيارته، إذ باغتته رصاصات الشاب الصيدلي ناصف الورداني، لتستقر الرصاصات في جسد الباشا، وتدخل مصر فصلا من الصراع والجدل بعد اغتيال بطرس باشا غالي.

تفاصيل عملية الاغتيال
ما إن سدد إبراهيم الورداني رصاصاته تجاه بطرس غالي، وسقط الباشا على الأرض، أمسك الحراس بالورداني قبل أن يلوذ بالفرار، وأحيل الورداني إلى التحقيق.

وعندما سُئل إبراهيم ناصف الورداني (24 سنة) في التحقيق المبدئي عن السبب الذي دفعه لقتل رئيس وزراء مصر، قال جملة واحدة: "لأنه خائن للوطن".

لماذا بطرس غالي؟
دوافع اغتيال بطرس غالي كانت موجودة، وربما كان الباشا يعلمها قبل اغتياله، إذ تشير المصادر التاريخية إلى أن بطرس باشا غالي قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة نطق قائلا كمن يبرأ نفسه من اتهامات لاحقته: "يعلم الله أنني ما أتيت ضررًا ببلادي، ولقد رضيت باتفاقية السودان رغم أنفي وما كان باستطاعتي أن أعترض عليها، إنهم يسندون إليٌ حادث دنشواي، ولم أكن منها ولا هي مني، ويعلم الله أنني ما أسات إلى بلادي".

وتحدث مؤرخون عن أسباب اغتيال بطرس غالي على يد الورداني إلى توقيعه على اتفاقية الحكم المشترك بين مصر والسودان وبريطانيا، وهي الاتفاقية التي منحت الإنجليز سلطات واسعة في مصر، كذلك ترؤسه لمحاكمة أهالي دنشواي في مقتل ضابط إنجليزي بضربة شمس، وحكمه بالإعدام على أربعة مصريين و12 آخرين بمدد مختلفة، بالإضافة إلى تمديد مشروع امتياز قناة السويس للحكومة الفرنسية مقابل مبلغ من المال إلى الحكومة المصرية، وهو الأمر الذي تسبب في غضب كبير في الشارع المصري.

إعدام الورداني وانقسام الشعب المصري
خضع الورداني لمحاكمة تحت إشراف إنجليزي، وأظهر رباطة جأش في التحقيق وكتب اعترافا بخط يده باغتيال الورداني من دون مشاركة أحد، لتحكم المحكمة على الورداني بالإعدام ، ونفذ حكم الإعدام شنقا في 28 يونيو 1910، ويدخل المجتمع المصري في انقسام حول إعدام الورداني، حيث تعاطف الشعب المصري مع الورداني، بينما كان الموقف الرسمي داعما لبطرس باشا غالي، حيث أقيمت له جنازة عسكرية ونكست الإعلام وأعلن الحداد في البلاد.

في هذا الوقت تحول إبراهيم ناصف الورداني إلى بطلٍ شعبي ورمزٍ وطني تنظم فيه الأشعار والأزجال، ومنها الشعر الشعبي: "قولوا لعين الشمس ماتحماشي لاحسن غزال البر صابح ماشي"، والذي استعير مطلعه لأغنيةٍ شهيرةٍ في الستينات، وخرجت المظاهرات ووقعت العرائض للعفو عنه وانتشرت صوره في المقاهي والأماكن العامة حتى أنه صدر قرار يُجرّم أي مصري يحتفظ بصورة الورداني وبقي ساريًا حتى ثورة يوليو 1952م.