الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في شهر رمضان.. عادات وتقاليد توارثها المصريون منذ مئات السنين عن الشهر الكريم

صدى البلد

فرحة كبيرة يستقبل بها المسلمون شهر رمضان في جميع أنحاء العالم، وتتنوع المظاهر الدينية، والتراثية، التي يفعلها المسلمون في ذلك الشهر، وفي مصر مظاهر احتفالات شهر رمضان مختلفة ولها مذاق خاص، وحضور لافت يبهج النفس ويسرّ العين، وتغلفه أجواء مفعمة بالروحانية؛ تقديرًا لحضور هذا الضيف الذي يرى فيه المصريون ملاذًا وفرصة سانحة للتأمل والتقرب إلى الله.

وفي هذا الموضوع نرصد أبرز المظاهر التراثية الخاصة بالشهر الكريم، والتي توارثها المصريين أبًا عن جد، على مدار السنوات الماضية.

 

مدفع الإفطار

من الملامح الفولكلورية المميزة لشهر رمضان هو مدفع الإفطار، وقد كانت القاهرة هي أول مدينة ينطلق فيها مدفع رمضان، فعند غروب أول يوم من رمضان عام 865 هـ أراد السلطان المملوكي «خُشقدم» أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه، وقد صادف إطلاق المدفع وقت المغرب بالضبط، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم تشكر السلطان على هذه البدعة الحسنة التي استحدثها، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بالإفطار، ثم أضاف بعد ذلك مدفعي السحور والإمساك.

 

المسحراتي

كان مشهد المسحراتي ملمحًا أساسيًا من ليالي رمضان، يحبه الأطفال وينتظره الكبار، يطوف في الشوارع والحواري والأزقة بصوته الجهوري ملحنًا عباراته وابتهالاته ومدائحه، ويروي من القصص النبوي بأنغام تطرب لها الأذن.

ويُذكر أن أول من نادى بالتسحير هو والي مصر لدى المنتصر «عنبسة بن إسحاق» في سنة 238هـ، وكان يسير على قدميه من مدينة "العسكر" إلى جامع عمرو بن العاص بالفسطاط مناديًا: «عباد الله تسحروا.. فإن في السحور بركة».

وفى العصر العباسي كان المسحر ينشد شعرًا شعبيًا يعرف بالقوما، وهو شعر مخصص للسحور له وزنان مختلفان، ولا يلتزم قواعد اللغة العربية ويطلق عليه "قوما" لأنه يقول قوما للسحور.

وقُيل إن أول من اخترع فن القوما هو الشاعر "ابن نقطة " في بغداد.

وفى العصر الفاطمي أمر الخليفة الحاكم بأمر الله الناس أن يناموا مبكرين بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا الشعب للسحور، وبعد ذلك عين أولو الأمر رجلًا للقيام بمهمة المسحراتي والذي كانت مهمته المناداة: "يا أهل الله قوموا تسحروا" وكان يدق أبواب المنازل بعصا يحملها، تحولت مع مرور الأيام لطبلة يدق عليها دقات منتظمة بدلًا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمى "بازة " ومازال يطلق عليها هذا الاسم حتى الآن.

وفى العصر المملوكي ابتدع الناس بدعة جديدة يعلنون بها عن بدء موعدي الإفطار والإمساك، حيث كانوا يضيئون الفوانيس عند بدء الإفطار ويتركونها مضاءة، وعندما يحين الإمساك يطفئونها بالإضافة إلى الأذان.

وكادت مهنة المسحراتي أن تختفي تمامًا، لولا أن الظاهر بيبرس أعادها وعيَّن أناسًا مخصوصين من العامة وصغار علماء الدين للقيام بها، ليتحول عمل المسحراتي إلى موكب محبب، وخاصة للأطفال الذين تجذبهم أغاني المسحراتي ويسعدون بصوته وطريقة أدائه، وغالبًا ما كان هؤلاء الأطفال يحملون الهبات والعطايا التي كان يرسلها الأهل إلى من يقوم بعملية التسحير.

 

 

الكنافة والقطايف

ليس هناك من طعام ولا شراب اقترن اسمه بشهر رمضان أكثر من الكنافة والقطايف، على مر مئات السنين، ولذا وجدنا الحديث عنهما حيًا وحاضرًا في الأدب والشعر العربي على مر العصور، حتى إن الإمام جلال الدين السيوطي كتب رسالة، سماها: «منهل اللطايف في الكنافة والقطايف»، فضلًا عن سباق الشعوب والبلدان حول من كان له السبق في اختراعها والوصول إليها قبل غيره، وكان من أهم هذا السجالات التاريخية، ما يحدث دومًا بين المصريين والشوام.

 

ويعتبر الشعراء المصريين أول من لهج بذكر الكنافة في أشعارهم وأول من تغنى بها. ومن هؤلاء أبو الحسن الجزار المصري.

 

ويرجح عند البعض أنها شاعت عندما قدمها المصريون هدية للمعز الفاطمي عند دخوله مصر.

 

أما القطايف فقد عرفت منذ العصر العباسي؛ وجاء ذكرها في شعر ابن الرومي وكشاجم وغيرهما، ومنهم من شبهها بحقاق من العاج، ومنهم من شبهها بوصائف قامت بجنب وصائف، ومنهم من شبهها وقد رصت في الأطباق بالمصلين الذين يسجدون وراء الإمام.

البعض يرجع أصل تسمية القطايف بهذا الاسم لتشابه ملمسها مع ملمس قماش القطيفة "المخمل"، وقيل أيضًا إنه عندما قدمت اتخذت هذا الاسم، وذلك حين قدمت كفطيرة محشوة ليقطفها الضيوف فلقبت فطيرة القطائف، ثم تحول الاسم عن طريق دخول العامية فتحولت إلى "قطايف".

 

امتلاء الشوارع بالمواطنين والخيام الرمضانية

ومن مظاهر الاحتفال بالشهر، إمتلاء الشوارع بالناس وتنتشر الخيام الرمضانية بالمدن وتبدأ العادات والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين ففى أول اسبوع من رمضان يتبادل الزيارات وتناول الافطار والولائم مع الاهل والأقارب والأصدقاء ويشترى الأطفال الفوانيس وتعلق الزينة والفوانيس في جميع أنحاء المدينة وتكثر صلوات التهجد والتراويح.