الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأزهر: التنمر ضد مصابي كورونا سلوك مرفوض ومحرم.. والإفتاء: التشاؤم والاستهزاء وتحقير المصابين والمرضى سلوك ذميم.. ونقابة الأشراف تقدم مجموعة إجراءات لتصحيح اللغط بشأن الفيروس

دار الافتاء
دار الافتاء

- بعد رفض أهالي إحدى قرى الدقهلية دفن طبيبة متوفاة بـ كورونا
- الأزهر: التَّنمُّر من السّلوكيات المرفوضة 
- الإفتاء: التنمر لا يمت إلى الدين أو الأخلاق بصلة
- نقابة الأشراف: التنسيق مع الأزهر والكنيسة لتوضيح المعلومات الصحيحة حول كيفية دفن مصابي كورونا

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن التنمر على مصابي فيروس كورونا أمر محرم شرعا وسلوك مرفوض.

وأضاف الأزهر، في فتوى له، أن الإسلام أَعلَى مِن قيمة السَّلام، وأرشدَ أتباعه إلى الاتصاف بكلِّ حَسَنٍ جميل، والانتهاء عن كلِّ فاحش بذيء، حتى يعمَّ السَّلامُ البلاد، ويَسْلَم كل شيء في الكون من لسان المؤمن ويده.

وتابع: لا  عجبَ - إذا كانت هذه رسالة الإسلام - أن يكون أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حُسن خُلُقِه، قال ﷺ: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» [الأدب المفرد].

وواصل:  التَّنمُّر لمن السّلوكيات المرفوضة التي تُنافي قيمتي السَّلام وحُسْن الخُلق في شريعة الإسلام.

وأكمل: التَّنمُّر لمن لا يعرفه هو: شكلٌ من أشكال الانتقاص والإيذاء والسُّخرية يُوجَّه إلى فرد أو مجموعة، ويؤثر بالسَّلب على صحتهم، وسلامتهم النَّفسيَّة -هذا بشكل عام-، وهو لا شك سُلوكٌ شائنٌ.

وأردف: ويزداد هذا السُّلوك إجرمًا وشناعةً إذا عُومل به إنسانٌ لمجرد إصابته بمرض هو لم يختره لنفسه؛ وإنَّما قدَّره الله عليه، وكُلُّ إنسانٍ مُعرَّض لأن يكون موضعه -لا قدَّر الله-.

وشدد على أن الإسلام حرَّم الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة؛ فقال تعالى: {..وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقَالَ سيِّدُنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [سنن ابن ماجه]. 

وأفاد بأن الضَّرر الذي وجَّه الإسلام لإزالته ليس الجسديّ فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضَّرر النفسيّ الذي قد يكون أقسَى وأبعد أثرًا من الجَسَديّ.  

وأوضح أنه إذا كان الإسلامُ قد دعا المُسلمَ إلى الأخذ بأسباب السَّلامة، واتباع إرشادات الوقاية حين مُعَاملة مريضٍ مُصَابٍ بمرضٍ مُعدٍ وقال في ذلك ﷺ: «وفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» [صحيح البخاري].  

وأضاف: إنه قد دعا في الوقت نفسه إلى الحِفاظ على صِحَّة المريض النَّفسية؛ فقال ﷺ في شأن الجُذام أيضًا -وهو مرض معدٍ-: «لا تُدِيمُوا النَّظرَ إلى المَجْذُومينَ» [سنن ابن ماجه] ؛ أي لا تُطيلوا إليهم النَّظر، ولا تُّكرِّروا النَّظر لمَوَاطن المَرضِ؛ كي لا تتسببوا في إيذاء المَريضِ بنظراتكم، ولا شَكَّ أنَّ الانتباه لمُعاملة المريض وأُسرته، وعدم انتقاصهم بكلمة أو تصرُّف خُلقٌ رفيعٌ مأمورٌ به من باب أولى.

واستطرد: كما دعا الإسلام إلى احترام بني الإنسان وإكرامهم أصحاء ومرضى، أحياءً وأمواتًا؛ فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..} [الإسراء: 70].

ولفت إلى أن الإسلام دعا إلى مُداوة المرضى، والإحسان إليهم، والتَّألم لألمهم؛ فقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتفق عليه].

واختتم مركز الأزهر بيانه، قائلا: بِناءً على ما تقدم فإنَّ مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية يُؤكد أنَّ الإصابة بفيروس كُورونا ليست ذنبًا أو خطيئة ينبغي على المُصاب بها إخفاءها عن النَّاس؛ كي لا يُعيَّر؛ بل هو مرض كأي مرضٍ، ولا منقصَة فيه، وكلُّ إنسانٍ مُعرَّض للإصابة به، ونتائج إخفاء الإصابة به -من قِبَلِ المُصَابين- كارثيَّة".

وأفتي بحرمة إيذاء المُصاب به، أو الإساءة إليه، أو امتهان من تُوفِّي جرَّاءَه، وبوجوب إكرام بني الإنسان في حَيَاتِهم وبعد مَوتِهم.

ودعا إلى ضرورة تقديم الدَّعم النَّفسيّ لكلِّ مُصابي كُورونا وأُسَرهم؛ سيما جنود هذه المعركة من أطباء وممرضين، وإلى تكاتف أبناء الوطن جميعًا للقيام بواجبهم كلٌ في مَيدانِه وبما يستطيعه إلى أن تتجاوز مِصرنا الحبيبة هذه الأزمة بسَلامٍ وسَلامةٍ إنْ شاء الله تعالى.

من جانبها أعربت نقابة السادة الأشراف عن شديد اعتزازها بالدور البطولي الذي يقوم به أطباء مصر في مواجهة الوباء العالمي "الكورونا"، مؤكدة أنها لاتفوت صغيرة ولا كبيرة لإبراز المجهود الخرافي الذي يقوم به "جيش مصر الأبيض".  

وأبدت النقابة أسفها البالغ على ما بدر من بعض الأهالي في قرية "شبرا البهو" من رفض دفن الطبيبة المتوفاة بفيروس كورونا، مؤكدة أن ذلك لايعبر بأي حال من الأحوال عما يكنه الشعب المصري للأطباء، ومدى العرفان والجميل لتضحياتهم المقدسة في تلك الفترة الاستثنائية من عمر العالم.  

وثمنت النقابة التحرك الأمني الفعال في الدقهلية، وسرعة التدخل للسماح لأسرة الطبيبة بدفنها، معلنة أنها بصدد تدشين حزمة إجراءات عاجلة على أكثر من صعيد ومستوى خلال الفترة المقبلة، لمجابهة خطر كورونا من ناحية، والتوعية بشأنه وتصحيح المغلوط من وجهات النظر من ناحية أخرى.  

وأشارت النقابة إلى أنها تعتزم تحريك جهود وحملات التوعية الواسعة والشاملة في ربوع البلاد، حول خطورة كورونا، وكيفية التعامل الأمثل للوقاية من الإصابة بالفيروس، وذلك بالتوازي تماما مع مجهودات لتصحيح وجهات النظر التي توصم المصاب بكورونا، وتؤدي للتنمر عليه وإيذاءه معنويا.  

وأعلنت النقابة عن التسيق مع وزارة الصحة بمختلف قطاعاتها، لاستيفاء المعلومات الصحيحة بشأن مريض كورونا، وحتى المتوفيين جراء الفيروس، وتوضيح قيام الوزارة بالخطوات السليمة في الغسل والدفن، والتي تحول تماما دون أي عدوى، ولا تستدعي بأي شكل حالة الفزع من المتوفيين، والتي وصلت إلى رفض دفنهم.

وأكدت أنها تسعى للتنسيق مع كافة المؤسسات الدينية في البلاد، في مقدمتهم الأزهر الشريف والكنيسة المصرية ودار الافتاء ووزارة الأوقاف، لتوضيح صحيح المعلومات حول الكيفية الصحيحة لدفن مصابي كورونا، بهدف تطمين المواطنين إلى عدم خطورة الجثامين طالما يتم التعامل مع الأمر باحترافية شديدة اتبعتها الدولة المصرية في كافة الإجراءات منذ اليوم الأول لظهور الفيروس.  

وفي هذا الإطار، ثمنت النقابة الجهود الشاملة التي يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الحكومة مصطفى مدبولي، سواء للمكافحة أو التوعية، وتقديم كافة أشكال وسبل الدعم الصحي والاقتصادي للدولة ومواطنيها، معربة عن ثقتها في قدرة وصلابة الدولة المصرية على عبور أزمة كورونا وتخطيها بسلام.

من جهتها حذرت دار الإفتاء المصرية، من الاستهزاء والتنمر تجاه أى شخص يصاب سواء بفيروس كورونا المستجد أو بأى مرض آخر. 

وأضافت الإفتاء، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن التشاؤم والاستهزاء والتحقير والتنمر بالمصابين والمرضى سلوك ذميم منهيٌ عنه شرعًا. 

ظاهرة التنمر: يقصد بها الاعتداء اللفظي والجسدي المتكرر، والذي يمارسه عادة الفتى المعتدي أو الفتاة على من هم في سنهم أو أصغر، ويعتمد المعتدي على قوته، أو رُفْقَته، وفي المقابل يستغل ضعف المعتدى عليه، أو انفراده.

وأصدر الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بيانا تعقيبا على رفض بعض المواطنين دفن شهداء فيروس كورونا، قال فيه إنها لا تمت إلى الدين أو الأخلاق بصلة.