الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يحبون النكد.. الإخوان والسلفيون يحرمون الاحتفال بعيد الأم.. والإفتاء: جائز شرعًا .. وعلي جمعة: ليس بدعة

تحريم الاحتفال بعيد
تحريم الاحتفال بعيد الأم

يوسف القرضاوي: الاحتفال بعيد الأم محرم شرعًا
ياسر برهامي: لا يجوز المشاركة في الاحتفال بعيد الأم
حاتم الحويني: عيد الأم شرك بالله والاحتفال به تشبُّه بالقوم الكافرين


يحتفل العالم، في 21 مارس بيوم الأم، ويحرم السلفيون وجماعة الإخوان الإرهابية، الاحتفال بعيد الأم، ويصدرون في ذلك فتاوى ترفضها المؤسسات الدينية الأزهر والإفتاء ووزارة الأوقاف.

وقدّم المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية، أبرز 10 إحصائيات ونتائج حول أحكام الاحتفال بعيد الأم، تزامنًا مع الاحتفال بعيد الأم، الذي يوافق يوم 21 مارس من كل عام؛ وذلك من خلال رصد ما يقرب من 2000 فتوى خاصة بتلك المناسبة صادرة من مؤسسات رسمية وشخصيات وجهات غير رسمية وتنظيمات متطرفة.

وتمثلت النتائج فيما يلي: 15% من الفتاوى المتداولة عالميًّا تدور حول المناسبات الاجتماعية، (4%) منها خاصة بعيد الأم، و60% من فتاوى عيد الأم صادرة من شخصيات غير رسمية، و(40%) منها من مؤسسات رسمية، 94% من الفتاوى الصادرة من المؤسسات والهيئات الإفتائية الرسمية تجيز التهنئة والاحتفال بعيد الأم وتعتبره من باب البر بالوالدين، وإدخال الفرحة على الأمهات، 99% من فتاوى التنظيمات الإرهابية تتضمن حكم "الكفر" وترى أن الأعياد تقتصر في الإسلام على عيدَي الفطر والأضحى، وأنه "مناسبة مستوردة من ديار الكفر".

وأضاف: 30% من رسائل التنظيمات الإرهابية عبر تليجرام تدعو المجاهدين إلى تقدير الأم من خلال نيل الشهادة وتقديم الشفاعة لها في الآخرة،
70 %  من فتاوى جماعة الإخوان الإرهابية عن عيد الأم تدور حول أحكام (غير مستحب – بدعة)، مشيرة إلى أن عدم جوازه يأتي من باب سد الذرائع.

وأكمل: أن الفتوى وفقًا للأهواء والمواقف السياسية دفعت الإخوان في مصر أثناء وجودهم بالسلطة إلى حث الناس على عيد الأم، وتوزيع البطاقات الملونة على المصلين في المساجد رغم فتاواهم السابقة بعدم الجواز، مضيفا: السلفيون الجهاديون يذهبون إلى "التحريم وعدم الجواز" بنسبة 92%، وبرروا حكمهم بأن «عيد الأم» من البدع المردودة ولا يجوز أصلًا تسميته بالعيد.

وواصل:  أنه جاءت أبرز مفردات خطاب السلفية الجهادية حول عيد الأم أنه  «عيد كُفار – يوم صليبي – مشابهة المشركين - تقليد أعمى»،  متابعًا: أن أبرز مفردات خطاب التنظيمات الإرهابية عن عيد الأم هو أنه «مناسبات ديار الكفر - مناسبات كفرية - ثكلتكم أمهاتكم – أفكار منافية لتعاليم الإسلام» 
 
الفتاوى المحرمة

وكشف المؤشر عن نماذج من أبزر الفتاوى التي تُحرم  تلك المناسبة: 
تنظيم داعش الإرهابي: ثكلتكم أمهاتكم ... الاحتفال بعيد الأم كُفر.
الشيخ يوسف القرضاوي: الاحتفال بعيد الأم محرم شرعًا.
الداعية السلفي ياسر برهامي: لا يجوز المشاركة في الاحتفال بعيد الأم، ولو حزنت أمك، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
الداعية السلفي حاتم الحويني: عيد الأم شرك بالله والاحتفال به تشبُّه بالقوم الكافرين.
موقع إسلام ويب: الاحتفال بيوم الأم لا يوافق المقاصد الشرعية، وهو من التقليد الأعمى لغير المسلمين.
موقع طريق الإسلام: الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدعٍ حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح.

وأوصت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم من خلال تقرير المؤشر، بضرورة الاستباق وإصدار فتاوى تتلاءم مع الظروف والأحداث الراهنة، ومنها حكم التجمعات العائلية للاحتفال بعيد الأم في ظل انتشار فيروس كورونا، وحكم النزول للأسواق والمحال التجارية لشراء الهدايا مع انتشار هذا الوباء المميت، وحكم السفر والتنقل داخل الدولة من أجل تلك المناسبة.

وأكدت الأمانة، أن إصدار فتاوى تتعلق بكل ما سبق تندرج تحت اسم «فتاوى الواقع» لتساير الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها المؤسسات المعنية الساعية حثيثًا لانحسار الوباء، كما أن تلك الفتاوى لا تتعارض مع الأحكام التي تبيح الاحتفال بتلك المناسبة الاجتماعية، وستكون فتاوى مؤقتة تنتهي بانتهاء أزمة فيروس كورونا، داعين الله أن يصرفه عن كل البلاد والعباد.

حكم الاحتفال بعيد الأم

وأوضحت دار الإفتاء، أن الاحتفال بعيد الأم أمر جائز شرعًا لا مانع منه ولا حرج فيه، حيث إنه من قبيل التذكرة بعمل حسن، ومشاعر طيبة للأم وعرفانًا بفضلها، منوهة بأن بر الوالدين وخاصة الأم، هو أمر منصوص عليه في الكتاب والسُنة بالكثير من الأدلة.

ونبهت على أن الاحتفال بالأم هو مظهر من مظاهر البر والإحسان المأمور بهما شرعا على مدار الوقت، قال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» [لقمان: 14]، مشيرة إلى أنه لا يوجد فى الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم، فإن هذا أمر تنظيمى لا علاقة له بمسألة البدعة التى يدندن حولها كثير من الناس، فالبدعة المردودة هى ما أحدث على خلاف الشرع.

ليس بدعة

من جانبه، أفتى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، بأن الاحتفال بعيد الأم أمر جائز شرعًا، لا مانع منه ولا حرج فيه، والفرح بمناسبات النصر وغيرها جائز كذلك، والبدعة المردودة المحرمة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله.

وأضاف «جمعة» أن الإسلام كرم الوالدين وجعلهما الله تعالى سببًا في وجود الأولاد، وقرن شكرهما بشكره؛ فقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»، كما جعل الله تعالى الأمر بالإحسـان إليهما بعـد الأمـر بعبادته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، وكان ذلك لأن الله تعالى جعلهما السبب الظـاهر في الإيجاد فكانا أعظـم مظهر كوني تجلت فيه صفة الخلق.

وأشار إلى أن النبي صلي الله عليه وسلم جعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل وجعلها مقدمة على الأب في ذلك؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: « ثُمَّ أَبُوكَ ».

وألمح إلى أن الشرع الإسلامي يقرر أن العلاقة بين الولد وأمه علاقة عضوية طبيعية؛ فلا تتوقف نسبته إليها على كونها أتت به من نكاح أو سفاح، بل هي أمه على كل حال، بخلاف الأبوة التي لا تثبت إلا من طريق شرعي.

ولفت المفتي السابق، إلى أن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاءَ بها وحسنَ برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلي الله عليه وسلم : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ».

وأوضح: أن النبي -صلي الله عليه وسلم- أقر العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية، وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم :«دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث»، وجاء في السنة أن النبي صلي الله عليه وسلم : «زار قبر أمه السيدة آمنة في أَلْفَيْ مُقَنَّع، فما رُؤِيَ أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ».

وشدد على أن معنى الأمومة عند المسلمين هو معنًى رفيع، له دلالته الواضحة في تراثهم اللغوي؛ فالأم في اللغة العربية تُطلق على الأصل، وعلى المسكن، وعلى الرئيس، وعلى خادم القوم الذي يلي طعامهم وخدمتهم، وهذا المعنى الأخير مروي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه - وهو من أهل اللغة - قال ابن دُرَيد: وكل شيء انضمت إليه أشياء من سائر ما يليه فإن العرب تسمي ذلك الشيء «أمًّا»، ولذلك سميت مكة «أم القرى»؛ لأنها توسطت الأرض، ولأنها قبلة يؤمها الناس، ولأنها أعظم القرى شأنًا.



وتابع: ولما كانت اللغة هي وعاء الفكر، فإن مردود هذه الكلمة عند المسلم ارتبط بذلك الإنسان الكريم الذي جعل الله فيه أصل تكوين المخلوق البشري، ثم وطَّنه مسكنًا له، ثم ألهمه سياسته وتربيته، وحبب إليه خدمته، والقيام على شئونه؛ فالأم في ذلك كله هي موضع الحنان والرحمة الذي يأوي إليه أبناؤها.

ونوه بأن البعض ذابت لديه قيمة الأسرة وتفككت في واقعه أوصالُها، فأصبح يلهث وراء هذه المناسبات «عيد الأم»، ويتعطش إلى إقامتها؛ ليستجدي بها شيئًا من هذه المعاني المفقودة لديه، وصارت مثل هذه الأعياد أقرب عندهم إلى ما يمكن أن نسميه «بالتسول العاطفي» من الأبناء الذين يُنَبَّهون فيها إلى ضرورة تذكر أمهاتهم بشيء من الهدايا الرمزية أثناء لهاثهم في تيار الحياة الذي ينظر أمامه ولا ينظر خلفه .


وأفاد بأنه لا مانع شرعيّ من الاحتفال بالأم، معتبرًا أن المشاركة فيه تعد نشرًا لقيمة البر بالوالدين في عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف.